الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: شُروطُ المُسْلَمِ فيه


الفَرعُ الأوَّلُ: كونُ المُسْلَمِ فيه دَينًا مَوصوفًا في الذِّمَّةِ المعنى: أنَّه لا يجوزُ في الأعيانِ، وإنَّما هو في الذِّمَمِ.
يُشترَطُ في المُسْلَمِ فيه أنْ يكون دَينًا مَوصوفًا في الذِّمَّةِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ لم يُصرِّحوا بالاشتراطِ، لكنْ يُفهَمُ هذا مِن نُصوصِهم. ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (6/ 168)، ويُنظر: ((التجريد)) للقُدوري (5/ 2668)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهُمَام (7/ 86). ، والمالكيَّةِ ((الشرح الكبير)) للدردير (3/ 210)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (5/370). ، والشَّافعيَّةِ ((فتح العزيز)) للرَّافعي (9/ 208)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/ 6). ، والحنابِلةِ ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/305)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/228). ؛ وذلك لأنَّ السَّلَمَ وُضِعَ لبَيعِ شَيءٍ مَوصوفٍ في الذِّمَّةِ ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (9/221)، ((كفاية الأخيار)) للحصني (ص: 249).
الفَرعُ الثَّاني: كَونُ المُسْلَمِ فيه مَعلومًا
المسألةُ الأُولى: كَونُ المُسْلَمِ فيه مَعلومَ الجِنسِ
يُشترَطُ في المُسْلَمِ فيه أنْ يكونَ مَعلومَ الجِنسِ، مِثلَ كَونِه حِنطةً أو شَعيرًا.
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما قال: ((قَدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ وهمْ يُسلِفون في الثِّمارِ السَّنةَ والسَّنتينِ، فقال: مَن أسلَفَ في تمْرٍ، فلْيُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ، ووزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ )) أخرجه البخاري (2240)، ومسلم (1604) واللفظ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه: ((فلْيُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ)) كانت جَهالةُ الجِنسِ والنَّوعِ والصِّفةِ أَولى بأنْ تكونَ مَنْفيَّةً عنه؛ لأنَّها مِثلُ جَهالةِ الكيْلِ، أو أكثَرُ يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (3/122).
ثانيًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ قال ابن قُدامةَ: (الأوصافُ على ضَربينِ: مُتَّفقٍ على اشتراطِها، ومُختلَفٍ فيها؛ فالمتَّفقُ عليها ثَلاثةُ أوصافٍ: الجنسُ، والنَّوعُ، والجَودةُ والرَّداءةُ. فهذه لا بُدَّ منها في كلِّ مُسْلَمٍ فيه، ولا نَعلَمُ بيْن أهلِ العلمِ خِلافًا في اشتراطِها) ((المغني)) (4/211). ، وشمْسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ قال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (الأوصافُ على ضَربينِ: مُتَّفقٍ على اشتراطِها، ومُختلَفٍ فيها؛ فالمتَّفقُ عليها ثَلاثةُ أوصافٍ: الجنسُ، والنَّوعُ، والجَودةُ والرَّداءةُ، فهذه لا بُدَّ منها في كلِّ مُسْلَمٍ فيه، وكذلك مَعرِفتُه، وسنَذكُرُها، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ ومالِكٍ والشَّافعيِّ، ولا نَعلَمُ عن غيرِهم فيه خِلافًا) ((الشرح الكبير على متن المقنع)) (4/318). ، وبُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ قال بُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ: (أنْ يَصِفَه بما يَختلِفُ به الثَّمنُ ظاهرًا... فـعلى هذا يَذكُرُ جِنسَه ونَوعَه، وقدْرَه، وبَلَدَه، وحَداثتَه وقِدَمَه، وجَودتَه ورَداءتَه، بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُه) ((المبدع)) (4/175).
المسألةُ الثَّانيةُ: كَونُ المُسْلَمِ فيه مَعلومَ النَّوعِ
يُشترَطُ في المُسْلَمِ فيه أنْ يكونَ مَعلومَ النَّوعِ كأنْ يُبيِّنَ نوعَ المسْلَمِ فيه إذا كان تمْرًا، هل نَوعُه سُكَّريٌّ أم بَرْحيٌّ؟ وإذا كان بُرًّا أيضًا يُبيِّنُ نَوْعُه.
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنه قال: ((قَدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ وهمْ يُسلِفون في الثِّمارِ السَّنةَ والسَّنتينِ، فقال: مَن أسلَفَ في تمْرٍ، فلْيُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ، ووزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ )) أخرجه البخاري (2240)، ومسلم (1604) واللفظ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لَمَّا نَفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَهالةَ المِقدارِ عن السَّلَمِ بقولِه: ((فلْيُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ)) كانت جَهالةُ الجِنسِ والنَّوعِ والصِّفةِ أَولى بأنْ تكونَ مَنْفيَّةً عنه؛ لأنَّها مِثلُ جَهالةِ الكيْلِ، أو أكثَرُ يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (3/122).
ثانيًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامةَ: (الأوصافُ على ضَربينِ: مُتَّفقٍ على اشتراطِها، ومُختلَفٍ فيها؛ فالمتَّفقُ عليها ثَلاثةُ أوصافٍ: الجنسُ، والنَّوعُ، والجَودةُ والرَّداءةُ. فهذه لا بُدَّ منها في كلِّ مُسْلَمٍ فيه، ولا نَعلَمُ بيْن أهلِ العلمِ خِلافًا في اشتراطِها)، ((المغني)) (4/211). ،وشمْسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ قال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (الأوصافُ على ضَربينِ: مُتَّفقٍ على اشتراطِها، ومُختلَفٍ فيها؛ فالمتَّفقُ عليها ثَلاثةُ أوصافٍ: الجنسُ، والنَّوعُ، والجَودةُ والرَّداءةُ، فهذه لا بُدَّ منها في كلِّ مُسْلَمٍ فيه، وكذلك مَعرِفتُه، وسنَذكُرُها، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ ومالِكٍ والشَّافعيِّ، ولا نَعلَمُ عن غيرِهم فيه خِلافًا) ((الشرح الكبير على متن المقنع)) (4/318). ، وبُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ قال بُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ: (أنْ يَصِفَه بما يَختلِفُ به الثَّمنُ ظاهرًا... فـعلى هذا يَذكُرُ جِنسَه ونَوعَه، وقدْرَه، وبَلَدَه، وحَداثتَه وقِدَمَه، وجَودتَه ورَداءتَه، بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُه) ((المبدع)) (4/175).
المسْألةُ الثَّالثةُ: كَونُ المُسْلَمِ فيه مَعلومَ القدْرِ
يُشترَطُ في المُسْلَمِ فيه أنْ يكونَ مَعلومَ القدْرِ بالكيْلِ، أو الوزْنِ، أو العدَدِ، ونحْوِ ذلك ويَجوزُ السَّلَمُ في الحيوانِ، واللَّحمِ، والسَّمكِ، والخُبزِ، والثِّيابِ، والفاكهةِ؛ لأنَّها ممَّا تُضبَطُ؛ إمَّا بالعدِّ، أو الوزنِ، أو الصِّفةِ.
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما قال: ((قَدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ وهمْ يُسلِفون في الثِّمارِ السَّنةَ والسَّنتينِ، فقال: مَن أسلَفَ في تمْرٍ، فلْيُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ، ووزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ )) أخرجه البخاري (2240)، ومسلم (1604) واللفظ له.
ثانيًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذِرِ قال ابنُ المنذِرِ: (أجمَعَ كلُّ مَن نَحفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ على أنَّ السَّلَمَ الجائزَ أنْ يُسلِمَ الرَّجلُ على صاحبِه في طَعامٍ مَعلومٍ مَوصوفٍ، مِن طعامِ أرضٍ عامَّةٍ، لا يُخطِئُ مِثلُها، بكَيلٍ مَعلومٍ أو وزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ، دَنانيرَ أو دَراهمَ مَعلومةٍ، بدَفْعِ ثَمنِ ما أسْلَمَ فيه قبْلَ أنْ يَتفرَّقَا مِن مَقامِهما الذي تَبايَعا فيه، ويُسمِّيانِ المكانَ الذي يُقبَضُ فيه الطَّعامُ، فإذا فَعَلا ذلك، وكانا جائزَيِ الأمرِ؛ كان سَلَمًا صَحيحًا، لا أعلَمُ أحدًا مِن أهلِ العلمِ يُبطِلُه) ((الإشراف على مذاهب العُلماء)) (6/ 101) ، وابنُ بَطَّالٍ قال ابنُ بطَّالٍ: (أجمَعَ العُلماءُ أنَّه لا يَجوزُ السَّلَمُ إلَّا في كَيلٍ مَعلومٍ، أو وَزنٍ مَعلومٍ فيما يُكالُ أو يُوزَنُ، وأجْمَعوا أنَّه إنْ كان السَّلَمُ فيما لا يُكالُ ولا يُوزَنُ؛ فلا بُدَّ فيه مِن عدَدٍ مَعلومٍ، وأجْمَعوا أنَّه لا بُدَّ مِن مَعرفةِ صِفةِ الشَّيءِ المسْلَمِ فيه) ((شرح صحيح البخاري)) (6/365). ، وابنُ العَرَبيِّ قال ابنُ العرَبيِّ: (الشَّرطُ الثَّالثُ: وهو كَونُه مُقدَّرًا، فلا خِلافَ فيه بيْن الأمَّةِ) ((القبس في شرح موطأ مالك ابن أنس)) (ص: 833). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامةَ: (مَعرِفةُ مِقدارِ المسْلَمِ فيه بالكيْلِ إنْ كان مَكِيًلا، وبالوزنِ إنْ كان مَوزونًا، وبالعددِ إنْ كان مَعدودًا... ولا نَعلَمُ في اعتبارِ مَعرفةِ المقدارِ خِلافًا) ((المغني)) (4/216). ، وابنُ حَجرٍ قال ابنُ حَجرٍ: (اتَّفقوا على اشتراطِ تَعيينِ الكيْلِ فيما يُسْلَمُ فيه مِن المَكيلِ، كصاعِ الحِجازِ، وقَفيزِ العِراقِ، وإرْدبِّ مِصرَ) ((فتح الباري)) (4/430).
المسْألةُ الرَّابعةُ: كَونُ المُسْلَمِ فيه مَعلومَ الصِّفةِ
يُشترَطُ في المُسْلَمِ فيه أنْ يكونَ مَعلومَ الصِّفةِ.
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما قال: ((قَدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ وهمْ يُسلِفون في الثِّمارِ السَّنةَ والسَّنتينِ، فقال: مَن أسلَفَ في تمْرٍ، فلْيُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ، ووزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ )) أخرجه البخاري (2240)، ومسلم (1604) واللفظ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لمَّا نَفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَهالةَ المِقدارِ عن السَّلَمِ بقولِه: ((فلْيُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ)) كانت جَهالةُ الجِنسِ والنَّوعِ والصِّفةِ أَولى بأنْ تكونَ مَنْفيَّةً عنه؛ لأنَّها مِثلُ جَهالةِ الكيْلِ، أو أكثَرُ يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (3/122).
ثانيًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: الطَّبَريُّ قال الطَّبَريُّ: (أجْمَعَ مُجوِّزو السَّلَمِ جميعًا أنَّه لا يَجوزُ السَّلَمُ إلَّا في مَوصوفٍ مَعلومٍ بالصِّفةِ) ((اختلاف الفقهاء)) (ص: 95). ، وابنُ المنذِرِ قال ابنُ المنذِرِ: (أجمَعَ كلُّ مَن نَحفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ على أنَّ السَّلَمَ الجائزَ أنْ يُسلِمَ الرَّجلُ على صاحبِه في طَعامٍ مَعلومٍ مَوصوفٍ، مِن طعامِ أرضٍ عامَّةٍ، لا يُخطِئُ مِثلُها، بكَيلٍ مَعلومٍ أو وزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ، دَنانيرَ أو دَراهمَ مَعلومةٍ، بدَفْعِ ثَمنِ ما أسْلَمَ فيه قبْلَ أنْ يَتفرَّقَا مِن مَقامِهما الذي تَبايَعا فيه، ويُسمِّيانِ المكانَ الذي يُقبَضُ فيه الطَّعامُ، فإذا فَعَلا ذلك، وكانا جائزَيِ الأمرِ؛ كان سَلَمًا صَحيحًا، لا أعلَمُ أحدًا مِن أهلِ العلمِ يُبطِلُه) ((الإشراف على مذاهب العُلماء)) (6/ 101). ، وابنُ بَطَّالٍ قال ابنُ بطَّالٍ: (أجمَعَ العُلماءُ أنَّه لا يَجوزُ السَّلَمُ إلَّا في كَيلٍ مَعلومٍ، أو وَزنٍ مَعلومٍ فيما يُكالُ أو يُوزَنُ، وأجْمَعوا أنَّه إنْ كان السَّلَمُ فيما لا يُكالُ ولا يُوزَنُ؛ فلا بُدَّ فيه مِن عدَدٍ مَعلومٍ، وأجْمَعوا أنَّه لا بُدَّ مِن مَعرفةِ صِفةِ الشَّيءِ المسْلَمِ فيه) ((شرح صحيح البخاري)) (6/365). ، وابنُ العَرَبيِّ قال ابنُ العرَبيِّ: (لا خِلافَ أنَّ ما لم يُضبَطْ بصِفةٍ فلا يَجوزُ السَّلَمُ فيه) ((المسالك شرح موطأ الإمام مالك)) (6/119). ، والقاضي عِياضٌ قال القاضي عِياضٌ: (لا بُدَّ أنْ يكونَ مَعلومَ الصِّفةِ المقصودةِ المعيَّنةِ؛ ليَرتفِعَ الغَرَرُ والجهالةُ. وهو مُجمَعٌ عليه) ((المفهِم)) (4/515). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامةَ: (الأوصافُ على ضَربينِ: مُتَّفقٍ على اشتراطِها، ومُختلَفٍ فيها؛ فالمتَّفقُ عليها ثَلاثةُ أوصافٍ: الجنسُ، والنَّوعُ، والجَودةُ والرَّداءةُ. فهذه لا بُدَّ منها في كلِّ مُسْلَمٍ فيه، ولا نَعلَمُ بيْن أهلِ العلمِ خِلافًا في اشتراطِها) ((المغني)) (4/211). ، وشَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ قال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (الأوصافُ على ضَربينِ: مُتَّفقٍ على اشتراطِها، ومُختلَفٍ فيها؛ فالمتَّفقُ عليها ثَلاثةُ أوصافٍ: الجنسُ، والنَّوعُ، والجَودةُ والرَّداءةُ، فهذه لا بُدَّ منها في كلِّ مُسْلَمٍ فيه، وكذلك مَعرِفتُه، وسنَذكُرُها، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ ومالِكٍ والشَّافعيِّ، ولا نَعلَمُ عن غيرِهم فيه خِلافًا) ((الشرح الكبير على متن المقنع)) (4/318). ، والنَّوويُّ قال النَّوويُّ: (أجْمَعوا على اشتراطِ وصْفِه [المُسْلَمِ فيه] بما يُضبَطُ به) ((شرح صحيح مسلم)) (11/41). ، وابنُ حَجرٍ قال ابنُ حَجرٍ: (أجْمَعوا على أنَّه لا بُدَّ مِن مَعرفةِ صِفةِ الشَّيءِ المسْلَمِ فيه صِفةً تُميِّزُه عن غَيرِه) ((فتح الباري)) (4/430). ، وبُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ قال بُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ: (أنْ يَصِفَه بما يَختلِفُ به الثَّمنُ ظاهرًا... فـعلى هذا يَذكُرُ جِنسَه ونَوعَه، وقدْرَه، وبَلَدَه، وحَداثتَه وقِدَمَه، وجَودتَه ورَداءتَه، بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُه) ((المبدع)) (4/175).
الفَرعُ الثَّالثُ: اشتراطُ كَونِ المُسْلَمِ فيه مُؤجَّلًا بأنْ يُسْلِمَ المشْتري الثَّمَنَ مُقدَّمًا مع تأجيلِ المبيعِ، كأنْ يقولَ مَثلًا: أسْلَمْتُ إليك مائةَ رِيالٍ بمائةِ صاعِ بُرٍّ، تُسلَّمُ في أوَّلِ يَومٍ مِن شَهرِ رَمضَانَ القادمِ.
لا يُشترَطُ في المُسْلَمِ فيه أنْ يكونَ مُؤجَّلًا، فيَصِحُّ سَلَمُ الحالِّ، وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ ((فتح العزيز)) للرَّافعي (9/ 225)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/ 7). ، ورِوايةٌ عن مالكٍ ((عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة)) لابن شاس (2/752)، ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (4/297)، ((الذخيرة)) للقرافي (5/254). ، واختيارُ ابنِ تَيميَّةَ اشترَطَ ابنُ تَيميَّةَ للجوازِ أنْ يكونَ المسْلَمُ فيه مَوجودًا في مِلكِه؛ قال ابن تَيميَّةَ: (يَصِحُّ السَّلَمُ حالًّا إنْ كان المسْلَمُ فيه مَوجودًا في مِلكِه، وإلَّا فلا) ((الفتاوى الكبرى)) (5/ 393). ويُنظر: ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (4/6). ، وابنِ عُثَيمينَ قال ابنُ عُثَيمينَ: (قولُه: «مُؤجَّلٍ» أيضًا لا بُدَّ فيه مِن التَّأجيلِ، فإنْ لم يكُنْ مُؤجَّلًا، فإنَّه لا يَصِحُّ سَلَمًا. مِثالُ ذلك: أنْ يقولَ: أسْلَمْتُ إليك مائةَ الرِّيالِ الَّتي بيَدي الآنَ بمائةِ صاعِ بُرٍّ، فحُكمُ هذا العقدِ: لا يَصِحُّ سَلَمًا؛ لأنَّ السَّلَمَ لا بُدَّ أنْ يكونَ مُؤجَّلًا، والدَّليلُ قولُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «فلْيُسلِفْ في شَيءٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ». فهل قولُه: «إلى أجَلٍ مَعلومٍ» الشَّرطُ في الأمرينِ جميعًا: أنْ يكونَ أجَلًا، وأنْ يكونَ مَعلومًا، أو الشَّرطُ عائدٌ إلى المعلومِ فقطْ؟ إنْ قُلْنا بالأوَّلِ، فلا بُدَّ أنْ يكونَ مُؤجَّلًا، وإنْ قُلْنا بالثَّاني، فلا يُشترَطُ التَّأجيلُ، ولكنْ إنْ أُجِّلَت فلْيَكُنِ الأجَلُ مَعلومًا. ومِن ثمَّ اختلَفَ العُلماءُ رَحِمهم اللهُ؛ فمنْهم مَن قال: لا بُدَّ أنْ يكونَ له أجَلٌ، ومنْهم مَن قال: لا بأْسَ أنْ يكونَ بدُونِ أجَلٍ. والذي يَظهَرُ لي: أنَّه يصِحُّ بدُونِ أجَلٍ، ونقولُ: سَمِّه ما شِئتَ: سَلَمًا أو بَيعًا؛ لأنَّ هذا ليْس فيه غَررٌ، ولا رِبًا، ولا ظُلمٌ، ومَدارُ المعامَلاتِ المحرَّمةِ -أي: مُعامَلاتُ المعاوَضةِ- على هذه الثَّلاثةِ: الرِّبا، والظُّلمِ، والغرَرِ، وهذا ليْس فيه غَررٌ، وليْس فيه ظُلمٌ، وليْس فيه رِبًا. وقولُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إلى أجَلٍ مَعلومٍ» يَعودُ إلى عِلمِ الأجَلِ، يعني: لا إلى أجلٍ مَجهولٍ، وهو الرَّاجحُ) ((الشرح الممتع)) (9/53). ؛ وذلك لأنَّ جَوازَ السَّلَمِ الحالِّ أَولى مِن جَوازِ السَّلَمِ المؤجَّلِ؛ لبُعدِه عن الغرَرِ يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشِّربيني (2/105).
الفَرعُ الرَّابعُ: كَونُ أجَلِ المُسْلَمِ فيه مَعلومًا
يُشترَطُ في أجَلِ المُسْلَمِ فيه أنْ يكونَ مَعلومًا.
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما قال: ((قَدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ وهمْ يُسلِفون في الثِّمارِ السَّنةَ والسَّنتينِ، فقال: مَن أسلَفَ في تمْرٍ، فلْيُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ، ووزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ )) أخرجه البخاري (2240)، ومسلم (1604) واللفظ له.
ثانيًا: مِن الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذِرِ قال ابن المنذر: (أجمَعَ كلُّ مَن نَحفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ على أنَّ السَّلَمَ الجائزَ أنْ يُسلِمَ الرَّجلُ على صاحبِه في طَعامٍ مَعلومٍ مَوصوفٍ، مِن طعامِ أرضٍ عامَّةٍ، لا يُخطِئُ مِثلُها، بكَيلٍ مَعلومٍ أو وزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ، دَنانيرَ أو دَراهمَ مَعلومةٍ، بدَفْعِ ثَمنِ ما أسْلَمَ فيه قبْلَ أنْ يَتفرَّقَا مِن مَقامِهما الذي تَبايَعا فيه، ويُسمِّيانِ المكانَ الذي يُقبَضُ فيه الطَّعامُ، فإذا فَعَلا ذلك، وكانا جائزَيِ الأمرِ؛ كان سَلَمًا صَحيحًا، لا أعلَمُ أحدًا مِن أهلِ العلمِ يُبطِلُه) ((الإشراف على مذاهب العُلماء)) (6/ 101). ، وابنُ عبْدِ البَرِّ قال ابنُ عبْدِ البَرِّ: (عن عبْدِ اللهِ بنِ عُمرَ أنَّه قال: لا بأْسَ بأنْ يُسلِفَ الرَّجلُ الرَّجلَ في الطَّعامِ الموصوفِ، بسِعرٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مُسمًّى، ما لم يكُنْ في زَرعٍ لم يَبْدُ صَلاحُه، أو تمْرٍ لم يَبْدُ صَلاحُه... قد رُوِي هذا المعنى عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واتَّفَق الفُقهاءُ على ذلك إذا كان المسْلَمُ فيه مَوجودًا في أيْدي النَّاسِ مِن وقْتِ العقدِ إلى حُلولِ الأجَلِ) ((الاستذكار)) (6/ 384). ، وابنُ العَرَبيِّ قال ابنُ العرَبيِّ: (أمَّا الشَّرطُ الخامسُ -وهو أنْ يكونَ الأجَلُ مَعلومًا- فلا خِلافَ فيه بيْن الأُمَّةِ) ((القبس في شرح موطأ مالك بن أنس)) (ص: 834). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامةَ: (أنَّه لا بُدَّ مِن السَّلَمِ كَون الأجَلِ مَعلومًا [في] السَّلَم؛ لقولِه تعالى: إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [البقرة: 282]، وقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إلى أجلٍ معلومٍ»، ولا نَعلَمُ في اشتراطِ العلمِ في الجُملةِ اختلافًا) ((المغني)) (4/219). ، والعَينيُّ قال العَينيُّ: (أشار إلى الخامسِ -أي: الشَّرطِ الخامسِ مِن شُروطِ السَّلَمِ- بقولِه: «وأجَلٍ مَعلومٍ» ش: وهذه خَمسةٌ مُتَّفقٌ عليها) ((البناية)) (8/347).
الفَرعُ الخامسُ: كَونُ المُسْلَمِ فيه مَقدورَ التَّسليمِ عندَ مَحلِّه
يُشترَطُ في المُسْلَمِ فيه أنْ يكونَ مَقدورَ التَّسليمِ عندَ مَحلِّه فلا يُشترَطُ أنْ يكون مَوجودًا مِن وقتِ العقدِ حتَّى التَّسليمِ، ويُكْتفى أنْ يكونَ مَوجودًا وقْتَ حلِّه. ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (12/ 108)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيلَعي (4/ 118). ، والمالكيَّةِ ((التاج والإكليل)) للموَّاق (4/ 514)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (3/211). ، والشَّافعيَّةِ ((مغني المحتاج)) للشِّربيني (2/106). ، والحنابِلةِ ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/ 303)، ويُنظر: ((الكافي)) لابن قُدامةَ (2/ 114). ؛ وذلك لأنَّ المعجوزَ عن تَسليمِه يَمتنِعُ بَيعُه، فيَمتنِعُ السَّلَمُ فيه يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشِّربيني (3/10).
