الموسوعة الحديثية


- من أطاعَني فقد أطاع اللهَ ومن عصاني فقد عصَى اللهَ ، ومن أطاع الأميرَ فقد أطاعني ومن عصَى الأميرَ فقد عصاني ، إنما الإمامُ جُنَّةٌ فإذا صلَّى قاعدًا فصلُّوا قعودًا ، وإذا قال : سمِع اللهُ لمن حمِدهُ ، فقولوا : اللهمَّ ربَّنا ولك الحمدُ ، فإذا وافق قولُ أهلِ الأرضِ قولَ أهلِ السماءِ غُفِر له ما مضَى من ذنبهِ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : أصل صفة الصلاة | الصفحة أو الرقم : 1/87 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم | التخريج : أخرجه البخاري (2957) مختصراً، ومسلم مفرقاً (416، 1835) باختلاف يسير.
لَمَّا كانتِ الجماعَةُ لا يَنصَلِحُ أمْرُ دِينِها ودُنياها إلَّا بتَنْصيبِ أميرٍ وحاكمٍ، يَقِفُ على شُؤونِهم ويُصلِحُها، ويَفْصِلُ بيْنهم في المُنازَعاتِ، ويَحمِلُ النَّاسَ على الحقِّ؛ كان وُجودُه أمْرًا مُحتَّمًا، وطاعتُه كذلك.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن أطاعَني فقد أطاعَ اللهَ، ومَن عَصاني فقدْ عَصى اللهَ"، أي: إنَّ طاعتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن طاعةِ اللهِ تعالى؛ لأنَّه قال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]، وكذلك مَعصيُته فيها مَعصيةٌ لأمْرِ اللهِ سُبحانه، "ومَن أطاعَ الأميرَ"، وهو الحاكِمُ ومَن تولَّى أمْرَ الرَّعيَّةِ، "فقدْ أطاعَني، ومَن عَصى الأميرَ فقد عَصاني"، أي: إنَّ طاعةَ الإمامِ والحاكمِ في الحقِّ هي مِن طاعَةِ المَولَى سُبحانه وتَعالى ومِن طاعةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وإنَّ مَعصيتَه مَعصيةٌ للهِ ورَسولِه، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "إنَّما الإمامُ جُنَّةٌ"، أي: سُترةٌ ووِقايَةٌ؛ فإمامُ العامَّةِ- وهو الحاكِمُ- يَمنَعُ العَدُوَّ مِن أذَى المُسلِمينَ، ويَمنَعُ النَّاسَ مِن أذَى بَعضِهم بعضًا، وإمامُ الصَّلاةِ وِقايةٌ للمُصلِّين ويَتحمَّلُ عنهم أخطاءَ الصَّلاةِ، "فإذا صلَّى قاعدًا فصَلُّوا قُعودًا"، ومعنى ذلك: أنَّ مِن طاعةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُطِيعَ المأمومُ إمامَه باتِّباعِه في هَيئةِ صَلاتِه؛ فإنْ صَلَّى الإمامُ قائمًا تَبِعَه المأمومُ، فصلَّى قائمًا، وإنْ صَلَّى الإمامُ قاعدًا تَبِعَه المأمومُ، فصلَّى قاعدًا، وإذا قال الإمامُ: "سمِعَ اللهُ لمَن حمِدَهُ"، أي: استَجابَ اللهُ وقَبِلَ دُعاءَ مَن حمِدَهُ. وقيل: مَعناهُ الدُّعاءُ؛ أي: استَجِبْ يا رَبِّ دُعاءَنا وحمْدَنا لكَ، "فقولوا: اللَّهُمَّ ربَّنا ولك الحمْدُ"، أي: إذا قالَ الإِمامُ: سمِعَ اللهُ لمَن حمِدَهُ، فَعلى المأمومِ أنْ يقولَ: اللَّهُمَّ ربَّنا ولك الحمْدُ، أي: لكَ الحمْدُ على هِدايتِنا لِذلكَ، "فإذا وافَقَ قولُ أهْلِ الأرضِ قولَ أهْلِ السَّماءِ، غُفِرَ له ما مَضى مِن ذَنْبِه"، أي: إنَّ الملائكةَ تَقولُ هذا الدُّعاءَ عَقِبَ قولِ الإمامِ، فمَن وافَقَ قولُه قولَها في التَّوقيتِ، كان جَزاؤُه أنْ يَمحُوَ اللهُ له ما تقَدَّمَ له مِن سيِّئاتٍ، والمُرادُ بغُفرانِ الذُّنوبِ: الصَّغائرُ لا الكَبائرُ؛ لأنَّ الكبائرَ لا بُدَّ لها مِن التَّوبةِ وعَدمِ العَودةِ، وغيرِ ذلك مِن الشُّروطِ.
وفي الحديثِ: أهميَّةُ طاعةِ الأئمَّةِ ووُلاةِ الأُمورِ فيما خوَّلَهم اللهُ على النَّاسِ.
وفيه: الحثُّ على الثَّناءِ على اللهِ عَقِبَ الرَّفعِ مِن الرُّكوعِ، وعَقِبَ قولِ الإمامِ بما ورَدَ عنه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.