موسوعة التفسير

سورةُ التَّغابُنِ
الآيتان (9-10)

ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ

غريب الكلمات:

يَوْمُ التَّغَابُنِ: أي: يومُ القيامةِ الَّذي يَربَحُ فيه المُؤمِنونَ ويَخسَرُ الكافِرونَ، والغَبْنُ: أن يُعطَى البائعُ ثَمَنًا لِمَبيعِه دونَ حَقِّ قِيمتِه الَّتي يُعَوَّضُ بها مِثلُه، ويُطلَقُ على مُطلَقِ الخُسرانِ، وأصلُ (غبن): يدُلُّ على الخَفاءِ، ومنه مَغابِنُ الجَسَدِ، وهي: ما يَخفى عن العَينِ، وسُمِّيَ الغَبْنُ في البَيعِ؛ لخَفائِه عن صاحِبِه [148] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/10)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 154، 155)، ((المفردات)) للراغب (ص: 602)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 405)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/119)، ((تفسير ابن عاشور)) (28/275). .
يُكَفِّرْ: أي: يَمحُ ويَستُرْ، وأصلُ (كفر): يدُلُّ على السَّترِ والتَّغطيةِ [149] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/109)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/191)، ((المفردات)) للراغب (ص: 714). .

المعنى الإجمالي:

يقولُ الله تعالى محذِّرًا عبادَه مِن أهوالِ يومِ القيامةِ: يَومَ يَجمَعُكم اللهُ جميعًا ليَومِ القيامةِ، ذلك اليَومُ هو اليَومُ يَغبِنُ فيه بعضُ أهلِ المَحشَرِ بعضًا؛ فيَغبِنُ فيه أهلُ الحقِّ أهلَ الباطِلِ، ويَغبِنُ فيه أهلُ الإيمانِ أهلَ الكفرِ، وأهلُ الطَّاعةِ أهلَ المعصيةِ، وأهلُ الجنَّةِ أهلَ النَّارِ.
ثمَّ يُفصِّلُ الله تعالى أحوالَ النَّاسِ في هذا اليومِ، فيقولُ: ومَن يُؤمِنْ باللهِ ويَعمَلْ بطاعتِه يَمْحُ اللهُ عنه ذُنوبَه، ويُدخِلْه جَنَّاتٍ تَجري مِن تَحتِها الأنهارُ، خالدينَ فيها أبَدًا، ذلك هو الفَوزُ العَظيمُ.
والَّذين كَفَروا باللهِ وكَذَّبوا بآياتِه أولئك أصحابُ النَّارِ، خالدينَ فيها أبَدًا، وبِئْسَ المَرجِعُ هيَ!

تفسير الآيتين:

يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا أخبَرَ اللهُ تعالى بالبَعثِ، وأقسَمَ عليه، وأشار إلى دليلِه السَّابِقِ، وسَبَّب عنه ما يُنَجِّي في يَومِه؛ ذكَرَ يَومَه وما يكونُ فيه؛ ليُحذَرَ، فقال تعالى [150] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/118). :
يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ.
أي: يَومَ يَجمَعُكم اللهُ جميعًا؛ أوَّلَكم وآخِرَكم، وإنْسَكم وجِنَّكم- ليَومِ القيامةِ [151] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/10)، ((تفسير ابن عطية)) (5/319)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/118)، ((تفسير القاسمي)) (9/245)، ((تفسير السعدي)) (ص: 867). قيلَ: يَوْمَ ظَرفٌ مُتعَلِّقٌ بـ خَبِيرٌ في قَولِه تعالى السَّابِقِ: وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أي: هو بما تَعملونَ خَبيرٌ يَومَ يَجمَعُكم. وممَّن ذهب إلى هذا القَولِ: ابنُ جرير، ومكِّي. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/10)، ((الهداية إلى بلوغ النهاية)) لمكي (12/7505). وقيلَ: يَوْمَ مُتعَلِّقٌ بـ لَتُنَبَّؤُنَّ. أي: لَتُنَبَّؤُنَّ يومَ القيامةِ. وممَّن ذهب إليه: الزَّجَّاجُ، والنَّحَّاسُ، والعُلَيمي، وابن عاشور. يُنظر: ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (5/180)، ((إعراب القرآن)) للنحاس (4/293)، ((تفسير العليمي)) (7/75)، ((تفسير ابن عاشور)) (28/274). وقيلَ: يَوْمَ مُتعَلِّقٌ بفِعلٍ مَحذوفٍ تَقديرُه: اذكُروا. ومِمَّن قال بذلك: السعديُّ. يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 867). ويُنظر أيضًا: ((تفسير الزمخشري)) (4/548). قال الرازي: (وفي تسميتِه بيومِ الجَمعِ وُجوهٌ: الأوَّلُ: أنَّ الخلائقَ يُجمَعون فيه، قال تعالى: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ، فيَجتمِعُ فيه أهلُ السَّمواتِ مع أهلِ الأرضِ. الثَّاني: أنَّه يجمَعُ بيْن الأرواحِ والأجسادِ. الثَّالثُ: يجمعُ بيْنَ كلِّ عاملٍ وعمَلِه. الرَّابعُ: يجمعُ بيْنَ الظَّالمِ والمظلومِ). ((تفسير الرازي)) (27/580). وقيل غيرُ ذلك. يُنظر: ((تفسير الماوردي)) (6/22). ممَّن اختار القولَ الأوَّلَ -أنَّ الجمعَ للخلائقِ؛ الأوَّلينَ والآخِرينَ، وأهلِ السَّمَواتِ وأهلِ الأرضِ-: السَّمْعانيُّ، والبَغَوي، والعُلَيمي. يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (5/451)، ((تفسير البغوي)) (5/ 104)، ((تفسير العليمي)) (7/76). ويُنظر أيضًا: ((تفسير ابن جرير)) (23/10). وممَّن اقتصَر على أنَّ المرادَ جمْعُ الأوَّلينَ والآخِرينَ: ابنُ كثير، والقاسمي، والسعدي. يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (8/137)، ((تفسير القاسمي)) (9/245)، ((تفسير السعدي)) (ص: 867). قال ابن كثير: (قولُه: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ وهو يومُ القيامةِ، سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه يُجمَعُ فيه الأوَّلونَ والآخِرونَ في صعيدٍ واحدٍ، يُسْمِعُهم الدَّاعي، ويَنْفُذُهم البصرُ، كما قال تعالى: ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ [هود: 103]، وقال تعالى: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة: 49، 50]). ((تفسير ابن كثير)) (8/137). وقال ابنُ عاشور: (يجوزُ أن يُرادَ الجَمعُ الَّذي في قَولِه تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ [القيامة: 3]، وهذا زيادةُ تحقيقٍ للبَعثِ الَّذي أنكَروه). ((تفسير ابن عاشور)) (28/274). وجمَع الشَّوكانيُّ بيْن بعضِ الأوجُهِ، فقال: (ومعنى لِيَوْمِ الْجَمْعِ ليومِ القيامةِ؛ فإنَّه يُجمَعُ فيه أهلُ المَحشَرِ للجزاءِ، ويُجمَعُ فيه بيْنَ كلِّ عامِلٍ وعمَلِه، وبيْن كلِّ نبيٍّ وأمَّتِه، وبيْن كلِّ مَظلومٍ وظالِمِه). ((تفسير الشوكاني)) (5/283). .
كما قال تعالى: ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ [هود: 103] .
وقال الله سُبحانَه: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة: 49، 50].
وقال عزَّ وجلَّ: هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ [المرسلات: 38].
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَجمَعُ اللهُ يومَ القيامةِ الأوَّلِينَ والآخِرينَ في صَعيدٍ واحِدٍ )) [152] رواه البخاريُّ (4712)، ومسلمٌ (194) واللَّفظُ له. .
ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ.
أي: ذلك اليَومُ هو اليَومُ الَّذي يَغبِنُ فيه بعضُ أهلِ المَحشَرِ بعضًا؛ فيَغبِنُ فيه أهلُ الحقِّ أهلَ الباطلِ، ويَغبِنُ فيه أهلُ الإيمانِ أهلَ الكفرِ، وأهلُ الطَّاعةِ أهلَ المعصيةِ، وأهلُ الجنَّةِ أهلَ النَّارِ [153] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/10)، ((الهداية إلى بلوغ النهاية)) لمكي (12/7505)، ((تفسير ابن كثير)) (8/137)، ((تفسير الجلالين)) (ص: 746)، ((تفسير الشوكاني)) (5/ 283). ممَّن اختار في الجملةِ أنَّ المرادَ بيومِ التَّغابُنِ: يوم يَغبِنُ فيه أهلُ الجنَّةِ أهلَ النَّارِ، والمؤمنونَ الفاسِقين، وأهلُ الهدى أهلَ الضَّلالةِ، ومَنِ ارتفعتْ مَنزِلَتُه في الجنَّةِ مَن كان في دُونِ مَنزِلَتِه: مقاتلُ بنُ سُلَيمانَ، وابنُ جرير، والزَّجَّاجُ، ومكِّي، وابن عطية، وابن كثير، وجلال الدين المحلي، والسعدي. يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/352)، ((تفسير ابن جرير)) (23/10)، ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (5/180)، ((الهداية إلى بلوغ النهاية)) لمكي (12/7505)، ((تفسير ابن عطية)) (5/319)، ((تفسير ابن كثير)) (8/137)، ((تفسير الجلالين)) (ص: 746)، ((تفسير السعدي)) (ص: 867). قال الواحدي: (قال المُقاتِلانِ: هو يوم يَغبِنُ فيه أهلُ الحقِّ أهلَ الباطلِ، وأهلُ الهدى أهلَ الضَّلالةِ، وأهلُ الإيمانِ أهلَ الكفرِ، فلا غَبْنَ أبْيَنُ منه، هؤلاء يَدخُلونَ الجنَّةَ، وهؤلاء يدخلون النَّاَر، وهذا معنى قولِ جماعةِ المفسِّرينَ). ((البسيط)) (21/485). ويُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/352). وقال ابن عطيَّة: (وهو يَومُ التَّغابُنِ؛ وذلك أنَّ كلَّ واحدٍ يَنبعِثُ مِن قبرِه وهو يَرجو حظًّا ومَنزِلةً، فإذا وقَع الجزاءُ غبَنَ المؤمنونَ الكافِرين؛ لأنَّهم يَحوزونَ الجنَّةَ، ويَحصُلُ الكفَّارُ في النَّارِ. نحا هذا المنحى مجاهدٌ وغيرُه، وليس هذا الفِعلُ مِنَ التَّغابُنِ مِنِ اثنَينِ، بل كتَواضَعَ وتَحامَلَ). ((تفسير ابن عطية)) (5/319). وقيل: إنَّ المرادَ: يَغبِنُ بعضُهم بعضًا؛ لِنُزولِ السُّعداءِ مَنازِلَ الأشقياءِ الَّتي كانوا يَنزِلونها لو كانوا سُعداءَ، ونُزولِ الأشقياءِ مَنازِلَ السُّعداءِ الَّتي كانوا يَنزِلونها لو كانوا أشقياءَ. وفيه تهكُّمٌ بالأشقياءِ؛ لأنَّ نُزولَهم ليس بغَبْنٍ. وممَّن اختار هذا القولَ: الزمخشريُّ، والبيضاوي، والنسفي، وأبو حيان، وأبو السعود، والشربيني. يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/548)، ((تفسير البيضاوي)) (5/218)، ((تفسير النسفي)) (3/492)، ((تفسير أبي حيان)) (10/190)، ((تفسير أبي السعود)) (8/257)، ((تفسير الشربيني)) (4/303). وقيل: يَظهَرُ يَومَئذٍ غَبْنُ كلِّ كافرٍ بتَركِه الإيمانَ، ويَظهَرُ غَبْنُ كلِّ مؤمنٍ بتقصيرِه في الإحسانِ. وممَّن اختاره: البغويُّ، والخازن، والعُلَيمي. يُنظر: ((تفسير البغوي)) (5/104)، ((تفسير الخازن)) (4/302)، ((تفسير العليمي)) (7/76). وقال السمرقندي: (يَغبِنُ فيه الكافرُ نفْسَه وأهْلَه ومَنازِلَه في الجنَّةِ، يعني: يكونُ له النَّارُ مكانَ الجنَّةِ، وذلك هو الغَبنُ والخُسرانُ). ((تفسير السمرقندي)) (3/456). وقال القرطبي: (أي: أنَّ أهلَ الجنَّةِ أخَذوا الجنَّةَ، وأخَذَ أهلُ النَّارِ النَّارَ على طريقِ المُبادَلةِ؛ فوَقَع الغَبنُ لأجْلِ مُبادَلتِهم الخَيرَ بالشَّرِّ، والجَيِّدَ بالرَّديءِ، والنَّعيمَ بالعَذابِ). ((تفسير القرطبي)) (18/136). وقال ابنُ عاشور: (وأمَّا صِيغةُ التَّفاعُلِ فحَمَلَها جُمهورُ المفَسِّرينَ على حقيقتِها مِن حُصولِ الفِعلِ مِن جانِبَينِ، ففَسَّروها بأنَّ أهلَ الجنَّةِ غَبَنوا أهلَ النَّارِ؛ إذ أهلُ الجنَّةِ أخَذوا الجنَّةَ، وأهلُ جَهنَّمَ أخَذوا جَهنَّمَ. قاله مجاهدٌ، وقتادةُ، والحَسَنُ. فحَمَل القُرطبيُّ وغَيرُه كلامَ هؤلاء الأئمَّةِ على أنَّ التَّغابُنَ تَمثيلٌ لحالِ الفريقَينِ بحالِ مُتبايعَينِ أَخَذ أحدُهما الثَّمَنَ الوافيَ، وأخَذَ الآخَرُ الثَّمَنَ المَغبونَ). ((تفسير ابن عاشور)) (28/276). ويُنظر: ((تفسير القرطبي)) (18/137). .
كما قال تعالى: قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [الزمر: 15] .
وقال الله سُبحانَه: ... أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [الزمر: 56] .
وقال الله عزَّ وجلَّ: وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ [الحاقة: 49، 50].
وعَن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما مِنكُم مِن أحَدٍ إلَّا له مَنزِلانِ: مَنزِلٌ في الجنَّةِ، ومنزلٌ في النَّارِ، فإذا ماتَ فدَخَل النَّارَ، وَرِثَ أهلُ الجنَّةِ مَنزِلَه، فذلك قولُه تَعالى: أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ [المؤمنون: 10])) [154] أخرجه ابنُ ماجه (4341)، والبَيْهَقيُّ في ((البعث والنشور)) (241). صحَّح إسنادَه القُرطبيُّ في ((التذكرة)) (ص: 435)، وابنُ حجر في ((فتح الباري)) (11/451)، وقال البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (4/266): (إسنادُه صحيحٌ على شرطِ الشَّيخَينِ)، وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح الجامع)) (5799). .
وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ.
مُناسَبَتُها لِما قَبْلَها:
لَمَّا قال تعالى: ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ الَّذي يَظهَرُ فيه التَّغابُنُ والتَّفاوُتُ بيْن الخلائقِ، ويَغبِنُ المؤمنونَ الفاسِقين، ويَعرِفُ المجرمون أنَّهم هم الخاسِرون؛ فكأنَّه قيل: بأيِّ شَيءٍ يَحصُلُ الفَلاحُ والشَّقاءُ، والنَّعيمُ والعذابُ؟ فذكر تعالى أسبابَ ذلك بقولِه [155] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 867). :
وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ.
أي: ومَن يؤمِنْ باللهِ ويَعمَلْ بطاعتِه، يَمْحُ اللهُ عنه ذُنوبَه [156] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/10)، ((تفسير السمرقندي)) (3/456)، ((تفسير الرازي)) (30/554)، ((تفسير السعدي)) (ص: 867). .
وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ.
