الموسوعة الحديثية


- لا يحلُّ الكذبُ إلَّا في ثلاثٍ كذِبُ الرَّجلِ امرأتَه ليرضيَها والكذبُ في الحربِ والكذبُ ليصلِحَ بينَ النَّاسِ
الراوي : أسماء بنت يزيد أم سلمة الأنصارية | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : هداية الرواة | الصفحة أو الرقم : 4/447 | خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة] | التخريج : أخرجه الترمذي (1939)، وأحمد (27608) باختلاف يسير
الكَذِبُ مِن الأخْلاقِ الذَّميمَةِ الَّتي نَهَى عنها الإسلامُ، وحَذَّرَ منها؛ لأنَّ المُؤمِنَ لا يكونُ كَذَّابًا، وقد يوجدُ بَعضُ الأحْوالِ يُطلَبُ فيها التَّورِيَةُ أو المُداراةُ، وتَصريحُ الشَّخصِ بما يُرضِي الطَّرَفَ الآخَرَ؛ لِرعايَةِ مَصلَحَةٍ، أو دَرْءِ مَفسَدَةٍ، أو التَّخلُّصِ مِن عَدُوٍّ، والتَّحايُلِ عليه كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ، وفيه يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "لا يَحِلُّ الكذِبُ إلَّا في ثلاثٍ"، أي: إنَّ الكذِبَ حرامٌ كلُّه، وإنَّما رُخِّصَ فيه في ثَلاثِ حالاتٍ؛ وفيها يَتحايَلُ المرءُ لِتمْريرِ أمْرٍ فيه مَصلحَةٌ ودَفْعُ ضَررٍ، وهذه الحالاتُ هي: "يُحدِّثُ الرَّجلَ امرأتَه لِيُرضِيَها"، أي: يُظهِرُ مَزيدَ المَحبَّةِ بأكثَرَ ممَّا في نفْسِه؛ لِيسْتديمَ الوُدَّ، ويَستصْلِحَ به الخَلْقَ، "والكذِبِ في الحرْبِ"، أي: للمُسلِمِ أنْ يَكذِبَ أو يُصرِّحَ بغيرِ الحَقيقةِ؛ فيُظهِرَ مِن نفْسِه قُوَّةً، ويَتحَدَّثَ بما يَشحَذُ به هِمَّةَ أصْحابِه، ويَكيدَ به عَدُوَّهم، أو يَكذِبَ على العدُوِّ ليَخْدَعَه؛ فالحَربُ خُدعَةٌ، "والكذِبِ ليُصلِحَ بيْن النَّاسِ"، أي: يقولُ قَولًا لم يَحْدُثْ ولكنْ فيه تَرضِيَةٌ لأطْرافِ النِّزاعِ، فيَنمِي مِن أحَدِهِما إلى صاحِبِه خَيرًا، وإنْ لم يأذَنْ له فيه؛ يُريدُ بذلك الإصْلاحَ.
وفي الحديثِ: بَيانُ الأحوالِ الَّتي يُباحُ فيها استخدامُ التَّوريةِ والمعاريضِ بالكَذبِ.
وفيه: أنَّ استِرضاءَ أحدِ الزَّوجينِ للآخَرِ بما ليس فيه لا يُعَدُّ مِن الكَذبِ، بلْ هو لحِفْظِ العِشرةِ واستمرارِ الحياةِ.