الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: اشتِراطُ أن يكونَ قادرًا على تسليمِ المكفولِ به


لا يُشتَرَطُ أن يكونَ المضمونُ عنه [119] المضمونُ عنه: الذي عليه الدَّينُ. قادرًا على تسليمِ المكفولِ به [120] المكفولُ به: هو المالُ، أو النَّفسُ المكفولةُ، ويُقصَدُ به هنا المالُ. ، فتَصِحُّ الكَفالةُ بالدَّينِ عن الميِّتِ المُفلِسِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [121] ((الشرح الكبير)) للدَّرْدير (3/ 331)، ((شرح مختصر خليل)) للخَرَشي (6/ 23). ، والشَّافِعيَّةِ [122] ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/ 240) و (2/ 318). ويُنظَر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (6/ 454). ، والحَنابِلةِ [123] ((الفروع)) لمحمد ابن مُفلِح (6/ 391)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (4/ 233 - 238). ويُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/ 401). ، وهو قَولُ أبي يوسُفَ ومحمَّدِ بنِ الحَسَنِ مِن الحَنَفيَّةِ [124] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/ 6). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من السُّنَّةِ
عن سَلمةَ بنِ الأكوَعِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كُنَّا جُلوسًا عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذ أُتِيَ بجَنازةٍ، فقالوا: صَلِّ عليها، فقال: هل عليه دَينٌ؟ قالوا: لا، قال: فهل تَرَك شيئًا؟ قالوا: لا، فصلَّى عليه، ثمَّ أُتِيَ بجَنازةٍ أُخرى، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، صَلِّ عليها، قال: هل عليه دَينٌ؟ قيل: نعم، قال: فهل تَرَك شَيئًا؟ قالوا: ثلاثةَ دنانيرَ، فصلَّى عليها، ثمَّ أُتِيَ بالثَّالثةِ، فقالوا: صلِّ عليها، قال: هل تَرَك شيئًا؟ قالوا: لا، قال: فهل عليه دَينٌ؟ قالوا: ثلاثةُ دنانيرَ، قال: صَلُّوا على صاحِبِكم، قال أبو قتادةَ صَلِّ عليه يا رسولَ اللهِ، وعَلَيَّ دَينُه، فصلَّى عليه)) [125] أخرجه البخاري (2289). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ دَلالةٌ على أنَّ دَينَ الميِّتِ لا يَسقُطُ بإعسارِه، وأنَّه يجوزُ ضَمانُ دَينِه مع إعسارِه [126] يُنظَر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (6/ 454). .
ثانيًا: لأنَّ مَن لَزِمه الدَّينُ إذا كان حيًّا لَزِمه إذا كان ميِّتًا كالموسِرِ، ولأنَّ موتَ المُعسِرِ مُؤَثِّرٌ في تأخيرِ الحَقِّ، فلم يمنَعْ من ثُبوتِه كإعسارِ الحَيِّ؛ لأنَّ براءةَ المضمونِ عنه براءةٌ للضَّامِنِ [127] يُنظَر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (6/ 454). .

انظر أيضا: