الموسوعة الحديثية


- من أخذَ شبرًا من الأرضِ بغيرِ حقِّهِ طُوِّقَهُ من سبعِ أَرَضِينَ ومَنْ تَوَلَّى قومًا بغيرِ إِذْنِهم فعليه لعنَةُ اللهِ ومنِ اقْتَطَعَ مال امرئٍ مسلمٍ بيمينٍ فلا باركَ اللهُ له فيه
الراوي : سعيد بن زيد | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 4/182 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحذِّرُ مِنَ الغصْبِ أوِ الاستيلاءِ على حقِّ الغيرِ بِغيرِ وجْهِ حقٍّ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن أخَذَ شِبرًا مِن الأرضِ بغيرِ حقِّه"، أي: غصَبَه واسْتَولى عليه، وقولُه: "شِبرًا" ليسَ المَقصودُ منه المقدارَ، بلِ المقصودُ التَّقليلُ؛ فَيشمَلُ ما فَوقَه وما دُونَه، "طُوِّقَه مِن سَبْعِ أَرَضينَ"، أي: يُجعَلُ هذا المِقدارُ مِنَ الأرضِ كالطَّوقِ يُحيطُ به يومَ القِيامةِ عِقابًا له. وقيل: يُطوَّقُ ما يكونُ ثِقَلُه المَغْصوب مِن سَبْعِ أرَضينَ. وقيل: معناه: أنَّه يُخسَفُ به الأرضُ؛ فتَصيرُ البُقعةُ المغصوبةُ في عُنقِه كالطَّوقِ. وقيل: معناه: يُطوَّقُ حمْلَها يومَ القِيامةِ؛ مِن (طوَّقَه): إذا كلَّفَه، ويَستمِرُّ ذلك حتَّى يُفرَغَ مِن حِسابِ النَّاسِ، كما في روايةِ أحمَدَ.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "ومَن تولَّى قومًا"، أي: مَن أعْطَى وَلاءَه لغيرِ مَوالِيه؛ وهم حُلفاؤُه أو الَّذين أعْتَقُوه مِن الرِّقِّ، "بغيرِ إذْنِهم"، ليس معناه أنَّهم إنْ أذِنوا له جازَ، بلْ هذا مِن بابِ التَّغليبِ؛ لأنَّ الأغلَبَ أنَّ مَن يَفعَلُ ذلك يفعَلُه بغيرِ إذنِ مَوالِيه، ولأنَّ لُحمةَ الوَلاءِ كلُحمةِ النَّسَبِ؛ فلا يَحِلُّ تجاوُزُها، "فعليه لَعنةُ اللهِ"، اللَّعنُ هو الطَّردُ مِن رَحمةِ اللهِ تَعالَى، والمُرادُ باللَّعْنِ هنا: العَذابُ الَّذي يَستحِقُّه على ذَنْبِه. "ومَنِ اقتطَعَ مالَ امْرئٍ مُسلِمٍ"، أي: مَن أخَذَ حقَّ أخيهِ المُسلمِ دونَ وجْهِ حقٍّ، "بيَمينٍ"، أي: بالحَلِفِ باللهِ والقسَمِ به، "فلا بارَكَ اللهُ له فيه"، أي: لم يكُنِ اللهُ لِيُبارِكَ فيه؛ فإنَّه حرامٌ، ويمينُه يَمينُ غَموسٍ، ويُمينُ كَذبٍ، واليمينُ الكاذبةُ مَمْحَقةٌ للكَسبِ الذي نتَجَ عنها، وبذلك يكون لا بَركةَ فيه، وقد حذَّرَ الله مِن ذلك فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. أو يكونُ قوله: "فلا بارَكَ اللهُ له فيه" من بابِ الدُّعاءِ عليه بألَّا يباركَ اللهُ له فيه.
وفي الحديثِ: النَّهْيُ عن غَصْبِ الأرضِ، والوعيدُ الشَّديدُ لِمَن يَفعَلُ ذلك.
وفيه: النَّهيُ عن أخْذِ المالِ بغيرِ وجْهِ حقٍّ.
وفيه: أنَّ المالَ المُقتَطعَ من المُسلمِ بغَيرِ وَجهِ حقٍّ؛ لا يُبارَكُ فيه.
وفيه: تَغليظُ عُقوبةِ الظُّلمِ والغَصْبِ، والتَّشديدُ في أمْرِ غصبِ الأرضِ والاستِيلاءِ عليها بغيرِ وجهِ حقٍّ.