الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّلُ: اختِلافُ الرَّاهِنِ والمُرتهِنِ في قَدْرِ الرَّهنِ


اختلَف العُلَماءُ في حُكمِ اختِلافِ الرَّاهِنِ والمُرتهِنِ في قَدْرِ الرَّهنِ على قولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: إذا اختلَف الرَّاهِنُ والمُرتهِنُ في قَدْرِ الرَّهنِ صُدِّقَ قولُ الرَّاهِنِ معَ يَمينِه، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّةِ [395] ((الفتاوى الهندية)) (5/ 469)، ويُنظَر: ((بدائع الصنائع)) للكساني (6/ 174). ، والشَّافِعيَّةِ [396] ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (10/ 169)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (2/ 349). ، والحنابِلةِ [397] ((الإقناع)) للحجاوي (2/ 168)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/ 352). ، وذلك لأنَّ الأصلَ عَدمُ الرَّهنِ إلَّا فيما أقرَّ به، ولأنَّ كُلَّ مَن كان القولُ قولَه إذا اختلَفا في أصله، كان القولُ قولَه إذا اختلَفا في قَدْرِه، كالزَّوجِ في الطَّلاقِ [398] يُنظر: ((تكملة المجموع)) للمطيعي (13/ 253). .
القولُ الثَّاني: إذا اختلَف الرَّاهِنُ والمُرتهِنُ في قَدْرِ الرَّهنِ صُدِّق قولُ المُرتهِنِ معَ يَمينِه، وهذا مَذهَبُ المالِكيَّةِ [399] ((الكافي)) لابن عبد البر (2/ 817) ((الشرح الكبير)) للدردير (3/ 258). ، ورجَّحه ابنُ تيميَّةَ [400] قال ابنُ تيميَّةَ: (وإذا اختلف الرَّاهِنُ والمُرتَهِنُ في قَدْرِ الدَّينِ، فالقولُ قولُ المُرتَهِنِ ما لم يَدَّعِ أكثَرَ من قيمةِ الرَّهنِ، وهو مذهَبُ مالكٍ) ((الفتاوى الكبرى)) (5/ 395)، ويُنظَر: ((إغاثة اللهفان)) لابن القيم (2/ 48). ، وابنُ القيِّمِ [401] قال ابنُ القَيِّمِ: (إذا رهَنه دارًا أو سِلعةً على دَينٍ، وليس عندَه من يشهَدُ على قَدْرِ الدَّينِ ويكتبُه، فالقولُ قولُ المُرتَهِنِ فيُقَدِّرُه ما لم يَدَّعِ أكثَرَ من قيمتِه، هذا قولُ مالكٍ. وقال الشَّافعيُّ، وأبو حنيفةَ، وأحمدُ: القولُ قولُ الرَّاهِنِ. وقولُ مالِكٍ هو الرَّاجِحُ) ((إغاثة اللهفان)) (2/ 48). ، وذلك لأنَّ اللهَ سبحانه جعَل الرَّهنَ بدلًا مِن الكتابِ يشهَدُ بقَدْرِ الحقِّ والشُّهودِ التي تشهَدُ به، وقائِمًا مَقامَه، فلو لم يُقبَلْ قولُ المُرتهِنِ في ذلك بطلَت الوَثيقةُ مِن الرَّهنِ، وادَّعى المُرتهِنُ أنَّه رهَن على أقلِّ شيءٍ، فلم يكنْ في الرَّهنِ فائِدةٌ [402] يُنظر: ((إغاثة اللهفان)) لابن القيم (2/ 48). .

انظر أيضا: