الموسوعة الحديثية


- عن ابن عباس- رضي الله عنهما- "أنه سئل عن الساعة التي في يومِ الجمُعةِ فقال : اللهُ أعلمُ ، إنَّ اللهَ خلَق آدمَ يومَ الجمُعةِ بعدَ العصرِ ، فخلَقه مِن قبضةٍ قبَضها مِن أديمِ الأرضِ كلِّها ، ألا ترى أنَّ مِن ذريتِه الأحمرَ والأسودَ ، والخبيثَ ، والطيبَ ؟ ثم عهِد إليه فنَسي ، فمِن ثَمَّ سُمِّي الإنسانَ ، فباللهِ ما غابتِ الشمسُ مِن ذلك اليومِ حتى هبَط إلى الدنيا
الراوي : - | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة | الصفحة أو الرقم : 2/258 | خلاصة حكم المحدث : موقوف، ورجاله ثقات | التخريج : أخرجه عبد الرزاق (5581)، ومسدد كما في ((المطالب العالية)) لابن حجر (678) واللفظ له، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (817) باختلاف يسير.
جعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ يومُ الجُمُعَةِ خيْرَ الأيَّامِ، وفضَّلَهُ على سائرِ الأيَّامِ؛ لِمَا وقَعَ فيه مِن أحداثٍ عِظامٍ، وعن تِلك الأحداثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما، حيثُ "إنَّه سُئِلَ عن السَّاعةِ الَّتي في يومِ الجُمُعةِ"، أي: ساعةِ الإجابةِ الَّتي في يومِ الجُمُعةِ: متى تكونُ فيه؟ "فقال: اللهُ أعلَمُ"، أي: عِلْمُ ذلك عندَ اللهِ، ثمَّ قال: "إنَّ اللهَ خلَقَ آدَمَ يومَ الجُمُعةِ بعدَ العصْرِ"، أي: في آخِرِ ساعةٍ مِن يَومِ الجُمعةِ بعدَ العصرِ، كما في رِوايةِ مُسلِمٍ مِن حديثِ أبي هُريرةَ مرفوعًا، ولعلَّ هذا مِن احتِمالاتِ تَحديدِ ساعةِ الإجابةِ، "فخلَقَهُ مِن قبْضةٍ" والقَبضةُ: هي ما يُضَمُّ عليه بالكفِّ، "قبَضَها مِن أديمِ الأرضِ كلِّها"، أي: مِن جميعِ أجزاءِ الأرضِ؛ مِن مُختلَفِ ألوانِها وطيِّبِها وخَبيثِها، كما قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55]، "ألَا تَرى أنَّ مِن ذُرِّيَّتِه الأحمَرَ والأسوَدَ"، أيْ: مختلفَ لَونِ البَشرةِ، فمِن أَبيضِها جاء الأبيضُ، وهكذا جاءَ منهم الأحمرُ؛ كالتُّركِ، والأسودُ؛ كالحَبَشِ؛ فالكلُّ جاءَ بحَسَبِ تُرْبتِه، وهذِه هِي أُصولُ الألوانِ، والباقِي مُرَكَّبٌ منها، وهذا ما كان مِن الألوانِ، وأمَّا ما كان مِنَ الطِّباعِ؛ فإنَّ منها "الخَبيثَ والطَّيِّبَ"، أي: خَبِيثَ الطَّبْعِ والصِّفاتِ، تُربتُه سَبِخَةٌ كلُّها ضَرٌّ، وطيِّبَ السَّريرِة والخِصَالِ، تُربتُه خِصْبَةٌ كلُّها نَفْعٌ؛ فالكلُّ جاءَ بطَبْعِ أرضْهِ، كما قالَ تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} [الأعراف: 58]، "ثمَّ عهِدَ إليه فنسِيَ، فمِن ثَمَّ سُمِّيَ الإنسانَ"، وهو ما عهِدَ اللهُ به إلى آدَمَ؛ مِن طاعةِ اللهِ، وعدَمِ الأكْلِ مِن الشَّجرةِ المُحرَّمةِ، وعدَمِ طاعةِ الشَّيطانِ، ولكنَّ الشَّيطانَ أغواهُ، فنسِيَ وأكَلَ مِن الشَّجرةِ وعَصى ربَّهُ؛ فلذلك اشْتُقَّ له اسمُ الإنسانِ مِن النِّسيانِ، "فباللهِ ما غابَتِ الشَّمسُ مِن ذلك اليومِ حتَّى هبَطَ إلى الدُّنيا"، أي: أهبَطَ اللهُ آدَمَ وزَوجَتَه حوَّاءَ مِن الجنَّةِ إلى الأرضِ.