موسوعة التفسير

سورةُ الأحزابِ
الآيات (1-3)

ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ

المَعنى الإجماليُّ:

يقولُ الله تعالى مفتتِحًا السُّورةَ بهذا الخِطابِ لنبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم: يا أيُّها النَّبيُّ اتَّقِ اللهَ ودُمْ على تَقْواه، ولا تُطِعِ الكافِرينَ والمُنافِقينَ؛ إنَّ اللهَ عَليمٌ بكلِّ شَيءٍ، وبما تُضمِرُه نُفوسُهم، حَكيمٌ في تدبيرِ أمورِ خَلْقِه فيما شَرَع.
 واتَّبِعْ ما أوحاه اللهُ إليك؛ إنَّ اللهَ كان بما تَعمَلونَ خَبيرًا، وتَوكَّلْ على اللهِ، وحَسْبُك باللهِ تعالى وَكيلًا.

تَفسيرُ الآياتِ:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1).
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ.
أي: يا أيُّها النَّبيُّ اتَّقِ اللهَ بامتِثالِ أوامِرِه، واجتِنابِ نواهيه، ودُمْ على تَقْواه [7] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/5)، ((تفسير ابن عطية)) (4/367)، ((تفسير السعدي)) (ص: 657)، ((تفسير ابن عاشور)) (21/250)، ((تفسير ابن عثيمين - سورة الأحزاب)) (ص: 11-13). .
وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ.
أي: ولا تُطِعْ -أيُّها النَّبيُّ- الكافِرينَ المُظهِرينَ للكُفرِ، والمُنافِقينَ المُبطِنينَ له؛ فهؤلاء أعداؤُك، وليسوا أهلَ نُصحٍ لك [8] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/5)، ((تفسير ابن كثير)) (6/375)، ((تفسير السعدي)) (ص: 657)، ((تفسير ابن عثيمين - سورة الأحزاب)) (ص: 14، 15). قال ابن عاشور: (والطَّاعةُ: العملُ على ما يأمُرُ به الغيرُ أو يُشيرُ به لأجْلِ إجابةٍ مرغوبةٍ...، ووُقوعُ اسمِها في سياقِ النَّهيِ يقتَضي النَّهيَ عن كُلِّ ما يتحَقَّقُ فيه أدنى ماهِيَّتِها). ((تفسير ابن عاشور)) (21/251). .
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا.
مُناسَبتُها لِما قَبْلَها:
لَمَّا أمَر اللهُ تعالى نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم بالتَّقْوى، ونهاه عن طاعةِ الكافرينَ؛ بيَّن أنَّ هذا الأمرَ صادرٌ عن عِلمٍ وحِكمةٍ، وأنَّه تعالى أعلَمُ بما يَكيدُه هؤلاء الأعداءُ مِن الكفَّارِ والمُنافِقين [9] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين - سورة الأحزاب)) (ص: 15). .
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا.
أي: إنَّ اللهَ كان ولم يَزَلْ عَليمًا بعواقِبِ الأمورِ، وبما تُضمِرُه نفوسُ الكافِرينَ والمنافِقينَ، حكيمًا في تدبيرِ جميعِ أمورِ خَلقِه، وفيما شرَعَ لهم مِن دينِه [10] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/5)، ((تفسير ابن عطية)) (4/367)، ((تفسير ابن كثير)) (6/375). .
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّه يُقَرِّرُ ما ذُكِرَ مِن أنَّه تعالى حَكيمٌ؛ فاتِّباعُه هو الواجِبُ [11] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (25/154). .
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ.
أي: واعمَلْ -يا مُحمَّدُ- بما أوحاه إليك ربُّك، وشَرَع لك مِن دينِه، واستَمِرَّ على ذلك [12] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/5)، ((تفسير ابن عطية)) (4/367)، ((تفسير ابن كثير)) (6/375)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (15/282)، ((تفسير ابن عثيمين - سورة الأحزاب)) (ص: 21). .
كما قال تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [الجاثية: 18] .
إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا.
أي: إنَّ اللهَ كان ولم يَزَلْ بما تَعمَلونَ خَبيرًا لا يخفى عليه شَيءٌ مِن أعمالِكم، وسيُجازيكم عليها [13] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/6)، ((تفسير ابن عطية)) (4/367)، ((تفسير ابن كثير)) (6/375). .
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3).
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ.
أي: واعتَمِدْ -يا مُحمَّدُ- في أمورِك كُلِّها على اللهِ وَحْدَه، وثِقْ به سُبحانَه [14] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/6)، ((تفسير القرطبي)) (14/115)، ((تفسير ابن كثير)) (6/375)، ((تفسير السعدي)) (ص: 657)، ((تفسير ابن عثيمين - سورة الأحزاب)) (ص: 28). قال السعدي في بيانِ معنى هذه الآيةِ: (فإنْ وقع في قَلبِك أنَّك إنْ لم تُطِعْهم في أهوائِهم المُضِلَّةِ، حصَلَ عليك منهم ضرَرٌ، أو حصَلَ نَقصٌ في هدايةِ الخَلقِ: فادفَعْ ذلك عن نَفسِك، واستعمِلْ ما يُقاوِمُه ويُقاوِمُ غيرَه، وهو التَّوكُّلُ على الله). ((تفسير السعدي)) (ص: 657). .
كما قال تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ [الفرقان: 58] .
وقال سُبحانَه: فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ [النمل: 79] .
وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا.
أي: وحَسْبُك اللهُ تعالى وَحْدَه؛ فهو الحافِظُ لكُلِّ شَيءٍ، القادِرُ على تحقيقِ كُلِّ شَيءٍ، والمدبِّرُ لجَميعِ الخَلقِ؛ فلا تَلتَفِتْ في شَيءٍ مِن أمْرِك إلى غيرِه سُبحانَه [15] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/6)، ((تفسير ابن كثير)) (6/376)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (15/283)، ((تفسير السعدي)) (ص: 657). .
كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3] .

الفَوائِدُ التَّربويَّةُ:

1- في قَولِه تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ أنَّ الإنسانَ مهما بَلَغ مِن المرتبةِ فإنَّ التَّكاليفَ لا تَسقُطُ عنه، وعلى هذا فيَتفرَّعُ مِن هذه القاعدةِ: بيانُ ضَلالِ أولئكَ الصُّوفيَّةِ الَّذين يقولونَ: «إنَّ الإنسانَ إذا وصلَ إلى دَرَجةِ المعايَنةِ سَقَطت عنه التَّكاليفُ»! قُلْنا: لا؛ لأنَّه لا أحدَ يَبلُغُ مرتبةَ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عندَ اللهِ سُبحانَه وتعالى، ومع ذلك لم تَسقُطْ عنه التَّكاليفُ [16] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص: 18). !
2- قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا قَولُه سُبحانَه: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا فيه إشارةٌ إلى أنَّ التَّقْوى ينبغي أن تكونَ عن صَميمِ قَلبِك؛ فإنَّ الله تعالى هو العليمُ [17] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (??/???). ، وفيه تحذيرُ الإنسانِ مِن المخالَفةِ، كما لو قيل: اذهَبْ وأنا أعلَمُ ما تفعلُ؛ فإنَّ المرادَ بذلك: التَّهديدُ والتَّحذيرُ مِن المخالَفةِ، فكلُّ نَصٍّ يُبَيِّنُ اللهُ تعالى فيه أنَّه يَعْلَمُ ما نعملُ فهو تحذيرٌ لنا مِن مخالفتِه [18] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص: 25). .
3- قال الله تعالى: وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فيه زجْرٌ عن اتِّباعِ مراسِمِ الجاهِليَّةِ، وأمرٌ بجِهادِهم ومُنابَذتِهم، وفيه دَليلٌ على تَركِ اتِّباعِ الآراءِ مع وُجودِ النَّصِّ، والخِطابُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولأُمَّتِه [19] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (14/115). .
4- في قَولِه تعالى: وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ما يُوجِبُ للإنسانِ صِدْقَ الاعتِمادِ على اللهِ عزَّ وجلَّ، وأنْ يَعتمِدَ على اللهِ وحْدَه؛ فاجعَلِ اعتمادكَ على اللهِ فإنَّه كافيكَ [20] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/518). ، ومَن صدَقَ توكُّلُه على الله في حصولِ شَيءٍ، ناله [21] يُنظر: ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/114). ، وكَفَى به وَكيلًا تُوكَلُ إليه الأمورُ، فيقومُ بها، وبما هو أصلَحُ للعبدِ؛ وذلك لعِلمِه بمَصالحِ عبدِه -مِن حيثُ لا يعلمُ العبدُ-، وقدرتِه على إيصالِها إليه -مِن حيثُ لا يَقدِرُ عليها العبدُ-، وأنَّه أرحَمُ بعبدِه مِن نفْسِه، ومِن والديه، وأرأفُ به مِن كلِّ أحدٍ، خصوصًا خواصَّ عبيدِه، الَّذين لم يَزَلْ يُرَبِّيهم ببِرِّه، ويُدِرُّ عليهم بَرَكاتِه الظَّاهرةَ والباطنةَ، خصوصًا وقد أمرَه بإلقاءِ أمورِه إليه، ووعَده، فهناك لا تَسألْ عن كلِّ أمرٍ يَتيسَّرُ، وصعبٍ يَسهلُ، وخُطوبٍ تَهونُ، وكُروبٍ تَزولُ، وأحوالٍ وحوائجَ تُقضَى، وبَرَكاتٍ تَنزِلُ، ونِقَمٍ تُدفَعُ، وشرورٍ تُرفَعُ [22] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 658). .

الفَوائِدُ العِلميَّةُ واللَّطائِفُ:

1- قَولُ الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لم يَقُلْ سُبحانَه في ندائِه (يا محمَّدُ) كما قال في نداءِ غيرِه (يا موسى، يا عيسى، يا داود)، بل عدَل إلى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ؛ لوجهَينِ:
الوجه الأوَّل: لِيَعلَمَ النَّاسُ أنَّه رسولُ الله؛ لِيُلَقِّبوه بذلك، ويدعوه به [23] يُنظر: ((فتح الرحمن)) للأنصاري (ص: 457). .
الوجه الثَّاني: أنَّه نُودِيَ بوصفِ النُّبوَّةِ دونَ اسمِه العَلَمِ تشريفًا له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بفَضلِ هذا الوَصفِ؛ لِيَربأَ بمَقامِه عن أن يُخاطَبَ بمِثلِ ما يُخاطَبُ به غيرُه؛ ولذلك لم يُنادَ في القُرآنِ بغيرِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ أو يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ [المائدة: 67] ، بخلافِ الإخبارِ عنه؛ فقد يجيءُ بهذا الوَصفِ، كقَولِه تعالى: يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ [التحريم: 8] ، ويجيءُ باسمِه العَلَمِ، كقَولِه تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ [الأحزاب: 40] ، وقد يَتعيَّنُ إجراءُ اسْمِه العلَمِ؛ لِيُوصَفَ بعدَه بالرِّسالةِ، كقولِه تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ [الفتح: 29] ، وقولِه: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ [آل عمران: 144] . وتلك مَقاماتٌ يُقصَدُ فيها تَعليمُ النَّاسِ بأنَّ صاحبَ ذلك الاسمِ هو رسولُ اللهِ، أو تَلقينٌ لهم بأنْ يُسَمُّوه بذلك ويَدْعوه به؛ فإنَّ عِلْمَ أسمائِه مِن الإيمانِ؛ لئلَّا يَلتبِسَ بغَيرِه [24] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (3/518)، ((تفسير البيضاوي)) (4/224)، ((درء تعارض العقل والنقل)) لابن تيمية (1/297، 298)، ((تفسير أبي حيان)) (8/450)، ((فتح الرحمن)) للأنصاري (ص: 457)، ((تفسير أبي السعود)) (7/89)، ((تفسير ابن عاشور)) (21/249، 250). .
2- قَولُ الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لا مُنافاةَ بيْنَه وبينَ قَولِه في آخرِ الآيةِ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [الأحزاب: 2] بصيغةِ الجَمعِ؛ لدُخولِ الأمَّةِ تحتَ الخِطابِ الخاصِّ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه قُدوتُهم [25] يُنظر: ((دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب)) للشنقيطي (ص: 185). .
3- في قَولِه تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وُجوبُ التَّقْوى على الأُمَّةِ، فإذا كان الرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يُؤمَرُ بالتَّقوى؛ فغيرُه مِن بابِ أَولى، هذا وجهٌ. ووجهٌ آخَرُ: أنَّ الخِطابَ المُوَجَّهَ للرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم مُوَجَّهٌ له ولأُمَّتِه، ما لم يَقُمْ دَليلٌ على تَخصيصِه [26] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص: 17). .
4- في قَولِه تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ تَوجيهُ الأمرِ لِمَن هو مُتَّصِفٌ به [27] يُنظر: ((شرح الأربعين النووية)) لابن عثيمين (ص: 148). ، فلا مانعَ مِن أنْ يقولَ الإنسانُ لأتقَى النَّاسِ: اتَّقِ اللهَ [28] يُنظر: ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عثيمين (اللقاء رقْم: 66). .
5- في قَولِه تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عبدٌ مأمورٌ مُكَلَّفٌ -لأمْرِه بالتَّقْوى؛ وعدَمِ إطاعةِ الكافرين والمنافقين [29] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص: 18). .
6- في قَولِه تعالى: وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ أنَّ النَّهيَ عن الشَّيءِ لا يدُلُّ على وقوعِه، بل يدُلُّ على أنَّه ممنوعٌ منه؛ لئلَّا يقَعَ فيما بَعْدُ، فهنا الآيةُ لا تدُلُّ على أنَّه كان يُطيعُهم [30] يُنظر: ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (8/457). .
7- في قَولِه تعالى: وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ أنَّ الكافرَ والمنافقَ لا يمكنُ أنْ يكونَ ناصحًا للمؤمنينَ أبدًا! ولو كان يمكنُ أنْ يكونَ فيه نُصْحٌ ما نَهَى تعالى عن طاعتِهم مطلقًا؛ لأنَّ الناصحَ يُطاعُ [31] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص: 19). .

بلاغةُ الآياتِ:

1- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
- قولُه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ افتِتاحُ السُّورةِ بخِطابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ونِدائِه بوَصْفِه؛ مُؤذِنٌ بأنَّ الأهمَّ مِن سَوقِ هذه السُّورةِ يَتعلَّقُ بأحوالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [32] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (21/249). .
- قولُه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ المرادُ بالتَّقْوى المأْمورِ بها الثَّباتُ عليها، والازديادُ منها؛ وذلك لِتكونَ مانعًا له عمَّا نُهِيَ عنه، ولأنَّ التَّقوى بابٌ لا يُبلَغُ آخِرُه. والظَّاهرُ أنَّه أمْرٌ للنَّبيِّ، وإذا كان هو مأْمورًا بذلك، فغَيرُه أَولى بالأمْرِ. وقِيل: هو خِطابٌ له لَفظًا، وهو لِأُمَّتِه [33] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (3/519)، ((تفسير البيضاوي)) (4/224)، ((تفسير أبي حيان)) (8/450)، ((تفسير أبي السعود)) (7/89). .
- قولُه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ الأمْرُ للنَّبيِّ بتَقْوى اللهِ تَوطئةٌ للنَّهيِ عن اتِّباعِ الكافرينَ والمنافقينَ؛ لِيَحصُلَ مِنَ الجُملتينِ قَصرُ تَقواهُ على التَّعلُّقِ باللهِ دونَ غيرِه؛ فإنَّ مَعنى (لَا تُطِعِ) مُرادِفُ مَعنى: لا تتَّقِ الكافرينَ والمنافقينَ؛ فإنَّ الطَّاعةَ تَقْوى، فصار مَجموعُ الجُملتينِ مُفيدًا معنَى: يا أيُّها النَّبيُّ لا تتَّقِ إلَّا اللهَ، فعُدِلَ عن صِيغةِ القَصرِ -وهي أشهَرُ في الكلامِ البليغِ، وأوجَزُ- إلى ذِكرِ جُمْلتَيْ أمْرٍ ونَهْيٍ؛ لِقَصدِ النَّصِّ على أنَّه قَصرٌ إضافيٌّ [34] القَصرُ أو الحَصرُ في اصطِلاحِ البلاغيِّينَ هو: تَخصيصُ شَيءٍ بشَيءٍ وحصْرُه فيه، ويُسمَّى الأمرُ الأوَّلُ: مَقصورًا، والثَّاني: مقصورًا عليه؛ مثل: إنَّما زَيدٌ قائمٌ، و: ما ضرَبتُ إلَّا زيدًا. وينقسِمُ إلى قَصْرٍ حقيقيٍّ، وقصرٍ إضافيٍّ، وادِّعائيٍّ، وقصرِ قَلْبٍ؛ فالحقيقيُّ هو: أن يختصَّ المقصورُ بالمقصورِ عليه بحسَبِ الحقيقةِ والواقِع، بألَّا يتعدَّاه إلى غيرِه أصلًا، مِثل: لا إلهَ إلَّا اللهُ، حيثُ قُصِر وصفُ الإِلَهيَّةِ الحقِّ على موصوفٍ هو الله وحْدَه، وهذا مِن قصرِ الصِّفةِ على المَوصوفِ، وهو قصرٌ حقيقيٌّ. والقصرُ الإضافيُّ: أن يكونَ المقصورُ عنه شيئًا خاصًّا، يُرادُ بالقصرِ بيانُ عدَمِ صحَّةِ ما تصوَّره بشأنِه أو ادَّعاه المقصودُ بالكلامِ، أو إزالةُ شكِّه وترَدُّدِه، إذا كان الكلامُ كلُّه منحصرًا في دائرةٍ خاصَّةٍ؛ فليس قصرًا حقيقيًّا عامًّا، وإنَّما هو قصرٌ بالإضافةِ إلى موضوعٍ خاصٍّ، يَدورُ حوْلَ احتمالَينِ أو أكثرَ مِن احتمالاتٍ محصورةٍ بعددٍ خاصٍّ، ويُستدَلُّ عليها بالقرائنِ. مِثلُ قولِه تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ [آل عمران: 144]. والقصرُ  لادِّعائيُّ: ما كان القصرُ الحقيقيُّ فيه مبنيًّا على الادِّعاءِ والمبالَغةِ؛ بتنزيلِ غيرِ المذكور منزلةَ العدَمِ، وقصْر الشَّيءِ على المذكورِ وحْدَه. وقصْرُ القَلبِ: أن يَقلِبَ المتكلِّمُ فيه حُكمَ السامعِ؛ كقولِك: ما شاعرٌ إلَّا زيدٌ، لِمَن يَعتقِدُ أنَّ شاعرًا في قبيلةٍ معيَّنةٍ أو طرَفٍ مُعَيَّنٍ، لكنَّه يقولُ: ما زيدٌ هناك بشاعِرٍ. وللقَصرِ طُرُقٌ كثيرةٌ؛ منها: القصرُ بالنَّفيِ والاستثناءِ، والقصرُ بـ (إنَّما)، والقصرُ بتقديمِ ما حَقُّه التأخيرُ، وغيرُ ذلك. يُنظر: ((مفتاح العلوم)) للسكَّاكي (ص: 288)، ((الإيضاح في علوم البلاغة)) للقزويني (1/118) و(3/6)، ((التعريفات)) للجرجاني (1/175، 176)، ((الإتقان)) للسيوطي (3/167)، ((جواهر البلاغة)) للهاشمي (ص: 167، 168)، ((موجز البلاغة)) لابن عاشور (ص: 19 - 22)، ((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة الميداني (1/525). أُرِيدَ به ألَّا يُطِيعَ الكافرينَ والمنافقينَ؛ لأنَّه لو اقتُصِرَ على أنْ يُقالَ: (لا تتَّقِ إلَّا اللهَ) لَمَا أصاخَتْ إليه الأسماعُ إصاخةً خاصَّةً؛ لأنَّ تَقوى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ربَّه أمْرٌ مَعلومٌ، فسُلِكَ مَسلَكُ الإطنابِ لهذا؛ فإنَّ أصلَ صِيغةِ القصرِ أنَّها مُختصَرةٌ مِن جُملتَيْ إثباتٍ ونَفْيٍ، ولِكَونِ هذه الجُملةِ كتَكملةٍ للَّتي قبْلَها، عُطِفَت عليها؛ لاتِّحادِ الغرَضِ منهما. وقد تعيَّنَ بهذا أنَّ الأمْرَ في قولِه: اتَّقِ اللَّهَ، والنَّهيَ في قولِه: وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ مُستعمَلانِ في طَلبِ الاستمرارِ على ما هو مُلازِمٌ له مِن تَقوى اللهِ، فأشعَرَ ذلك أنَّ تَشريعًا عَظيمًا سَيُلْقى إليه لا يَخْلو مِن حَرجٍ عليه فيه، وعلى بَعضِ أُمَّتِه، وأنَّه سيَلْقَى مَطاعنَ الكافرينَ والمنافقينَ. وفائدةُ هذا الأمْرِ والنَّهيِ التَّشهيرُ لهم بأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَقبَلُ أقوالَهم؛ لِيَيْئسوا مِن ذلك؛ لأنَّهم كانوا يُدبِّرون مع المشركينَ المكايدَ، ويُظهِرونَ أنَّهم يَنصَحون النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويُلِحُّون عليه بالطَّلباتِ نُصحًا، تَظاهُرًا بالإسلامِ [35] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (21/250، 251). .
- وفي قَولِه تعالى: وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ هنا وفي الآية (48) مناسبةٌ حسنةٌ، فقد قدَّم الكافرينَ على المنافقينَ، بينَما في مواضعَ يُقَدِّمُ المنافقينَ على الكافرينَ؛ ففي مقامِ الجزاءِ يُقَدِّمُ المنافقين، كما في قولِه تعالى: إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا [النساء: 140]، وقولِه: لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ [الأحزاب: 73] ؛ لأنَّ ذَنْبَ المنافقِ أعظمُ مِن ذَنْبِ الكافرِ الصريحِ، وأمَّا هنا فالذي يُعارِضُ الرسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم صراحةً هو الكافرُ؛ ولهذا قَدَّمَهُ على المنافقِ؛ لأنَّ المنافقَ لا يَأْمُرُ بمخالفةِ الشرعِ كما يَأْمُرُ بها الكافرُ! إِذْ إنه يَتَسَتَّرُ بنفاقه، ولهذا قال تعالى: وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ فبدأ بهم؛ لأنَّ معارضتَهم للشرعِ أبينُ وأظهرُ مِن المنافقينَ [36] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص:14، 352). .
- وجُملةُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا تَعليلٌ للأمرِ والنَّهيِ، مُؤكِّدٌ لِوُجوبِ الامتثالِ بهما، ودُخولُ (إنَّ) على الجُملةِ قائمٌ مَقامَ فاءِ التَّعليلِ، ومُغْنٍ غَناءَها. وقِيل: هي تَسليةٌ للرَّسولِ، أي: عَليمًا بمَن يتَّقي، حكيمًا في هَدْيِ مَن شاء، وإضلالِ مَن شاء [37] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (8/451)، ((تفسير أبي السعود)) (7/89)، ((تفسير ابن عاشور)) (21/251). .
2- قوله تعالى: وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
- قولُه: وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ تَمهيدٌ لِمَا يَرِدُ مِن الوَحيِ في شأْنِ أحكامِ التَّبنِّي وما يَتَّصِلُ بها؛ ولذلك جِيءَ بالفِعلِ المضارِعِ الصَّالحِ للاستقبالِ، وجُرِّدَ مِن عَلامةِ الاستقبالِ؛ لأنَّه قريبٌ مِن زَمنِ الحالِ. والمَقصودُ مِن الأمْرِ باتِّباعِه أنَّه أمْرٌ باتِّباعٍ خاصٍّ؛ تأْكيدًا للأمْرِ العامِّ باتِّباعِ الوَحيِ [38] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (21/252). .
- والتَّعرُّضُ لِعُنوانِ الرُّبوبيَّةِ في قولِه: وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ؛ لِتَأكيدِ وُجوبِ الامتثالِ بالأمْرِ [39] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (7/89). .
- وفي إفرادِ الخِطابِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقولِه: وَاتَّبِعْ، وجمْعِه بما يَشمَلُه وأُمَّتَه في قولِه: بِمَا تَعْمَلُونَ؛ إيماءٌ إلى أنَّ فيما سيَنزِلُ مِن الوَحيِ ما يَشتمِلُ على تَكليفٍ يَشملُ تَغييرَ حالةٍ كان النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ مُشارِكًا لِبَعضِ الأُمَّةِ في التَّلبُّسِ بها؛ وهو حُكمُ التَّبنِّي؛ إذ كان النَّبيُّ مُتبنِّيًا زيدَ بنَ حارثةَ مِن قبْلِ بَعثتِه [40] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (21/252). .
- ذُيِّلَت جُملةُ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ بجُملةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا؛ تَعليلًا للأمْرِ بالاتِّباعِ، وتأْنيسًا به؛ لأنَّ اللهَ خبيرٌ بما في عَوائدِكم ونُفوسِكم، فإذا أبطَلَ شيئًا مِن ذلك فإنَّ إبطالهَ مِن تَعلُّقِ العِلمِ بلُزومِ تَغييرِه، فلا تَتريَّثوا في امتثالِ أمْرِه في ذلك؛ فجُملةُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا في مَوقعِ العِلَّةِ؛ فلذلك فُصِلَت؛ لأنَّ حرْفَ التَّوكيدِ مُغنٍ غَناءَ فاءِ التَّفريعِ [41] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (21/252). .
- قولُه: إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا قيل: الخِطابُ للرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والجمْعُ للتَّعظيمِ. وقيل: له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وللمؤمنينَ، وأيًّا ما كانَ فالجُملةُ تَعليلٌ للأمْرِ وتأكيدٌ لمُوجبِه؛ بطريقِ التَّرغيبِ والتَّرهيبِ؛ كأنَّه قِيل: إِنَّ الله خَبِيرٌ بِما تَعملونَه مِن الامتثالِ وتَرْكِه، فيُرتِّبُ على كلٍّ منهما جَزاءَه ثوابًا وعِقابًا [42] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (7/89). .
- وقرَأَ الجُمهورُ بِمَا تَعْمَلُونَ بتاءِ الخِطابِ على خِطابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والأُمَّةِ؛ لأنَّ هذا الأمْرَ أعلَقُ بالأُمَّةِ. وقرَأَ أبو عَمرٍو وحْدَه (بما يَعْمَلُونَ) بالمُثنَّاةِ التَّحتيَّةِ على الغَيبةِ [43] يُنظر: ((النشر في القراءات العشر)) لابن الجزري (2/347). ، على أنَّه راجعٌ للنَّاسِ كلِّهم، شاملٌ للمسلمينَ والكافرينَ والمنافقينَ؛ لِيُفِيدَ -مع تَعليلِ الأمْرِ بالاتِّباعِ- تَعريضًا بالمشركينَ والمنافقينَ بمُحاسَبةِ اللهِ إيَّاهم على ما يُبيِّتونه مِن الكَيدِ، وكِنايةً عن إطْلاعِ اللهِ رسولَه على ما يَعلَمُ منهم في هذا الشَّأْنِ. وهذا المعنى الحاصلُ مِن هذه القراءةِ لا يَفوتُ في قِراءةِ الجُمهورِ بالخِطابِ؛ لأنَّ كلَّ فريقٍ مِن المخاطَبينَ يَأخُذُ حظَّه منه [44] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (21/253). .
3- قولُه تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا زِيادةُ تَمْهيدٍ وتَوطئةٍ لِتلقِّي تَكليفٍ يُترقَّبُ منه أذًى مِن المنافقينَ، فأمَرَه بتَقْوى ربِّه دونَ غيرِه، وأتْبَعَه بالأمْرِ باتِّباعِ وَحْيِه، وعزَّزه بالأمرِ بما فيه تأْييدُه؛ وهو أنْ يُفوِّضَ أُمورَه إلى اللهِ [45] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (21/253). .