أي: ويُدخِلْه اللهُ جناتٍ تَجري أنهارُها فيها مِن تَحتِ قصورِها وأشجارِها [157] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/10)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/121)، ((تفسير السعدي)) (ص: 867). .
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا.
أي: لابِثينَ في تلك الجَنَّاتِ أبَدًا، فلا يَموتونَ فيها، ولا يُخرَجونَ منها [158] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/10)، ((الهداية)) لمكي (12/7506)، ((تفسير ابن كثير)) (3/235). .
ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.
أي: تكفيرُ السَّيِّئاتِ والخُلودُ في الجنَّاتِ: هو الظَّفَرُ العَظيمُ الجالِبُ للمَسارِّ، والمُنجِي مِن المَضارِّ [159] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/11)، ((تفسير السمرقندي)) (3/456)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/121، 122)، ((تفسير الشوكاني)) (5/283). .
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا ذَكَر اللهُ تعالى الفائِزَ بلُزومِه التَّقوى؛ ترغيبًا- أتْبَعَه الخائِبَ بسَبَبِ إفسادِ القُوَّتَينِ الحاملتَينِ على التَّقْوى: العِلميَّةِ والعَمَليَّةِ؛ تَرهيبًا [160] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/122). .
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا.
أي: والَّذين كَفَروا باللهِ وكَذَّبوا بآياتِه أولئك أصحابُ النَّارِ الملازِمونَ لها دَومًا، الماكِثونَ فيها أبَدًا [161] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/10)، ((تفسير السمرقندي)) (3/456)، ((تفسير السعدي)) (ص: 867). .
كما قال تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ [الروم: 16] .
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.
أي: وبِئسَ المَرجِعُ والمُنقلَبُ الَّذي يَصيرُ إليه الكفَّارُ في الآخِرةِ: النَّارُ [162] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/10)، ((تفسير السمعاني)) (5/452)، ((تفسير السعدي)) (ص: 867). .

الفوائد التربوية:

اشتَرِ نفْسَك اليَومَ؛ فإنَّ السُّوقَ قائمةٌ، والثَّمنَ موجودٌ، والبضائعَ رخيصةٌ، وسيأتي على تلك السُّوقِ والبضائعِ يومٌ لا تصِلُ فيها إلى قليلٍ ولا كثيرٍ، ذلك يَومُ التَّغابُنِ، يومَ يَعَضُّ الظَّالمُ على يدَيه [163] يُنظر: ((الفوائد)) لابن القيم (ص: 49). . وقد أعطى اللهُ تعالى كلَّ إنسانٍ رأسَ مالٍ، وأمَرَه بالتِّجارةِ فيه مع خالِقِه، ورأسُ هذا المالِ هو ساعاتُ العُمُرِ ودقائقُه وثَوانيه، فلا مثيلَ لها في الدُّنيا، ولا يوجَدُ شَيءٌ أكبَرُ منها فائدةً إذا أُعمِلَتْ على الوجهِ الأتَمِّ، هذا رأسُ مالِك أيُّها الإنسانُ، وأنت مأمورٌ بتحريكِه والتِّجارةِ فيه مع الله، فإن كنتَ رجُلًا عاقلًا يُقدِّرُ الأمورَ ويَخافُ العَواقِبَ السَّيِّئةَ حرَّكْتَ عُمُرَك، وتاجَرْتَ فيه مع خالِقِ السَّمواتِ والأرضِ تجارةً، وذلك أن تَصرِفَ ساعاتِ العُمُرَ وأوقاتَه ودقائقَه وثوانيَه فيما يُرضيه، وتَحذَرَ أن تَصرِفَ شيئًا منه فيما يُسخِطُه، فتَنظُرَ في أوقاتِ عُمُرِك الوقتَ الَّذي يَتَوجَّهُ إليك فيه أمرٌ مِن السَّماءِ -كأوقاتِ الصَّلَواتِ، وأوقاتِ الصَّومِ، وأوقاتِ الحجِّ، وما جرى مَجرى ذلك- فتُبادِرَ إلى امتِثالِ أمْرِك بنفْسٍ طَيِّبةٍ مُسارِعةٍ راغِبةٍ فيما عندَ الله، والأوقاتُ الَّتي لم يتَوجَّهْ عليك طلبٌ مخصوصٌ فيها تَستزيدُ مِن الخَيرِ، وتَحذَرُ كلَّ الحذَرِ مِن أن تَرتَكِبَ شيئًا يُغضِبُ خالِقَك ويُسخِطُه، فإذا اتَّجَرْتَ مع الله هذه التِّجارةَ رَبِحْتَ رِبحًا عظيمًا؛ رَبِحتَ مُجاوَرةَ ربٍّ غيرِ غَضْبانَ، والنَّظرَ إلى وجْهِه الكريمِ، وسُكْنى الجنَّةِ [164] يُنظر: ((العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير)) (4/173). .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قَولُ الله تعالى: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ إنْ قيلَ: فأيُّ مُعامَلةٍ وقَعَت بيْنَهما حتَّى يقَعَ الغَبْنُ فيها؟!
فالجوابُ: هو تمثيلُ الغَبْنِ في الشِّراءِ والبَيعِ -على قولٍ-، كما قال تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى [البقرة: 16] ، ولَمَّا ذَكَر أنَّ الكُفَّارَ اشتَرَوُا الضَّلالةَ بالهُدى وما رَبِحوا في تجارتِهم بل خَسِروا، وذكَرَ أيضًا أنَّهم غُبِنوا؛ وذلك أنَّ أهلَ الجنَّةِ اشتَرَوُا الآخِرةَ بتَرْكِ الدُّنيا، واشترى أهلُ النَّارِ الدُّنيا بتَرْكِ الآخِرةِ، وهذا نوعُ مُبادَلةٍ، وقد فَرَّق اللهُ سُبحانَه وتعالى الخَلْقَ فَريقَينِ: فريقًا للجَنَّةِ، وفريقًا للنَّارِ، ومَنازِلُ الكُلِّ مَوضوعةٌ في الجنَّةِ والنَّارِ، فقد يَسبِقُ الخِذْلانُ على العَبدِ فيَكونُ مِن أهلِ النَّارِ، فيَحصُلُ الموفَّقُ على مَنزلِ المخذولِ، ومَنزِلُ الموفَّقِ في النَّارِ للمَخذولِ، فكأنَّه وقَعَ التَّبادُلُ؛ فحَصَل التَّغابُنُ، والأمثالُ موضوعةٌ للبيانِ في حُكمِ اللُّغةِ والقُرآنِ [165] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (18/137). ، وأيضًا فأهلُ الجنَّةِ بايَعوا على الإسلامِ بالجنَّةِ فرَبِحوا، وأهلُ النَّارِ امْتَنَعوا مِن الإسلامِ فخَسِروا؛ فشُبِّهوا بالمُتبايعَينِ يَغْبِنُ أحدُهما الآخَرَ في بَيعِه، ويُؤَيِّدُ ذلك قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يَدخُلُ أحدٌ الجنَّةَ إلَّا أُرِيَ مَقْعَدَه مِن النَّارِ لو أساءَ؛ لِيَزدادَ شُكرًا، ولا يَدخُلُ أحدٌ النَّارَ إلَّا أُرِيَ مَقْعَدَه مِن الجنَّةِ لو أَحْسَنَ؛ لِيَكونَ عليه حَسْرةً )) [166] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (8/653). والحديث أخرجه البخاريُّ (6569) مِن حديث أبي هُرَيرةَ رضيَ الله عنه. .
2- قَولُ الله تعالى: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ استُدِلَّ بقَولِه تعالى: ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ على أنَّه لا يجوزُ الغَبْنُ في مُعاملةِ الدُّنيا؛ لأنَّ اللهَ تعالى خَصَّص التَّغابُنَ بيومِ القيامةِ، فقال: ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ، وهذا الاختِصاصُ يُفيدُ أنَّه لا غَبْنَ في الدُّنيا؛ فكُلُّ مَنِ اطَّلَع على غَبْنٍ في مَبيعٍ فإنَّه مردودٌ [167] يُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن العربي (4/261). على خِلافٍ بيْنَ الفُقهاءِ في ذلك [168] اتَّفَق الأئمَّةُ الأربعةُ: أبو حنيفةَ ومالكٌ والشَّافعيُّ وأحمدُ على أنَّ الغَبْنَ في البَيعِ بما لا يَفحُشُ لا يؤثِّرُ في صِحَّتِه، ثمَّ اختلَفوا إذا كان الغَبْنُ فيه بما لا يَتغابَنُ النَّاسُ بمِثلِه في العادةِ؛ فقال مالكٌ وأحمدُ: يَثبُتُ الفَسخُ، وقدَّره مالكٌ بالثُّلُثِ ولم يُقَدِّرْه أحمدُ، وقال أبو حَنيفةَ والشَّافِعيُّ: ليس له الفَسخُ. يُنظر: ((اختلاف الأئمة العلماء)) لابن هُبَيْرةَ (1/356)، ((المغني)) لابن قدامة (3/498)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (20/149، 150). .
3- قَولُ الله تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا فيه سُؤالٌ: قال تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بلَفظِ الواحِدِ، وخَالِدِينَ فِيهَا بلَفظِ الجَمعِ؟
الجوابُ: أنَّ ذلك بحَسَبِ اللَّفظِ، وهذا بحَسَبِ المعنى [169] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (30/555). .
4- قال اللهُ تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ بلَفظِ المُستَقبَلِ، وفي الكُفْرِ قال: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بلَفظِ الماضي؛ وذلك أنَّ تقديرَ الكَلامِ: ومَن يؤمِنْ باللهِ مِن الَّذين كَفَروا وكَذَّبوا بآياتِنا، يُدخِلْه جنَّاتٍ، ومَن لم يؤمِنْ منهم فأولئك أصحابُ النَّارِ [170] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (30/555). .
5- في قَولِه تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا هذان هما الأساسانِ للكُفرِ؛ لأنَّ الكُفرَ يَدورُ على شيئينِ: إمَّا استِكبارٍ، وإمَّا جُحودٍ، فكُفْرُ إبليسَ: كُفْرُ استكبارٍ؛ لأنه مُقِرٌّ باللهِ، لكنَّه استكبَرَ، وكُفْرُ فِرعَونَ وقَومِه: كُفْرُ جُحودٍ؛ لِقَولِه تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا [النمل: 14] ، فَهُمْ في ألْسِنَتِهم مُكَذِّبُون، لكنَّهم في نُفوسِهم مُصَدِّقُون؛ لقوله تعالى: وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ [171] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- الفاتحة والبقرة)) (1/140). [النمل: 14] .
6- قَولُ الله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ فيه سُؤالٌ: ما الحِكمةُ في قَولِه تعالى: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ، بعدَ قَولِه تعالى: خَالِدِينَ فِيهَا، وذلك بِئسَ المصيرُ؟
الجوابُ: ذلك وإن كان في معناه فلا يدُلُّ عليه بطَريقِ التَّصريحِ؛ فالتَّصريحُ مِمَّا يؤَكِّدُه [172] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (30/555). .
7- في قَولِه تعالى: أَصْحَابُ النَّارِ أي: الملازِمون لها؛ ولهذا لا تأتي «أصحابُ النَّارِ» إلَّا في الكُفَّارِ، لا تأتي في المؤمِنينَ أبدًا! لأنَّ المرادَ الَّذين هم مُصاحِبون لها، والمصاحِبُ لا بُدَّ أنْ يُلازِمَ مَن صاحَبَه [173] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- الفاتحة والبقرة)) (1/141). .

بلاغة الآيتين:

1- قولُه تعالَى: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
- قولُه: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ إلى قولِه: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [التغابن: 10] تَفصيلٌ لِما أُجمِلَ في قولِه: وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [التغابن: 8] الَّذي هو تَذييلٌ [174] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/277). .
- وانتصَبَ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ [التغابن: 9] بقولِه: لَتُنَبَّؤُنَّ [التغابن: 7] ، أو بـ خَبِيرٌ [التغابن: 8] ، بما فيه مِن معنى الوَعيدِ والجزاءِ، أو بمحذوفٍ دلَّ عليه سِياقُ الكلامِ، أي: تَتفاوَتونَ يَومَ يَجْمَعُكُم. وقيلَ: هو مفعولٌ به لفِعلٍ محذوفٍ، أي: اذْكُروا [175] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/548)، ((تفسير البيضاوي)) (5/218)، ((تفسير أبي حيان)) (10/190)، ((تفسير أبي السعود)) (8/257)، ((إعراب القرآن)) لدرويش (10/111). .
وعلى القولِ بأنَّ قولَه: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ مُتعلِّقٌ بفِعلِ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ [التغابن: 7] ، الَّذي هو كِنايةٌ عن «تُجازَوْنَ» على تَكذيبِكُم بالبعثِ، فيكونُ مِن تمامِ ما أُمِرَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ بأنْ يقولَه لهمُ ابتِداءً مِن قولِه تعالَى: قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ [176] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/274). [التغابن: 7] .
- واللَّامُ في لِيَوْمِ الْجَمْعِ يجوزُ أنْ يكونَ للتَّعليلِ، أي: يَجمَعُكم مِن أجْلِ اليَومِ المعروفِ بالجمعِ المخصوصِ، وهو الَّذي مِن أجْلِ جمْعِ النَّاسِ، أي: يَبعَثُكم مِن أجْلِ أنْ يَجمَعَ النَّاسَ كلَّهم للحسابِ، فمعنى الجمعِ هذا غَيرُ معنى الَّذي في: يَجْمَعُكُمْ [التغابن: 9] ، فليس هذا مِن تعليلِ الشَّيءِ بنفْسِه، بل هو مِن قَبيلِ التَّجنيسِ، ويجوزُ أنْ يكونَ اللَّامُ بمعنى (في)، والأحسَنُ أنْ يكونَ اللَّامُ للتَّوقيتِ، وهي الَّتي بمعنى (عِندَ)؛ كالَّتي في قولِهم: كُتِبَ لِكَذا مَضَيْنَ مثلًا، وهو استِعمالٌ يدُلُّ على شدَّةِ الاقتِرابِ؛ ولذلك فسَّروهُ بمعنى (عِندَ)، ويُفيدُ هُنا أنَّهم مَجموعونَ في الأجَلِ المُعيَّنِ دونَ تأخيرٍ؛ ردًّا على قولِهم: لَنْ يُبْعَثُوا [التغابن: 7] ، فيَتعلَّقُ قولُه: لِيَوْمِ الْجَمْعِ بفِعلِ يَجْمَعُكُمْ، فيومُ الجَمعِ هو يومُ الحشرِ، جُعِلَ هذا المُركَّبُ الإضافيُّ لقبًا ليومِ الحشرِ [177] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/274، 275). .
- قولُه: ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ اعتِراضٌ بيْن جُملةِ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ [التغابن: 7] بمُتعلَّقِها وبيْن جُملةِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ اعتِراضًا يُفيدُ تَهويلَ هذا اليَومِ؛ تَعريضًا بوَعيدِ المُشرِكينَ بالخَسارةِ في ذلك اليومِ، أي: بسُوءِ المُنقلَبِ [178] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/275). .
- قولُه: ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ الإتيانُ باسمِ الإشارةِ في مَقامِ الضَّميرِ؛ لقَصْدِ الاهتِمامِ بهذا اليَومِ بتَمييزِهِ أكمَلَ تمييزٍ، مع ما يُفيدُه اسمُ إشارةِ البعيدِ مِن عُلُوِّ المرتبةِ [179] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/275). .
- قولُه: ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ أفادَ تَعريفُ جُزأَيِ الجُملةِ قصرَ المُسنَدِ على المُسنَدِ إليهِ، أي: قصرَ جنسِ يومِ التَّغابُنِ على يومِ الجَمْعِ المُشارِ إليه باسمِ الإشارةِ، وهو مِن قَبيلِ قصرِ الصِّفةِ على الموصوفِ قصرًا ادِّعائيًّا [180] القَصرُ أو الحَصرُ هو: تَخصيصُ شَيءٍ بشَيءٍ وحصْرُه فيه، ويُسمَّى الأمرُ الأوَّلُ: مَقصورًا، والثَّاني: مقصورًا عليه؛ مِثلُ: إنَّما زَيدٌ قائمٌ، و: ما ضرَبتُ إلَّا زيدًا. ويَنقسِمُ إلى قَصْرٍ حقيقيٍّ، وقصرٍ إضافيٍّ، وادِّعائيٍّ، وقصرِ قَلْبٍ؛ فالحقيقيُّ هو: أن يختصَّ المقصورُ بالمقصورِ عليه بحسَبِ الحقيقةِ والواقِعِ، بألَّا يتعدَّاه إلى غيرِه أصلًا، مِثلُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، حيثُ قُصِر وصْفُ الإلَهيَّةِ الحقِّ على مَوصوفٍ هو اللهُ وحْدَه، وهذا مِن قصرِ الصِّفةِ على المَوصوفِ، وهو قصرٌ حقيقيٌّ. والقصرُ الإضافيُّ: أن يكونَ المقصورُ عنه شيئًا خاصًّا، يُرادُ بالقصرِ بيانُ عدَمِ صحَّةِ ما تصوَّره بشأنِه أو ادَّعاه المقصودُ بالكلامِ، أو إزالةُ شكِّه وترَدُّدِه، إذا كان الكلامُ كلُّه منحصرًا في دائرةٍ خاصَّةٍ؛ فليس قصرًا حقيقيًّا عامًّا، وإنَّما هو قصرٌ بالإضافةِ إلى موضوعٍ خاصٍّ، يَدورُ حوْلَ احتمالَينِ أو أكثرَ مِن احتمالاتٍ محصورةٍ بعددٍ خاصٍّ، ويُستدَلُّ عليها بالقرائنِ. مِثلُ قولِه تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ [آل عمران: 144] . والقصرُ الادِّعائيُّ: ما كان القصرُ الحقيقيُّ فيه مبنيًّا على الادِّعاءِ والمبالَغةِ؛ بتنزيلِ غيرِ المذكور منزِلةَ العدَمِ، وقصْرِ الشَّيءِ على المذكورِ وحْدَه. وقصْرُ القَلبِ: أن يَقلِبَ المتكلِّمُ فيه حُكمَ السَّامعِ؛ كقولِك: ما شاعرٌ إلَّا زَيدٌ، لِمَن يَعتقِدُ أنَّ شاعرًا في قبيلةٍ معيَّنةٍ أو طرَفٍ مُعَيَّنٍ، لكنَّه يقولُ: ما زَيدٌ هناك بشاعِرٍ. وللقَصرِ طُرُقٌ كثيرةٌ؛ منها: القصرُ بالنَّفيِ والاستثناءِ، والقصرُ بـ (إنَّما)، والقصرُ بتقديمِ ما حَقُّه التأخيرُ، وغيرُ ذلك. يُنظر: ((مفتاح العلوم)) للسَّكَّاكي (ص: 288)، ((الإيضاح في علوم البلاغة)) للقزويني (1/118) و(3/6)، ((التعريفات)) للجُرْجاني (1/175، 176)، ((الإتقان)) للسيوطي (3/167)، ((جواهر البلاغة)) للهاشمي (ص: 167، 168)، ((موجز البلاغة)) لابن عاشور (ص: 19 - 22)، ((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة الميداني (1/525). ، أي: ذلك يومُ الغَبْنِ، لا أيَّامُ أسواقِكم ولا غَيرُها؛ فإنَّ عدمَ أهمِّيَّةِ غَبْنِ النَّاسِ في الدُّنيا جعَلَ غَبْنَ الدُّنيا كالعدمِ، وجعَلَ يومَ القيامةِ مُنحصِرًا فيه جنسُ الغَبْنِ [181] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/548)، ((تفسير البيضاوي)) (5/218)، ((تفسير أبي السعود)) (8/257)، ((تفسير ابن عاشور)) (28/277). .
- قولُه: يَوْمُ التَّغَابُنِ قيل: التَّغابُنُ تَمثيلٌ لحالِ الفريقَينِ بحالِ مُتبايعَيْنِ أخَذَ أحَدُهُما الثَّمَنَ الوافيَ، وأخَذَ الآخَرُ الثَّمَنَ المغبونَ، وأنَّ قولَه عَقِبَه: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ، إلى قولِه: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ قَرينةٌ على المرادِ مِنَ الجانبَينِ، ويكونُ قولُه: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ، إلى قولِه: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ تفصيلًا للفريقَيْنِ؛ فيكونُ في الآيةِ تَشبيهٌ وتمثيلٌ؛ فالتَّمثيلُ في صِيغةِ التَّغابُنِ، وهو تَشبيهٌ مُركَّبٌ بمنزلةِ التَّشبيهِ البليغِ؛ إذِ التَّقديرُ: ذلكَ يومٌ مِثْلُ التَّغابُنِ [182] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/548)، ((تفسير البيضاوي)) (5/218)، ((تفسير أبي حيان)) (10/190)، ((تفسير ابن عاشور)) (28/276)، ((إعراب القرآن)) لدرويش (10/112). .
والكلامُ تَهديدٌ للمُشرِكينَ بسُوءِ حالتِهِم في يومِ الجَمعِ؛ إذِ المعنى: ذلك يومُ غَبْنِكم الكثيرِ الشَّديدِ، بقَرينةِ قولِه قَبْلَه: فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا [التغابن: 8] ، والغابِنُ لهم هو اللهُ تعالَى، ولولا قَصْدُ ذلك لَمَا اقتُصِرَ على أنَّ ذلكَ يومُ تغابُنٍ؛ فإنَّ فيه رِبحًا عظيمًا للمُؤمِنينَ باللهِ ورسولِه والقرآنِ [183] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/276، 277). .
- قولُه: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ الواوُ استئنافيَّةٌ، والجُملةُ مُستأنَفةٌ مَسوقةٌ لبيانِ التَّغابُنِ وتفصيلِه [184] يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (5/218)، ((تفسير أبي السعود)) (8/257)، ((إعراب القرآن)) لدرويش (10/111). .
- قولُه: يُكَفِّرْ وَيُدْخِلْهُ قُرِئَ بياءِ الغَيْبةِ على مُقْتَضى الظَّاهِرِ؛ لأنَّ ضَميرَ الجَلالةِ يُؤْذِنُ بعِنايةِ اللهِ بهذا الفريقِ، وعلى قِراءةِ نُكَفِّرْ ونُدْخِلْهُ -بنونِ العظَمةِ [185] قرأهما المَدَنيَّانِ -نافعٌ وأبو جعفرٍ-، وابنُ عامرٍ بالنُّونِ، وقرأهما الباقونَ بالياءِ. يُنظر: ((النشر في القراءات العشر)) لابن الجزري (2/248). - فيَكونُ فيه الْتفاتٌ مِنَ الغَيْبةِ إلى التَّكلُّمِ؛ لأنَّ مَقامَ الوعدِ مَقامُ إقبالٍ، فناسَبَه ضَميرُ التَّكلُّمِ [186] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/277). .
- وجُملةُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ تَذييلٌ [187] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/277). . والإشارةُ بـ ذَلِكَ إلى مَجموعِ الأمْرَينِ -تَكفيرِ السَّيِّئاتِ، وإدْخالِ الجَنَّاتِ-؛ ولذلك جعَلَه الفَوزَ العظيمَ؛ لأنَّه جامِعٌ للمَصالحِ: مِن دَفعِ المَضارِّ، وجَلبِ المَنافعِ [188] يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (5/218)، ((تفسير أبي السعود)) (8/257). .
- وفيه مُناسَبةٌ حسَنةٌ، حيثُ قال هنا: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وقال في سُورةِ (الطَّلاقِ): وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا [الطلاق: 11] ؛ فخصَّصَ الآيةَ الأُولى بقولِه: يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ، وخَلَت الآيةُ الثَّانيةُ منه؛ ووجْهُ ذلك: أنَّ الآيةَ الأُولى جاءتْ بعْدَ قولِه مُخبِرًا عن الكفَّارِ: فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن: 6، 7]، فهذه سيِّئاتٌ تَحتاجُ إلى تَكفيرٍ إذا آمَنَ باللهِ بعْدَها، فقال: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا في مُستقبَلِ عُمُرِه، يَمسَحْ عنه ما سبَقَ مِن كُفرِه، ثمَّ يُوجِبْ له جنَّاتٍ، والآيةُ الثَّانيةُ لم يَتقدَّمْها خبَرٌ عن كُفَّارٍ بسيِّئاتٍ فيُوعَدوا بتَكفيرِها إذا أقْلَعوا عنها وتابوا منها وعَمِلوا الصَّالحاتِ مَكانَها، وكان مَضمونًا تَكفيرُ السَّيِّئاتِ عندَ الإيمانِ، وعمَلِ الصَّالحاتِ؛ فلم يُحتَجْ إلى ذِكرِه كما كان الأمرُ في غيرِه [189] يُنظر: ((درة التنزيل وغرة التأويل)) للإسكافي (ص: 1281، 1282)، ((أسرار التكرار في القرآن)) للكرماني (ص: 237)، ((ملاك التأويل)) لأبي جعفر الغرناطي (2/475)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/468)، ((فتح الرحمن)) للأنصاري (ص: 568). .
2- قولُه تعالَى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
- قولُه: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا، أي: كفَروا وكذَّبوا مِنْ قَبْلُ، واستمَرُّوا على كفرِهم وتكذيبِهم، فلم يَسْتَجيبوا لهذه الدَّعوةِ، ثَبَت لهم أنَّهم أصحابُ النَّارِ؛ ولذلك جِيءَ في جانبِ الخَبرِ عنهم بالجُملةِ الاسميَّةِ الدَّالَّةِ على الثَّباتِ لعَراقتِهم في الكفرِ والتَّكذيبِ [190] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/277). .
- قولُه: أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ جِيءَ باسمِ الإشارةِ أُولَئِكَ؛ لتَمييزِهِم تمييزًا لا يَلتبِسُ معه غيرُهم بهم، مع ما يُفيدُه اسمُ الإشارةِ مِن أنَّ استِحقاقَهم لِمُلازَمةِ النَّارِ ناشئٌ عن الكُفرِ والتَّكذيبِ بآياتِ اللهِ، وهذا وعيدٌ [191] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/277). .
- وجُملةُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اعتِراضٌ تذييليٌّ؛ لزيادةِ تَهويلِ الوعيدِ [192] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/277). .