الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: أن تكونَ الأُجْرةُ فيها مَنْفَعةٌ مُباحةٌ


يُشتَرَطُ أن تكونَ الأُجْرةُ فيها مَنْفَعةٌ مُباحةٌ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأرْبَعةِ: الحَنَفِيَّةِ [255]  لم يَنُصَّ الحَنَفيَّةُ على تَقْسيمِ المالِ إلى مُنْتَفَعٍ به وغَيْرِ مُنْتَفَعٍ به، ولكنَّهم قَسَّموه إلى مُتَقوِّمٍ وغَيْرِ مُتَقوِّمٍ. فالمالُ المُتَقوِّمُ عِنْدَ الحَنَفيَّةِ: هو ما يُباحُ الانْتِفاعُ به شَرْعًا في حالِ السَّعةِ والاخْتِيارِ، وهو التَّقَوُّمُ الشَّرْعيُّ. والمالُ غَيْرُ المُتَقوِّمِ: هو ما لا يُباحُ الانْتِفاعُ به في حالِ الاخْتِيارِ، كالخَمْرِ والخِنْزيرِ، فهو مالٌ غَيْرُ مُتَقوِّمٍ بالنِّسْبةِ للمُسلِمِ، وأمَّا في حَقِّ الذِّمِّيِّ فهي مالٌ مُتَقوِّمٌ؛ لأنَّه لا يَعتَقِدُ حُرْمتَها ويَتَموَّلُها. وقدْ يُطلِقُ الحَنَفيَّةُ غَيْرَ مُتَقوِّمٍ، ويَقصِدونَ به غَيْرَ المُحْرَزِ مِن المُباحاتِ، كالسَّمَكِ في الماءِ، والطَّيْرِ في الهَواءِ، وهو التَّقوُّمُ العُرْفيُّ. ((العناية)) للبابرتي (6/405، 406)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/501)، و(5/60). ويُنظَرُ: ((مجلة الأحكام العدلية)) (ص 88). ، والمالِكِيَّةِ [256] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/4)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/3)، ((منح الجليل)) لعليش (7/432). ، والشَّافِعِيَّةِ [257] ((إعانة الطالبين)) للبكري الدمياطي (3/130)، ويُشتَرَطُ في الأُجْرةِ ما يُشتَرَطُ في الثَّمَنِ في البَيْعِ، ومِنها: أن يكونَ فيه مَنْفعةٌ. يُنظَرُ: ((فتح العزيز)) للرافعي (8/112)، ((المجموع)) للنووي (9/149). ، والحَنابِلةِ [258] اسْتَغْنى الحَنابِلةُ عن ذِكْرِ اشْتِراطِ التَّقَوُّمِ في المَبيعِ باشْتِراطِ المالِيَّةِ، وهو عنْدَهم: ما فيه مَنْفعةٌ مُباحةٌ لغَيْرِ ضَرورةٍ. ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/347)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 195)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/245). ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/328). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ فيما لا مَنْفعةَ فيه أكْلًا لأمْوالِ الناسِ بالباطِلِ، وقد نَهانا اللهُ تَعالى عنه [259] ((التاج والإكليل)) للمواق (4/258). .
ثانِيًا: لأنَّ ما لم يَأذَنِ الشَّارِعُ في الانْتِفاعِ به فلا عِبْرةَ به، فلا تُعتَبَرُ قيمتُه؛ لأنَّ المَعْدومَ شَرْعًا كالمَعْدومِ حِسًّا [260] ((شرح حدود ابن عرفة)) للرصاع (ص 505). .

انظر أيضا: