الموسوعة الفقهية

الفَرْعُ الأوَّلُ: إجارةُ الأرْضِ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ أو ما يَقومُ مَقامَهما مِن النُّقودِ


تُباحُ إجارةُ الأرْضِ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأرْبَعةِ: الحَنَفِيَّةِ [496] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (3/413)، ((المبسوط)) للسرخسي ((23/11). ، والمالِكِيَّةِ [497] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (6/120)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (3/373). ، والشَّافِعِيَّةِ [498] ((الحاوي الكبير)) للماوردي (7/453)، ((المجموع شرح المهذب)) تكملة المطيعي (14/ 420). ويُنظَرُ: ((مختصر المزني)) (8/228)، ((نهاية المطلب)) للجويني (8/219). ، والحَنابِلةِ [499] ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/534)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/559). ، وهو قَوْلُ أَكثَرِ السَّلَفِ [500] قالَ ابنُ قُدامةَ: (رُوِّينا هذا القَوْلَ عن سَعْدٍ، ورافِعِ بنِ خَديجٍ، وابنِ عُمَرَ، وابنِ عبَّاسٍ. وبه قالَ سَعيدُ بنُ المُسَيِّبِ، وعُروةُ، والقاسِمُ، وسالِمٌ، وعَبْدُ اللهِ بنُ الحارِثِ، ومالِكٌ، واللَّيْثُ، والشَّافِعيُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأيِ. ورُوِيَ عن طاوُسٍ والحَسَنِ كَراهةُ ذلك). ((المغني)) (5/318). ، وحُكِيَ الإجْماعُ على ذلك [501] قالَ ابنُ المُنذِرِ: (أَجْمَعوا على أنَّ اكْتِراءَ الأرْضِ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ وَقْتًا مَعْلومًا جائِزٌ، وانْفرَدَ طاوسٌ والحَسَنُ فكَرِهاها). ((الإجماع)) (ص: 105). وقالَ ابنُ بَطَّالٍ: (اتَّفَقَ العُلَماءُ على أنَّه يَجوزُ كِراءُ الأرْضِ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ، قالَ ابنُ المُنذِرِ: وهذا إجْماعُ الصَّحابةِ، وذَهَبَ رَبيعةُ إلى أنَّه لا يَجوزُ أن يُكْرى بشيءٍ غَيْرِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ. وقالَ طاوُسٌ: لا تُكْرى بالذَّهَبِ ولا بالفِضَّةِ، وتُكْرى بالثُّلُثِ والرُّبُعِ. وقالَ الحَسَنُ البَصْريُّ: لا يَجوزُ أن تُكْرى الأرْضُ بشيءٍ لا بذَهَبٍ وفِضَّةٍ ولا بغَيْرِهما). ((شرح صحيح البُخارِيِّ)) (6/487). .
الأَدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن سَعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عن سَعْدِ بنِ مالِكٍ، قالَ: ((كُنَّا نُكْري الأرْضَ على عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما على السَّواقي مِن الزَّرْعِ، وبما سَعِدَ بالماءِ مِنها، فنَهانا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك، وأَذِنَ لنا -أو رَخَّصَ- بأن نُكْريَها بالذَّهَبِ والوَرِقِ)) [502] أخرجه أبو داود (3391)، وأحمد (1582) واللَّفْظُ له. صَحَّحَه ابنُ حبَّانَ في ((الصَّحيحِ)) (5201)، وذَكَرَ ابنُ حَزْمٍ في ((المُحَلَّى)) (8/221) أنَّ فيه مَجْهولًا، وذَكَرَ ابنُ القَطَّانِ في ((الوَهْمِ والإيهامِ)) (3/175) أنَّ فيه: مُحمَّدَ بنَ عِكْرِمةَ: مَجْهولُ الحالِ. وصَحَّحَ إسْنادَه أحْمَد شاكر في تَخْريجِ ((مُسنَدِ أحْمَدَ)) (3/88)، وحَسَّنَ الحَديثَ الألْبانيُّ في ((صَحيحِ سُنَنِ أبي داودَ)) (3391)، وحسَّنَه لغَيْرِه شُعَيْب الأرْناؤوط في تَخْريجِ ((سُنَنِ أبي داودَ)) (3391). .
2- عن حَنْظلةَ بنِ قَيْسٍ الأنْصاريِّ، قالَ: سَألْتُ رافِعَ بنَ خَديجٍ عن كِراءِ الأرْضِ بالذَّهَبِ والوَرِقِ، فقالَ: ((لا بَأسَ به، إنَّما كانَ النَّاسُ يُؤاجِرونَ على عَهْدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الماذِياناتِ، وأقْبالِ الجَداوِلِ وأشْياءَ مِن الزَّرْعِ، فيَهلِكُ هذا ويَسلَمُ هذا، ويَسلَمُ هذا ويَهلِكُ هذا، فلم يكنْ للنَّاسِ كِراءٌ إلَّا هذا، فلذلك زُجِرَ عنه، فأمَّا شيءٌ مَعْلومٌ مَضْمونٌ فلا بأسَ به)) [503] أخرجه مسلم (1547). .
ثانِيًا: قِياسًا على جَوازِ كِراءِ المَنازِلِ والبُيوتِ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ [504] ((مختصر المزني)) (8/228). .

انظر أيضا: