الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: اشْتِراطُ كَوْنِ المالِ المُحالِ به لازِمًا


اختَلَف العُلَماءُ في اشْتِراطِ كَوْنِ المالِ المُحالِ به لازِمًا على قَولَينِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: يُشتَرَطُ كَوْنُ المالِ المُحالِ به [98] المالُ المُحالُ به هو الدَّيْنُ الَّذي في ذِمَّةِ المُحيلِ للمُحالِ. لازِمًا [99] الدَّيْنُ اللَّازِمُ أو المُسْتقِرُّ هو كثَمَنِ المَبيعِ، والأُجْرةِ بَعْدَ تَمامِ المُدَّةِ، والقَرْضِ، والمَهْرِ بَعْدَ الدُّخولِ. والدَّيْنُ غَيْرُ اللَّازِمِ أو غَيْرُ المُسْتقِرِّ هو كمُؤَخَّرِ مَهْرِ المَرْأةِ قَبْلَ الدُّخولِ بِها، والأُجْرةِ قَبْلَ اسْتيفاءِ المَنْفَعةِ. ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفِيَّةِ [100] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/268)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/341)، ويُنظَرُ: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/16). ، والمالِكِيَّةِ [101] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (6/30)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (3/ 326)، ((منح الجليل)) لعليش (6/180). ، والشَّافِعِيَّةِ [102] لكنَّ الشافِعِيَّةَ قالوا بصِحَّةِ المُحالِ به إذا كانَ صائِرًا إلى اللُّزومِ، كالثَّمَنِ في مُدَّةِ الخِيارِ. ((روضة الطالبين)) للنووي (4/229)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/228،230). ، وقَوْلٌ عِنْدَ الحَنابِلةِ [103] الحَنابِلةُ يُعبِّرونَ بالمُسْتقِرِّ. ((الإنصاف)) للمرداوي (5/167). ، وذلك لأنَّ الحَوالةَ لا تَثبُتُ إلَّا للحَقِّ المُسْتَقِرِّ في الذِّمَّةِ [104] ((البيان)) للعمراني (6/280). .
القَوْلُ الثَّاني: لا يُشتَرَطُ كَوْنُ المالِ المُحالِ به لازِمًا، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ [105] الحَنابِلةُ يُعَبِّرونَ بالمُستقِرِّ. ((الإنصاف)) للمرداوي (5/167)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/135)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/384). ، وقَرَّرَه ابنُ عُثَيْمينَ [106] قالَ ابنُ عُثَيْمينَ: (قَوْلُه: «ولا يُعتَبَرُ اسْتِقرارُ المُحالِ به» أي: إنَّ المُحالَ به لا يُشَتَرَطُ اسْتِقرارُه، وهو الدَّيْنُ الَّذي على المُحيلِ، والمُحالُ عليه هو الدَّيْنُ الَّذي على الشَّخْصِ المُحالِ عليه، فلو أنَّ المُكاتِبَ أحالَ سَيِّدَه بدَيْنِه على مَن في ذِمَّتِه دَيْنٌ مُسْتقِرٌّ للمُكاتِبِ، فإنَّ الحَوالةَ صَحيحةٌ؛ لأنَّه لا يُشتَرَطُ اسْتِقرارُ المُحالِ به، ومِثلُ لو أحالَ الزَّوْجُ زَوْجتَه بمَهْرِها قَبْلَ الدُّخولِ على شَخْصٍ يَطلُبُه، فيَجوزُ، مِثالُ ذلك: تَزَوَّجْتُ امْرأةً بعَشَرةِ آلافِ رِيالٍ، وأَطلُبُ رَجُلًا بعَشَرةِ آلافِ رِيالٍ، فأَحَلْتُها بعَشَرةِ آلافِ رِيالٍ على الرَّجُلِ الَّذي أَطُلبُه، فهذا يَجوزُ؛ لأنَّ طَلَبي على فُلانٍ مُسْتقِرٌّ، لكنَّ طَلَبَ المَرْأةِ عليَّ غَيْرُ مُسْتقِرٍّ، لكنَّه لا يَضُرُّ؛ لأنَّ اسْتِقرارَ المُحالِ به ليس بشَرْطٍ، لكنَّ هذه المَرْأةَ لا تَملِكُ أن تُطالِبَ هذا الرَّجُلَ بمَهْرِها قَبْلَ الدُّخولِ، لكنَّها تَعرِفُ أنَّ حَقَّها عِنْدَ هذا الرَّجُلِ). ((الشرح الممتع)) (9/212). ، وذلك لأنَّ المَدينَ له تَسْليمُ الدَّيْنِ قَبْلَ اسْتِقرارِه، وحَوالتُه به تَقومُ مَقامَ تَسْليمِه [107] ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/384). .

انظر أيضا: