الموسوعة الحديثية


- عن عبدِ اللهِ قال ما يَأْمَنُ الذي يَرْفَعُ رأسَهُ قبلَ الإمامِ أن يعودَ رأْسُهُ رأْسَ كَلْبٍ ولَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يرفعونَ أَبْصَارَهُمْ إلى السماءِ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أبصارُهم
الراوي : [تميم بن سلمة] | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 2/82 | خلاصة حكم المحدث : [روي] بأسانيد منها إسناد رجاله ثقات | التخريج : أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (7225)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (4/388) مختصراً، والطبراني (9/274) (9173) واللفظ له.
الخُشوعُ رُوحُ الصَّلاةِ، ويكون بتَمامِ الهَيئةِ في الصَّلاةِ، والنَّظرِ إلى مَحلِّ السُّجودِ وعدَمِ الالتِفاتِ، وقد اهتمَّ الشرعُ المطهَّرُ بالصَّلاةِ وكَيفيتِها، كما اهتمَّ بهيئةِ المُصلِّي وحَركاتِه فيها؛ ليُحصِّلَ مَقصودَها.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: "ما يَأمَنُ الَّذي يرفَعُ رأْسَه قبْلَ الإمامِ أنْ يعودَ رأْسُه رأسَ كلْبٍ"، وهذا تَحذيرٌ لِمَن يَسبِقُ الإمامَ في حَركاتِه، وفي رِوايةِ الصَّحيحَينِ مرفوعًا إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: "رأْسَ حِمارٍ"، بدلًا مِن "رأس كَلب"؛ قيل: والمُرادُ بتَحوُّلِ رأْسِه إلى رأسِ كلْبٍ أو حِمارٍ المَسخُ وتَحويلُ الصُّورةِ وتبْديلُها إلى أَقبَحَ منها، كما مُسِخَت بَنو إسرائيلَ قِردةً وخنازيرَ. وقيل: المُرادُ هنا تعجيلُ العُقوبةِ له في الدُّنيا؛ فيكون التَّحوُّلُ أمرًا مَعنويًّا؛ لأنَّ الكلْبَ والحِمارَ مَوصوفانِ بالبَلادةِ؛ وذلك من بَابِ التَّحذيرِ الشديد لينتهيَ مَن يفعل ذلك عَنِ المعاوَدةِ.
ثُمَّ قال رضِيَ اللهُ عنه: "ولَيَنْتهِيَنَّ أقوامٌ يَرفعون أبصارَهم إلى السَّماءِ أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارُهم"، وهذا نهْيٌ صَريحٌ عن رفْعِ الأبصارِ إلى السَّماءِ في الصَّلاةِ عند الدُّعاءِ، سواءٌ كان الدُّعاءُ في ابْتِداءِ الصَّلاةِ أو بعْدَ الرَّفعِ مِن الرُّكوعِ؛ ففي رَفْعِ البصرِ إلى السَّماءِ إعراضٌ عن القِبلةِ، وخُروجٌ عن هَيئةِ الصَّلاةِ، وفي الالتِفاتِ سُوءُ أدبٍ مع اللهِ، وانحرافٌ عن القِبْلةِ. وقولُه: "أو لَتُخْطَفنَّ أبصارُهم"، أي: وإلَّا كان جَزاءُ عدَمِ الانْتهاءِ أنْ يُصابوا بالعَمى. ومِثلُ هذا لا يُقالُ اجتهادًا مِن الصحابيِّ، بل له حُكمُ الرَّفعِ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كما جاء في الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ أنسٍ عند البخاريِّ، وأبي هُرَيرةَ عند مُسلمٍ.