الفَرعُ السَّادسُ: تَعيينُ مَكانِ إيفاءِ المُسْلَمِ فيه
لا يُشترَطُ في المُسْلَمِ فيه بَيانُ مَكانِ إيفائهِ، ويكونُ مَوضِعُ العقْدِ هو مَوضِعَ التَّسليمِ، وذلك مَذهَبُ الجُمهورِ في الجُملةِ: المالكيَّةِ نصَّ المالكيَّةُ على أنَّ الأحسَنَ الاشتراطُ، فإنْ عيَّنا المكانَ تَعيَّنَ. يُنظر: (الشرح الكبير)) للدردير (3/222)، ويُنظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 178). ، والشَّافعيَّةِ اسْتَثنى الشَّافعيَّةُ إنْ لم يكُنِ الموضعُ صالحًا للتَّسليمِ، أو كان لحَمْلِه مُؤنةٌ، فيُشترَطُ فيه التَّعيينُ. ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/ 12)، ((مغني المحتاج)) للشِّربيني (2/104) ، والحنابِلةِ اسْتَثنى الحنابلةُ فيما إذا كان مَوضعُ العقدِ لا يُمكِنُ الوفاءُ فيه، فيُشترَطُ. ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/ 306)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/ 96). ، وهو قولُ أبي يُوسُفَ ومحمَّدِ بنِ الحسَنِ مِن الحنَفيَّةِ قال أبو يُوسُفَ ومحمَّدُ بنُ الحسَنِ: إنْ شَرَطاه صحَّ، وإنْ لم يَشْرُطاه يَتعيَّنُ مَكانُ العقدِ للتَّسليمِ. ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (3/122)، ((الدر المختار للحَصْكَفي وحاشية ابن عابدين))، ((الفتاوى الهندية)) (3/ 179- 180).
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما قال: ((قَدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ وهم يُسلِفون بالتَّمرِ السَّنتينِ والثَّلاثَ، فقال: مَن أسْلَفَ في شَيءٍ، ففي كَيلٍ مَعلومٍ، ووَزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ )) أخرجه البخاري (2240) واللفظ له، ومسلم (1604).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لم يُذكَرْ في الحديثِ مَكانُ الإيفاءِ، فدَلَّ على أنَّه لا يُشترَطُ ذلك يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/226).
ثانيًا: لأنَّه عقْدُ مُعاوَضةٍ، فلا يُشترَطُ فيه ذِكرُ مَكانِ الإيفاءِ، كبُيوعِ الأعيانِ يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (3/122) ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/226).
ثالثًا: أنَّ سُكوتَهما عنه دالٌّ على أنَّهما أرادَا مَكانِ العقْدِ ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/ 306)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/ 96).
الفَرعُ السَّابعُ: ألَّا يكونَ في بَدَلَي المُسْلَمِ فيه إحْدى عِلَّتَي رِبا الفضلِ
يُشترَطُ ألَّا يكونَ في بَدَلَي المُسْلَمِ فيه إحْدى عِلَّتَي رِبا الفضْلِ يُنظر: الفَرعُ الأوَّلُ مِن المطْلَبِ الأوَّلِ: شُروط رأْسِ مالِ السَّلَم.
الفَرعُ الثَّامنُ: كَونُ المُسْلَمِ فيه ممَّا يَتعيَّنُ بالتَّعيينِ (السَّلَمُ في الدَّراهمِ والدَّنانيرِ)
لا يُشترَطُ في المُسْلَمِ فيه أنْ يكونَ ممَّا يَتعيَّنُ بالتَّعيينِ الَّذي يَتعيَّنُ بالتَّعيينِ يُقصَدُ به المبيعُ (السِّلعةُ)، والَّذي لا يَتعيَّنُ بالتَّعيينِ هو الثَّمنُ. ، فيَجوزُ في الدَّراهمِ والدَّنانير على أنْ يكونَ رأْسُ المالِ غيْرَ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّةِ ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/ 177). ، والشَّافعيَّةِ -على الصَّحيحِ- ((فتح العزيز)) للرافعي (9/ 316)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/27). ، والحنابِلةِ ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/ 291)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/211).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ كلَّ ما جاز أنْ يكونَ في الذِّمَّةِ ثَمنًا جاز أنْ يكونَ مَثمونًا يُنظر: ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/ 177).
ثانيًا: أنَّها تَثبُتُ في الذِّمَّةِ ثَمنًا، فَتثبُتُ سَلَمًا، كالعُروضِ يُنظر: ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/211).

انظر أيضا: