الموسوعة الحديثية


- كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعرضُ نفسَه على الناسِ بالموقفِ فيقولُ هل من رجلٍ يحمِلُني إلى قومِه فإنَّ قريشًا قد منعوني أن أُبلِّغَ كلامَ ربِّي عزَّ وجلَّ فأتاه رجلٌ من همذانَ فقال مِمَّن أنتَ فقال الرجلُ من همذانَ فقال هل عندَ قومِك من منعةٍ قال نعمْ ثم أن الرجلَ خشِيَ أن يخفرَه قومُه فأتَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال آتِيهم أُخبرُهم ثم آتيك من قابلٍ قال نعم فانطلق وجاء وفدُ الأنصارِ في رجبٍ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 6/38 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات | التخريج : أخرجه أبو داود (4734)، والترمذي (2925)، وابن ماجه (201)، والنسائي في ((السنن الكبرى) (7727 ) مختصراً، وأحمد (15192) باختلاف يسير
كانتِ العربُ يَحُجُّون بَيتَ اللهِ الحرامَ زمَنَ الجاهليَّةِ، وقَبلَ مَبعَثِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ بالرِّسالةِ، وقد كان مَوسِمُ الحجِّ مُناسِبًا لِتَبليغِ دَعوةِ الحقِّ إلى كلِّ النَّاسِ المُجتمِعةِ فيه.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما: "كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ يَعرِضُ نفْسَه على النَّاسِ بالمَوقفِ"، أي: يَظهَرُ للحُجَّاجِ، "فَيقُول: هَلْ مِن رجُلٍ يَحمِلُني إلى قَومِه"، أي: يُهاجِرُ به إلى قَومِه، فيُعْطونَه مِن العِزَّةِ والمَنَعةِ الَّتي يَقومُ معَها بأمرِ الدَّعوةِ وتَبْليغِ الرِّسالةِ؛ "فإنَّ قُريشًا قد مَنَعوني أنْ أُبَلِّغَ كلامَ ربِّي عَزَّ وجَلَّ"، أي: وإنَّ قُريشًا وأكابِرَها لم يَقبَلوا الدَّعوةَ ومنَعوه مِن تَبليغِها إلى النَّاسِ بينَهم، وكان هذا هو السَّببَ في طلَبِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ مِن الحَجيجِ أنْ يَحمِلوه ويُؤمِنوا به وبِرسالتِه، ثمَّ يَدْعُوا قَومَهم إلى الإيمانِ والقِيامِ بحمايةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ ودَعوتِه.
"فأَتاه رجُلٌ مِن هَمَذانَ"، وفي روايةِ أحمدَ: "هَمْدانَ" وهي قَبيلةٌ بِاليَمَنِ، وهي مِن أكبرِ قبائلِ العربِ، فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ: "ممَّن أنت؟ فقال الرَّجلُ: مِن همَذانَ"، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "هَل عِندَ قَومِك مِن مَنَعةٍ؟ قال: نعَمْ، ثمَّ إنَّ الرَّجُلَ خَشِيَ أنْ يَخفِرَه قومُه، فأتَى رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ، فقال: آتِيهِم أُخبِرُهم، ثمَّ آتِيكَ مِن قابِلٍ، قال: نعَمْ، فانطلَق، وجاءَ وَفْدُ الأنصارِ في رجَبٍ"، أي: في شَهرِ رجبٍ، وقَبلَ أنْ يأتِيَه الهَمْدانيُّ.
وفي الحديثِ: بَيانُ ما كان مِن شدَّةِ الإيذاءِ الَّتي يَلْقاها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ في الدَّعوةِ إلى اللهِ تعالى.
وفيه: بَيانُ ما كان عِندَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ مِن حِرصٍ على تَبليغِ الدَّعوةِ والأخْذِ بالأسبابِ.