الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: حُكمُ ضمانِ الأعيانِ إذا كانت الأعيانُ أماناتٍ


لا يَصِحُّ ضمانُ الأعيانِ إذا كانت الأعيانُ أماناتٍ [177] هي الأعيانُ غيرُ المضمونةِ على مَن في يَدِه إلَّا بالتعَدِّي أو التَّفريطِ، كالودائِعِ، والمضارَباتِ، والشَّرِكةِ، والعاريَّةِ، والمُستأجَرةِ. يُنظَر: ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (4/ 147). مثاله: رجلٌ أودَعَ عِندَ آخَرَ وديعةً، ثمَّ بعدَ أن أودَعَه صار عندَه إشكالٌ، فقال له رجُلٌ آخَرُ: أنا أضمَنُ لك الوديعةَ، فالضَّمانُ هنا لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الأصلَ (الذي عنده الوديعةُ) غيرُ ضامنٍ إلَّا بالتَّعدِّي أو التَّفريطِ، لكِنْ لو قال: أنا أضمَنُ لك إن تعدَّى أو فرَّط المودَعُ، يَصِحُّ ضمانُ الكفيلِ. يُنظَر: ((الشرح الممتع)) لابن عُثَيمين (9/199). ، إلَّا بالتَّعدِّي أو التَّفريطِ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [178] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (3/333). ويُنظَر: ((شرح مختصر خليل)) للخَرَشي (6/24). ، والشَّافِعيَّةِ [179] ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/ 255). ويُنظَر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (6/ 433)، ((المهذب)) للشيرازي (2/ 155)، ((شرح المحلي على منهاج الطالبين)) (2/ 411). ، وقولٌ للحَنابِلةِ [180] ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قُدامة (2/ 131)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (4/ 240). ، وهو اختيارُ ابنِ عُثَيمين [181] قال ابنُ عُثَيمين: (القَولُ الثَّاني: أنَّ العاريَّةَ كسائِرِ الأماناتِ لا تُضمَنُ إلَّا بالتَّعَدِّي أو التَّفريطِ، فالأماناتُ لا يَصِحُّ فيها الضَّمانُ؛ لأنَّها لا تَؤُولُ إلى الوجوبِ، فصار ضمانُها غيَر صحيحٍ؛ لأنَّها غيرُ مضمونةٍ على الآخِذِ، وهو الأصلُ، فلا تُضمَنُ على الفَرعِ الذي هو الضَّامِنُ. فإن ضَمِنَ التَّعَدِّيَ فيها أو التَّفريطَ صَحَّ؛ لأنَّه إذا ضَمِن التَّعَدِّيَ أو التَّفريطَ فإنَّ المُستعيرَ سيَضمَنُ في هذه الحالِ، فيَصِحُّ ضَمانُه. فالقولُ الثَّاني: أنَّ العاريَّةَ لا تُضمَنُ إلَّا بتَعَدٍّ أو تفريطٍ، بمعنى: أنَّ الإنسانَ لو استعار الكتابَ ووضَعَه في بيتِه في مكانٍ مُحرِزٍ، وجاء سارِقٌ فسَرَقه، أو نَزَل عليه مَطَرٌ فأفسَدَه، أو احتَرَق المكانُ فاحترق الكتابُ، فإنَّه غيرُ ضامِنٍ؛ لأنَّه ليس متعَدِّيًا ولا مُفَرِّطًا، وهذا القولُ هو الرَّاجِحُ). ((الشرح الممتع)) (9/194). ؛ وذلك لأنَّه إذا لم يجِبْ ضَمانُها على من هي عنده فلَأَنْ لا يجِبَ على من يَضمَنُ عنه أَولى [182] يُنظَر: ((المهذب)) للشيرازي (2/ 155). .

انظر أيضا: