الموسوعة الحديثية


- سارَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ إلى خيبرَ فانتَهى إليها ليلًا , وكان إذا طرقَ قومًا لم يُغرْ حتى يُصبحَ فإن سمعَ أذانًا أمسكَ , وإن لم يَكونوا يُصلونَ أغارَ عليْهِم حين يصبحُ , فلمَّا أصبحَ ركبَ وركبَ المسلمونَ وخرجَ أهلُ القريةِ ومعهم مكاتِلُهم ومَساحيهِم , فلمَّا رَأوا رسولَ اللهِ قالوا : محمدٌ والخميسُ . فقال : اللهُ أكبرُ , خربَتْ خيبرُ , إنا إذا نزلْنا بقومٍ فساءَ صباحُ المنذرينَ . قال أنسٌ : وإنِّي لردفُ لأبي طلحةَ وإن قَدمي لتَمسُّ قدمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ .
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الذهبي | المصدر : المهذب في اختصار السنن | الصفحة أو الرقم : 7/3606 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

صَبَّحَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيْبَرَ وقدْ خَرَجُوا بالمَسَاحِي علَى أعْنَاقِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قالوا: هذا مُحَمَّدٌ والخَمِيسُ، مُحَمَّدٌ والخَمِيسُ، فَلَجَؤُوا إلى الحِصْنِ، فَرَفَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ وقالَ: اللَّهُ أكْبَرُ! خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إنَّا إذَا نَزَلْنَا بسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ. وأَصَبْنَا حُمُرًا، فَطَبَخْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِي النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللَّهَ ورَسولَه يَنْهَيَانِكُمْ عن لُحُومِ الحُمُرِ، فَأُكْفِئَتِ القُدُورُ بما فِيهَا.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2991 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (2991)، ومسلم (1940)


وَقَعتْ غَزوةُ خَيبَرَ في السَّنةِ السَّابِعةِ مِنَ الهِجرةِ بيْنَ المُسلِمينَ واليَهودِ، وكانت خَيبَرُ قَريةً يَسكُنُها اليَهودُ، تَبعُدُ عنِ المَدينةِ (153 كم) جِهةَ الشَّمالِ على طَريقِ الشَّامِ، وقدْ تَجَمَّعَ اليَهودُ بها، فأرادَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُؤَمِّنَ المَدينةَ مِن شَرِّهم.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فاجَأَ أهلَ خَيبَرَ صَباحًا، وَوافَقَ ذلك الوَقتُ أنْ كان أهلُ خَيبَرَ خارجينَ إلى حُقولِهم «بالمَساحي» التي هي آلاتُ الحَرْثِ، يَحمِلونَها على أعناقِهِم، طالِبينَ مَزارِعَهم، فلَمَّا رَأوْه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالوا: هَذا مُحمَّدٌ والخَميسُ، مُحمَّدٌ والخَميسُ، مَرَّتَيْنِ، أي: جاء مُحمدٌ ومعه الجَيشُ، وسُمِّيَ خَميسًا؛ لِأنَّه مَقسومٌ خَمسةَ أقسامٍ: المُقَدِّمةُ، والسَّاقةُ، والمَيْمَنةُ، والمَيْسَرةُ، والقَلبُ.
فلَجَؤوا إلى قَريَتِهم مَرَّةً أُخرى، وتَحَصَّنوا إلى الحِصنِ الذي بخَيبَرَ، فرَفَعَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْه، وقال: اللهُ أكبَرُ! خَرِبتْ خَيبَرُ؛ تَفاؤُلًا لَمَّا رَأى مَعَهم آلةَ الهَدْمِ، أو قالَه بطَريقِ الوَحْيِ، ويُؤَيِّدُه قَولُه: «إنَّا إذا نَزَلْنا بساحةِ قَومٍ»، والسَّاحةُ: هي المَكانُ الواسِعُ عِندَ الدُّورِ، «فسَاءَ»، أي: قَبُحَ «صَباحُ المُنذَرينَ»، قالَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ استِبشارًا منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما فُتِحَ مِن خَيبَرَ.
وفي هذه الغَزوةِ بعْدَ أنْ دَخَلوا القَريةَ أصابَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم حُمُرًا أهليَّةً، وهي التي يَستَعمِلُها الأهالي مِنَ الفَلَّاحينَ في خِدمةِ الزِّراعةِ، ويَركَبونَها، فأخَذَ الصَّحابةُ ما وَقَعَ تحْتَ أيدِيهم مِن تلك الحَميرِ فَطَبَخوها دُونَ إذْنٍ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ودُونَ عِلْمِه، ولكِنْ لَمَّا عَلِمَ بذلك أمَرَ مُناديًا -وهو أبو طَلحةَ زَيدُ بنُ سَهلٍ- فنادَى: إنَّ اللهَ ورَسولَه يَنهَيانِكم عن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّةِ، فاستَجابَ الصَّحابةُ على الفَوْرِ لِهذا النَّهيِ، فأكفَؤوا القُدورَ والأوانيَ التي فيها اللَّحمُ، فأُميلَتْ، أو قُلِبتْ بما فيها؛ امتِثالًا لِأمْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولم يَأكُلوا مِن لُحومِ الحُمُرِ الأهليةِ شَيئًا.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن أكْلِ لَحمِ الحُمُرِ الأهليَّةِ.
وفيه: التَّكبيرُ عِندَ النَّصرِ والفَتحِ.
وفيه: بَيانُ سُرعةِ استِجابةِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم لِأوامِرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَواهيهِ.