الموسوعة الحديثية


- أنَّ رجلًا أتى رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقال يا رسولَ اللَّهِ أقرِئني قال أقرَأْ من ذواتِ {الر} قال يا رسولَ اللَّهِ ثقُلَ لساني وغلظ جسمي قال أقرأ من الحواميمِ فقال مِثلَ قولِه الأوَّل قال أقرئكَ من المسبِّحاتِ فقال مثلَ قولِه الأوَّلِ قال عليكَ بالسُّورةِ الجامعةِ الفاذَّةِ { إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ٍ} قال فقال الأعرابيُّ حسْبي
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : نتائج الأفكار | الصفحة أو الرقم : 3/271 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
الرِّفقُ والتَّيسيرُ على النَّاسِ والتَّدرُّجُ بهم في الأعمالِ، مِن أهَمِّ الصِّفاتِ التي علَّمَنا إيَّاها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع المَدعُوِّينَ.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ رَجُلًا أتَى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: يا رسولَ اللهِ، أقْرِئْني"، أي: علِّمْني شَيئًا أحفَظُه من القُرآنِ، "قال: اقرَأْ من ذَواتِ {الر}"، أي: احفَظِ السُّوَرَ التي أوائِلُها قَولُه تَعالى: {الر}، وهي: (يُونُسُ، وهُودٌ، ويُوسُفُ، وإبراهيمُ، والحِجْر)، قال الرَّجُلُ: "يا رسولَ اللهِ، ثَقُلَ لِساني، وغَلُظَ جِسمي" يعني: تَقدَّمَ بيَ السِّنُّ، فما أستطيعُ أنْ أحفَظَ كما أُريدُ إشارَةً إلى صُعوبةِ حِفظِ تلك السُّوَرِ عليه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اقرَأْ من الحَواميمِ"، أي: فإنْ كُنتَ لا تَستطيعُ قِراءَتَهُنَّ، فاقْرَأْ من السُّوَرِ التي أوَّلُها: {حم}، وهي سَبْعُ حَواميمَ: (غافِرٌ، وفُصِّلَتْ، والشُّورى، والزُّخرُفُ، والدُّخانُ، والجاثيةُ، والأحقافُ)، "فقال مِثلَ قَولِه الأوَّلِ"، يعني: اعتَذَرَ عن حِفظِها بمِثلِ قَولِه الأوَّلِ من كِبَرِ سِنِّهِ وضَعْفِ جَسَدِه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أُقرِئُك من المُسبِّحاتِ" والمُسبِّحاتُ: السُّوَرُ التي أوَّلُها سبَّح ويُسبِّحُ، وهي: (الحَديدُ، والحَشْرُ، والصَّفُّ، والجُمُعةُ، والتَّغابُنُ، والأعْلى)، "فقال مِثلَ قَولِه الأوَّلِ، قال: عليكَ بالسُّورةِ الجامِعَةِ الفاذَّةِ"، أي: المُتَفرِّدَةُ الجامِعَةُ لكُلِّ معانِي الخَيرِ والشَّرِّ في العَمَلِ مِن الفَرائِضِ أو النَّوافِلِ، "{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}، قال: فقال الأعْرابيُّ: حَسْبي" يعني: تَكفيني وتُناسِبُني في حِفظِها، والعَمَلِ بما فيها، وهكذا تَدرَّجَ معه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من الأطوَلِ إلى الأقصَرِ من السُّوَرِ، وراعَى قُدرَتَه العَقليَّةَ على الحِفظِ، وهذا مِن مُراعاتِه لأحْوالِ النَّاسِ، وتَيسيرِه عليهم في أُمورِ الدِّينِ.
وفي الحديثِ: دَعوَةُ وتَكليفُ النَّاسِ من العِباداتِ ما يُطيقونَ ويَقدِرونَ عليه( ).