الموسوعة الحديثية


- كأنى أنظرُ إلى يونسَ على ناقةٍ خطامُها ليفٌ ، و عليه جبَّةٌ من صوفٍ ، وهو يقولُ : لبيكَ اللهم لبيكَ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 4470 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
أطلَعَ اللهُ سُبحانَه وتعالى نَبيَّه محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أُمورٍ غَيبيَّةٍ مِن أحْوالِ الأنبياءِ السَّابقينَ، في حَياتِهم أو بعدَ مَماتِهم، وكيف صبَروا وأدَّوا رِسالةَ ربِّهم، وكيف عبَدوا اللهَ في حَياتِهم، لتكونَ هذه القَصصُ تَسليَةً له عمَّا يُلاقيه مِن شِدَّةٍ في أداءِ رِسالتِه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "كأنِّي أنظُرُ إلى يُونُسَ"، وهو نَبيُّ اللهِ يُونُسُ بنُ مَتَّى عليه السَّلامُ، وهذا النَّظرُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقيقةً، أو أطلَعَه اللهُ على أمْرِه في حالِ حَياتِه ووُصِفَ له كأنَّه رَأيُ عَينٍ، "على ناقةٍ"، أي: راكبًا ناقةً، "خِطامُها لِيفٌ"، الخِطامُ: زِمامُ الجَملِ، وهو حَبلٌ تُقادُ به النَّاقةُ وتُسحَبُ منه، والخِطامُ هنا مِن لِيفِ النَّخلِ، "وعليه جُبَّةٌ"، والجُبَّةُ قَباءٌ مَحشوٌّ يُلبَسُ للبَردِ، "مِن صوفٍ"، مَصنوعةٌ منه، وهذا دليلٌ للتَّواضُعِ واختيارِ الزُّهدِ، "وهو يقولُ: لبَّيكَ اللَّهُمَّ لبَّيكَ"، أي: يُلبِّي للهِ بالحَجِّ، ولُبسُه للجُبَّةِ لعلَّه كان مِن شَعائرِه أو شَريعتِه.
وقد جاء في رِوايةِ مُسلمٍ مَوطِنُ رُؤيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لنَبيِّ اللهِ يُونُسَ عليه السَّلامُ، يقولُ ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: "ثُمَّ أتى على ثَنيَّةِ هَرْشى، فقال: أيُّ ثَنيَّةٍ هذه؟ قالوا: ثَنيَّةُ هَرْشى، قال: كأنِّي أنظُرُ إلى يُونُسَ بنِ مَتَّى عليه السَّلامُ على ناقةٍ حَمراءَ"، والثَّنيَّةُ: هي المُنعطَفُ الذي يَنحني عنده الطَّريقُ، وقيلَ: هي الطَّريقُ التي تكونُ بينَ الجَبلَينِ، وهَرْشى: جَبَلٌ على طَريقِ الشَّامِ والمَدينةِ قَريبٌ مِن الجُحفَةِ.
وهذا الحديثُ إشعارٌ بأنَّ الحَجَّ مِن شَعائرِ اللهِ، ومِن شَعائرِ أنبيائِه، ويُفيدُ ذلك التَّرغيبَ في قَصدِ الحَجِّ، وأداءِ شَعائرِه وما يَتعلَّقُ به مِن التَّلبيَةِ الدَّالَّةِ على التَّوحيدِ، وهَيئةِ الإحرامِ المُشعِرةِ بالتَّجريدِ والتَّوحيدِ للهِ سُبحانَه .