موسوعة التفسير

سورةُ غافِرٍ
مقدمة السورة

أسماء السورة:

سُمِّيَت هذه السُّورةُ بسُورةِ: غافِرٍ [1] سُمِّيَت هذه السُّورةُ بهذا الاسمِ؛ لذِكْرِه في أوَّلِها؛ قال ابنُ عاشور: (تُسمَّى سورةَ غافرٍ؛ لذِكرِ وَصْفِه تعالى: غَافِرِ الذَّنْبِ [غافر: 3] في أوَّلِها، وبهذا الاسمِ اشتَهَرتْ في مَصاحفِ المغربِ). ((تفسير ابن عاشور)) (24/75). ، وسُورةِ المُؤمِنِ [2] سُمِّيَت بهذا الاسمِ؛ لاشتِمالِها على حديثِ مُؤمِنِ آلِ فِرعَونَ. يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/409). قال ابنُ عاشور: (وبذلك اشتَهَرت في مصاحفِ المَشرقِ، وبذلك تَرجَمها البخاريُّ في «صحيحِه»، والتِّرمذيُّ في «الجامعِ»). ((تفسير ابن عاشور)) (24/75). ويُنظر: ((صحيح البخاري)) (6/126)، ((سنن الترمذي)) (5/374). .

فضائل السورة وخصائصها:

سورةُ غافِرٍ هي أوَّلُ السُّوَرِ السَّبْعِ الَّتي تَبدَأُ بقَولِه تعالى: حم، ويُطلَقُ على هذه السُّورِ (الحواميم) [3] يُنظر: ((التفسير الوسيط)) لطنطاوي (12/255). والحواميم هي: (غافر)، و(فصلت)، و(الشورى)، و(الزخرف)، و(الدخان)، و(الجاثية)، و(الأحقاف)، ويقالُ لها أيضًا: (ذوات حم)، و(آل حم). يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (5/1907)، ((الإتقان)) للسيوطي (1/224). .

بيان المكي والمدني:

سورةُ غافِرٍ مَكِّيَّةٌ [4] وقيل: السُّورةُ مَكِّيَّةٌ إلَّا آيتَينِ منها نزلَتَا بالمدينةِ، وهما: إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ ... [غافر: 56] ، والَّتي بعْدَها. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/274)، ((تفسير الماوردي)) (5/141). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [5] ممَّن نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عطيَّة، وأبو حيَّان، والفيروزابادي، والبِقاعي. يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (4/611)، ((تفسير أبي حيان)) (9/231)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/409)، ((مصاعد النظر)) للبقاعي (2/432). .

مقاصد السورة:

من أهم مقاصد هذه السورة:
إبطالُ جَدَلِ الَّذينَ يُجادِلونَ في آياتِ اللهِ [6] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (24/200). قال الألوسي نقلًا عن القَزْويني في ((الكشف)): (... ولو تُؤمِّلَ في هذه السُّورةِ الكريمةِ حقَّ التَّأمُّلِ، وُجِد جُلُّ الكلامِ فيها مبنيًّا على ردِّ المُجادِلينَ في آياتِ الله المُشتمِلةِ على التَّوحيدِ والبعثِ، وتبيينِ وجْهِ الرَّدِّ في ذلك بفنونٍ مختلِفةٍ). ((تفسير الألوسي)) (12/334). وقال ابنُ عاشور: (إذ كان مِن أوَّلِها قَولُه: مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا [غافر: 4] ، وتكَرَّر ذلك خَمْسَ مرَّاتٍ فيها؛ فنَبَّه على إبطالِ جِدالِهم في مُناسَباتِ الإبطالِ كُلِّها؛ إذ ابتُدئَ بإبطالِه على الإجمالِ عَقِبَ الآياتِ الثَّلاثِ مِن أوَّلِها بقَولِه: مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا [غافر: 4] ، ثمَّ بإبطالِه بقَولِه: الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ [غافر: 35] ، ثمَّ بقَولِه: إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ [غافر: 56] ، ثمَّ بقَولِه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ [غافر: 69] ، وذلك كُلُّه إيماءٌ إلى أنَّ الباعِثَ لهم على المجادَلةِ في آياتِ اللهِ هو ما اشتمَلَ عليه القرآنُ مِن إبطالِ الشِّركِ؛ فلذلك أعقَبَ كُلَّ طريقةٍ مِن طرائقِ إبطالِ شِرْكِهم بالإنحاءِ على جِدالِهم في آياتِ اللهِ). ((تفسير ابن عاشور)) (24/200). .

موضوعات السورة:

من أهم موضوعات هذه السورة:
1- افتِتاحُ السُّورةِ بالثَّناءِ على اللهِ تعالى.
2- تَسليةُ الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم عمَّا لَقِيَه مِن المُشرِكينَ.
3- بيانُ وظيفةِ الملائِكةِ الَّذين يَحمِلونَ العَرشَ، وأنَّ منها الاستِغفارَ للمُؤمِنينَ، والدُّعاءَ لهم.
4- دَعوةُ العِبادِ إلى إخلاصِ الطَّاعةِ له، وتَذكيرُهم بأهوالِ يومِ القيامةِ، وأنَّ المُلْكَ في هذا اليومِ لله وَحْدَه.
5- ذِكرُ جانبٍ مِن قِصَّةِ موسى عليه السَّلامُ مع فِرعَونَ وهامانَ وقارونَ، وما وَعَظ به الرَّجُلُ المؤمِنُ مِن آلِ فِرعَونَ قَومَه.
6- حِكايةُ جانبٍ مِن المُحاوَراتِ الَّتي تَدورُ بيْنَ الضُّعَفاءِ والمتكَبِّرينَ في النَّارِ، وما يَقولونَه لِخَزَنةِ جَهنَّمَ.
7- التَّنبيهُ على دَلائلِ تفرُّدِ اللهِ تعالى بالإلهيَّةِ إجمالًا، وإبطالُ عبادةِ ما يَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ.
8- ذِكرُ ألوانٍ مِن نِعَمِ اللهِ على النَّاسِ؛ لكي يَشكُروه عليها.
9- الحَديثُ عن الَّذينَ يُجادِلونَ في آياتِ اللهِ بغيرِ عِلمٍ، وتوبيخُهم وتهديدُهم بسُوءِ المصيرِ، وأمْرُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالصَّبرِ على أذاهم، مع تذكيرِه بأحوالِ الرُّسُلِ السَّابِقينَ مع أقوامِهم.
10- إنذارُ مُشرِكي مكَّةَ بأنَّ مَصيرَهم سيَكونُ كمَصيرِ مَن قَبْلَهم مِمَّن أشرك، وذلك في حالِ بقائِهم على كُفرِهم، وأنَّهم إذا نزَل بهم عذابُ اللهِ فلن يَنفَعَهم الإيمانُ حينَئذٍ.