الموسوعة الحديثية


- خرجتُ من بيتي أُريدُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فإذا بهِ قائمٌ ورجلٌ معهُ كلُّ واحدٍ منهما مُقبلٌ على صاحبِهِ فظننتُ أنَّ لهما حاجةً فواللهِ لقد قامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حتى جعلتُ أَرْثِي لهُ من طولِ القيامِ فلمَّا انصرفَ قلتُ يا نبيَّ اللهِ لقد قامَ بكَ الرجلُ حتى جعلتُ أَرْثِي لكَ من طولِ القيامِ قال وقد رأيتَهُ قلتُ نعم قال وهل تدري من هذا قلتُ لا قال ذلكَ جبريلُ ما زال يُوصيني بالجارِ حتى ظننتُ أنهُ سيُورِّثُهُ ثم قال أما إنكَ لو سلَّمْتَ عليهِ لردَّ عليكَ
الراوي : رجل من الأنصار | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل | الصفحة أو الرقم : 3/402 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (20350)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (2796)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (7148) باختلاف يسير
للجارِ حقٌّ عظيمٌ، وقدْ نَهى الشرعُ المُطهَّرُ عن الإضرارِ به، كما أوصْى به وشدَّدَ في الوصيَّةِ، كما في هذا الحديثِ؛ حيثُ يقولُ رجُلٌ مِن الأنصارِ مِن أصحابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "خرجْتُ مِن بَيتي أُرِيدُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: مُتوجِّهًا إليه، "فإذا به"، أي: بالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "قائمٌ ورجُلٌ معه، كلُّ واحدٍ منهما مُقبِلٌ على صاحبِه"، أي: يَتحدَّثانِ مع بعضِهما، "فظنَنْتُ أنَّ لهما حاجةً"، أي: امتنَعَ عن مُقاطعَتِهما؛ لاحتِمالِ أنْ يكونَ لأحدِهما حاجةٌ عند الآخرِ، "فواللهِ، لقد قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى جعلْتُ أَرْثِي له مِن طُولِ القيامِ"، أي: أَشفقتُ عليه مِن طُولِ الوقوفِ، "فلمَّا انصرَفَ"، أي: الرَّجلُ الَّذي كان مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "قلْتُ: يا نبيَّ اللهِ، لقد قام بك الرَّجلُ حتَّى جعَلْتُ أَرْثِي لك مِن طولِ القِيامِ"، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وقد رأيْتَه؟" أي: الرَّجلَ الَّذي كان معه، قال الصَّحابيُّ: "قلْتُ: نَعَمْ"، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وهل تَدْري مَن هذا؟ قلْتُ: لا، قال: "ذلك جِبريلُ، ما زالَ يُوصيني بالجارِ"، وهو القَرِيبُ مِن الدَّارِ؛ ذا قرابةٍ كان أو أجنبيًّا، مُسلمًا كان أو كافرًا، وتتفاوتُ حقوقُ كلِّ صِنفٍ، وذلك بعدَمِ إيذائِه، والإحسانِ إليه، ورِعايةِ ذِمَّتِه، والقِيامِ بحُقوقِه، ومُوَاساتِه في حاجتِه، والصَّبرِ على أذاهُ، "حتَّى ظننْتُ أنَّه سيُورِّثُه"، أي: لكثرةِ ما أَوْصَى جِبريلُ عليه السَّلامُ بالجارِ، ظنَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ تعالى سيُشرِكُ الجارَ في مِيراثِ جارِه. ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للصَّحابيِّ: "أمَا إنَّك لو سلَّمْتَ عليه"، أي: ألْقَيتَ على جِبريلَ السَّلامَ، "لَردَّ عليك"، أي: لَردَّ السَّلامَ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ أدَبِ أَصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مُعاملَتِهم له.
وفيه: أنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ كان يأتي النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صُورةٍ رجُلٍ.