موسوعة الفرق

المَطلَبُ الثَّاني: وَحدةُ الأوطانِ


إنَّ دَعوتَهم إلى وَحدةِ الأوطانِ تَعني أنَّ العالَمَ كُلَّه يجِبُ أن ينتَميَ إلى وطَنٍ واحِدٍ، فتَنمَحي الحُدودُ بَينَ البُلدانِ، ويتَعايشُ النَّاسُ فيها ويلتَقونَ على الحُبِّ والولاءِ المُشتَرَكِ الذي لا بُدَّ حَتمًا أن يكونَ للبَهاءِ وأتباعِه.
قال البَهائيُّ جون أسلمنت: (ومِنَ التَّعصُّباتِ الرَّديئةِ التي تَلحَقُ بالتَّعَصُّبِ الجِنسيِّ التَّعَصُّبُ السِّياسيُّ أوِ الوطَنيُّ؛ فقد حانَ الوقتُ لأن تَندَمِجَ الوطَنيَّةُ الضَّعيفةُ ضِمنَ الوطَنيَّةِ العُموميَّةِ الكُبرى التي يكونُ فيها الوطَنُ عِبارةً عنِ العالمِ بأجمَعِه، فيقولُ بهاءُ اللَّهِ: قد قيلَ في السَّابقِ: "حُبُّ الوطَنِ مِنَ الإيمانِ"، وأمَّا في هذا اليومِ فلسانُ العَظَمةِ ينطِقُ ويقولُ: "ليس الفَخرُ لِمَن يُحِبُّ الوطَنَ، بل لمَن يُحِبُّ العالَمَ") [3936] يُنظر: ((بهاء الله والعصر الجديد)) (ص: 161)، نقلًا عن ((البهائية نقد وتحليل)) لظهير (ص: 114). .
وتَناقُضُ البَهاءِ المازَنْدرانيِّ صاحِبِ الفِكرةِ قَبلَ غَيرِه مِن أتباعِه أكبَرُ دَليلٍ على كذِبهم في إخلاصِهم لسَعادةِ البَشَر؛ فبَينَما هو ينهى عنِ الانتِسابِ إلى وطَنٍ بعَينِه إذا به يبكي ويندُبُ حَظَّه على فِراقِ وطَنِه -أرضِ الطَّاءِ كما يُسَمِّيها، ويعني بها طِهرانَ في إيرانَ- ويتَأسَّفُ لغُربَتِه في العِراقِ وتُركيا وفِلَسطينَ.
ويُظهرُ هذا في رِسالةٍ إلى أحَدِ أصدِقائِه قائلًا له: (يا أحمَدُ، لا تَنسَ فضلي في غَيبَتي، ثُمَّ اذكُرْ أيَّامي في أيَّامِك، ثُمَّ كُربَتي وغُربَتي في هذا السِّجنِ البَعيدِ) [3937] يُنظر: ((لوح أحمد)) (ص: 155)، نقلًا عن ((البهائية نقد وتحليل)) لظهير (ص: 117). ، ويقصِدُ بهذا السِّجنِ وطَنَه الجَديدَ فِلَسطينَ، ثُمَّ يُنادي أرضَ طِهرانَ فيقولُ: (يا أرضَ الطَّاءِ، لا تَحزَني مِن شَيءٍ قد جَعَلَكِ مَطلَعَ فرَحِ العالمَينِ، افرَحي بما جَعَلَك اللَّهُ أُفُقَ النُّورِ، وُلدَ فيك مَطلَعُ الظُّهورِ) [3938] ((الأقدس)) (ص: 56، 57). أي: نفسُه.
وهذا الكلامُ والأسى والحُزنُ على وطَنِه طِهرانَ، وذَمُّه لفِلَسطينَ بتَسميتِه لها أرضَ الخاءِ، يعني الخَرابَ: تَناقُضٌ ظاهرٌ؛ إذ كيف يزعُمُ أنَّه لا يجوزُ تَفضيلُ وطَنٍ على وطَنٍ، ثُمَّ بَعدَ ذلك يمدَحُ وطنًا ويذُمُّ آخَرَ؟
وتبعًا لمَحوِ فِكرةِ الأوطانِ دعا لمحوِ فِكرةِ الجِهادِ وحَملِ السِّلاحِ، كما سيأتي.

انظر أيضا: