الموسوعة الحديثية


- بينما أنا عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا جاءه رجلٌ فقال يا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيُّ الأعمالِ أفضلُ قال إيمانٌ باللهِ وجهادٌ في سبيلِه وحجٌّ مبرورٌ فلمَّا ولَّى الرَّجلُ قال وأهونُ عليك من ذلك إطعامُ الطَّعامِ ولينُ الكلامِ وحُسْنُ الخلقِ فلمَّا ولَّى الرَّجلُ قال وأهوَنُ عليك من ذلك لا تتَّهمِ اللهَ على شيءٍ قضاه عليك
الراوي : عبادة بن الصامت | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب | الصفحة أو الرقم : 2/257 | خلاصة حكم المحدث : [روي] بإسنادين أحدهما حسن
كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم- لِحِرْصِهم على الطَّاعاتِ وما يُقرِّبُ مِن رِضَا اللهِ عزَّ وجلَّ- كثيرًا ما يَسأَلون النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أفضَلِ الأعمالِ وأكثَرِها قُربةً إلى اللهِ تعالى، فكانت إجاباتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَختلِفُ باختلافِ أشخاصِهم وأحوالهم، وما هو أكثَرُ نفْعًا لكلِّ واحدٍ منهم.
وفي هذا الحديثِ يَذكُرُ عُبادةُ بنُ الصَّامتِ رضِيَ اللهُ عنه: "بيْنما أنا عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا جاءه رجُلٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أيُّ الأعمالِ أفضَلُ؟" أي: أيُّ أعمالِ العِبادِ أكثَرُ ثوابًا؟ فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "إيمانٌ باللهِ"، أي: الإيمانُ باللهِ وبما جاء بهِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أفضَلُ الأعمالِ على الإطلاقِ، وأعظَمُها عندَ اللهِ أجْرًا وثوابًا؛ لأنَّه شَرطٌ في صِحَّةِ جميعِ العِباداتِ الشَّرعيَّةِ؛ مِن صَلاةٍ، وزكاةٍ، وصَومٍ، وغيرِها، ثمَّ قال: "وجِهادٌ في سَبيلِه" وهو القِتالُ لإعلاءِ كَلمةِ اللهِ، لا لأيِّ غرَضٍ مِن الأغراضِ الأُخرى، وإنَّما كان الجِهادُ أفضلَ بعدَ الإيمانِ باللهِ ورَسولِه مِن غيرِه؛ لأنَّه بذْلٌ للنَّفسِ في سَبيلِ اللهِ، ثمَّ قال عنِ العمَلِ الَّذي يأْتي بعدَ الجِهادِ في الأفضليَّةِ: "وحجٌّ مبرورٌ"، وهو الحجُّ الخالِصُ لِوَجْهِ اللهِ تعالى، المقبولُ عنده؛ لِخُلوصِه مِن الرِّياءِ والسُّمعةِ والمالِ الحرامِ، قال عُبادةُ رضِيَ اللهُ عنه: "فلمَّا ولَّى الرَّجلُ"، أي: همَّ بالانصرافِ عن مَجلسِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "وأهوَنُ عليك مِن ذلك: إطعامُ الطَّعامِ"، أي: للمُحتاجِ والفَقيرِ، ويَدخُلُ فيه إطعامُ الضَّيفِ والقِرَى، "ولِينُ الكلامِ"، أي: الرِّفقُ مع الآخَرين، وإذا كان الأمرُ في الكلامِ فمِن الأَولى يكونُ أيضًا بالأفعالِ، "وحُسنُ الخُلقِ"، أي: التَّخلُّقُ بالأخلاقِ الطَّيِّبةِ، فيُحسِنُ المرْءُ أخلاقَهُ مع اللهِ عزَّ وجلَّ؛ بالرِّضا بقَضاءِ اللهِ وقدَرِه، والصَّبرِ والحَمدِ في البلاءِ، والشُّكرِ عندَ النِّعمةِ، ويكونُ حَسَنَ الخلُقِ مع النَّاسِ؛ بكفِّ الأَذى عنهم، وطَلاقةِ الوجْهِ، والإحسانِ إليهم، وبَذْلِ العَطاءِ فيهم، مع الصَّبرِ على أذاهُم؛ فكَمالُ الإيمانِ يُوجِبُ حُسْنَ الخُلقِ، والإحسانَ إلى النَّاسِ كافَّةً، "فلمَّا ولَّى الرَّجلُ قال: وأهوَنُ عليك مِن ذلك: لا تَتَّهِمِ اللهَ على شَيءٍ قضاهُ عليك"، أي: أنْ تُحسِنَ اعتقادَك في اللهِ وحُسْنِ تَقديرِه، فلا تَشُكَّ في حُكْمِه وقَضائه عليك.
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ الأعمالَ تَتفاوَتُ ثَوابًا .