الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّاني: حُكمُ خِيارِ الرُّؤيةِ


يَثبُتُ حقُّ خِيارِ الرُّؤيةِ للمُشتري إذا اشْتَرى ما لم يَرَه، وهو مَذهَبُ الحنَفيَّةِ يَثبُتُ عند الحنَفيَّةِ بلا شرطٍ، أي: بحُكمِ الشرعِ. ويكونُ في أربعةِ أشياءَ: في البيعِ الصحيحِ دونَ الفاسدِ، فلا يَثبُتُ فيه خيارُ الرُّؤيةِ؛ لوُجوبِ فسْخِه بدون خيارِ الرُّؤيةِ، وفي الإجارةِ، وفي قِسمةٍ في غيرِ المِثْليَّات، وفي الصُّلحِ عن دَعوى المالِ على شَيءٍ بعينِه. ((تبيين الحقائق)) للزَّيلعي (4/24)، ((العناية)) للبابرتي (6/335)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/593)، ((الفتاوى الهندية)) (3/58) والمالكيَّةِ عندَ المالكيةِ: إذا بِيعَ المعيَّنُ بلا وَصفٍ ولا رُؤيةٍ، لم يَصِحَّ العقدُ إلَّا بشَرطِ خيارِ الرُّؤيةِ. وإنْ بِيعَ الغائبُ بالوصفِ صحَّ ولو لم يُشترَطِ الخيارُ، وإنْ جاء مطابِقًا للموصوفِ فلا خِيارَ للمشتري إلَّا أنْ يَشترِطَه. ((الكافي)) لابن عبد البر (2/678)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (4/487، 488). ، وقولٌ في مَذهَبِ الشَّافعيَّةِ يَثبُتُ الخيارُ للمشتري إنْ باعه بالوصفِ دون الرُّؤيةِ، وله الخيارُ إذا رآه وإنْ وَجَده كما وَصَف. ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص 95)، ((المجموع)) للنَّوَوي (9/288)، ((مغني المحتاج)) للشِّربيني (2/18). ، ورِوايةٌ عن أحمَدَ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/364)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/214). اختارَها ابنُ تَيميَّةَ قال المَرْداوي: (فإنْ ذُكِر له مِن صِفتِه ما لا يَكْفي في السَّلَمِ، لم يصِحَّ البيعُ على الصحيحِ مِن المذْهَبِ، كما قدَّمَه المصنِّفُ هنا، وعليه الأصحابُ. وعنه: يَصِحُّ، وهو مِن مُفرَداتِ المذْهبِ. فعلى هذه الرِّوايةِ والرِّوايةِ الَّتي اختارها الشَّيخُ تقِيُّ الدِّينِ في عدَمِ اشتراطِ الرُّؤيةِ؛ له خيارُ الرُّؤيةِ على أصحِّ الرِّوايتينِ، وله أيضًا فسْخُ العقدِ قبْلَ الرُّؤيةِ، على الصَّحيحِ مِن المذْهبِ) ((الإنصاف)) (4/214). ، وهو قَولُ بعضِ السَّلفِ قال ابنُ حَزمٍ: (رُوِي في ذلك عن السَّلفِ، وفي ذلك أثرٌ؛ وهو أنَّ عُثمانَ باع مِن طَلحةَ رَضِي اللهُ عنهما أرْضًا بالكوفةِ، فقِيل لعُثمانَ: إنَّك قدْ غبَنْتَ، فقال عُثمانُ: لي الخيارُ؛ لأنِّي بِعتُ ما لم أرَ، وقال طَلحةُ: بلْ لي الخيارُ؛ لأنِّي اشتَرَيتُ ما لم أرَ، فحَكَم بيْنهما جُبَيرُ بنُ مُطعِمٍ، فقَضى: أنَّ الخيارَ لطَلحةَ لا لعُثمانَ. وقال ابنُ شُبْرمةَ بخيارِ الرُّؤيةِ للبائعِ وللمُشتري معًا، كما رُوِي عن عُثمانَ. ومِن طَريقِ ابنِ أبي شَيبةَ، نا هُشَيمٌ، عن إسماعيلَ بنِ سالمٍ، ويُونسَ بنِ عُبيدٍ، والمغيرةِ، قال إسماعيلُ: عن الشَّعبيِّ، وقال يُونسُ: عن الحسَنِ، وقال المغيرةُ: عن إبراهيمَ، ثمَّ اتَّفَقوا كلُّهم: فيمَن اشتَرى شيئًا لم يَنظُرْ إليه كائنًا ما كان، قالوا: هو بالخيارِ؛ إنْ شاء أخَذ، وإنْ شاء ترَكَ، وقال إبراهيمُ: هو بالخيارِ، وإنْ وجَدَه كما شَرَطَ له، ورُوِي أيضًا عن مَكحولٍ، وهو قولُ الأوزاعيِّ وسُفيانَ الثَّوريِّ، والنَّقدُ عندهم في كلِّ ذلك جائزٌ) ((المحلى بالآثار)) (7/ 216). ؛ لأنَّ الجَهالةَ فيه لا تُفْضي إلى المنازَعةِ؛ لأنَّه إذا لم يُوافِقْه ردَّه، فصارَ كجَهالةِ الوصْفِ في المشاهَدِ المعايَنِ، والمرادُ بالنَّهيِ عن بَيعِ ما ليْس عند الإنسانِ ما ليْس في مِلْكِه يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/24).

انظر أيضا: