الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: حُكمُ بَيعِ المُحاقَلةِ


يَحرُمُ بَيعُ المُحاقَلةِ، ولا يصِحُّ قال ابنُ عُثيمين -في معنى وصُوَرِ بَيعِ المُحاقَلةِ-: (يأْتي الإنْسانُ فيَبيعُ حقْلَه على الآخَرِ بحقلِه، مثالُه: عندي مزرعةٌ، وعندَكَ مزرعةٌ، فبِعتُها عليكَ بمزرعتِكَ، وكِلتاهما بُرٌّ؛ فهذا لا يجوزُ، لماذا؟ لأنَّ بيعَ البُرِّ بالبُرِّ يُشترَطُ فيه التَّماثُلُ كيلًا، والتَّماثُلُ هنا -والسُّنبلُ على رؤوسِ سُوقِه- لا يُمكِنُ، فهو مُتعذِّرٌ، إذنْ هذا فيه ملاحظةُ الرِّبا... صُورةٌ أُخرى للمُحاقَلةِ: يَبيعُ الزَّرعَ على شَهرٍ في بُرٍّ مَحصودٍ يابسٍ، هذا أيضًا لا يجوزُ، لماذا؟ لتَعذُّرِ العلمِ، فإذا فرَضْنا أنَّ البُرَّ المحصودَ مَعلومٌ؛ فإنَّ الزَّرعَ غيرُ معلومٍ، فيكونُ قدْ باع بُرًّا غيرَ معلومٍ ببُرٍّ مَعلومٍ، فلا يجوزُ) ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (3/572). ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأرْبَعةِ: الحَنفيَّةِ المُحاقَلةُ عندَ الحنفيَّةِ منَ البُيوعِ الفاسدةِ، وعندَ الجمهورِ منَ البُيوعِ الباطلةِ. ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (4/47)، ((البناية)) للعَيْني (8/153). ، والمالِكيَّةِ ((الكافي)) لابن عبد البر (2/656)، ويُنظَر: ((الذخيرة)) للقَرافي (5/392). ، والشَّافعيَّةِ ((المجموع)) للنَّوَوي (9/309)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهَيْتَمي (4/471). ، والحَنابِلةِ ((الفروع)) لابن مُفلح (6/305)، ((كشَّاف القناع)) للبُهُوتي (3/258). ، وحُكيَ الاتِّفاقُ على ذلك قال النَّوَويُّ: (اتَّفقَ العلماءُ على بُطلانِها) ((المجموع)) (9/309).
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: منَ السُّنَّةِ
عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عنهما، قال: ((نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِ المُحاقَلةِ، والمُزابَنةِ، والمُعاوَمةِ، والمُخابَرةِ -قال أحَدُهما: بيعُ السِّنينَ هي المعاوَمةُ- وعنِ الثُّنْيا، ورخَّصَ في العَرايا )) أخرَجَه مسلمٌ (1536).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه نَهى عنِ المُحاقَلةِ، والنَّهيُ يَقْتَضي التَّحريمَ والفَسادَ يُنظر: ((كشَّاف القناع)) للبُهوتي (3/258).
ثانيًا: لأنَّه بَيعُ حِنْطةٍ وتِبْنٍ بحِنطةٍ لأنَّه يَبيعُ حِنطةً (قمْحًا) في سُنبلِه، ومعَه التِّبنُ -وهو سِيقانُ الزَّرعِ- بحِنطةٍ (قمْحٍ) صافٍ. ، وذلك ربًا؛ لعدمِ المُماثَلةِ، أو للجَهلِ بالتَّساوي يُنظر: ((المجموع)) للنَّووي (9/309)، ((كشَّاف القناع)) للبُهوتي (3/258).
ثالثًا: لأنَّه باعَ مَكيلًا بمَكيلٍ مِن جِنسِه، فلا يجوزُ بطَريقِ الخَرْصِ؛ لاحْتمالِ الرِّبا المُلحَقِ بالحَقيقةِ في التَّحريمِ يُنظر: ((البناية)) للعَيْني (8/153).

انظر أيضا: