الموسوعة الحديثية


- مَنْ أحبَّ لِقَاءَ اللهِ أحبَّ اللهُ لِقَاءَهُ ، ومَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ ، قُلْنا يا رسولَ اللهِ : كلُّنا يكْرَهُ المَوْتَ ، قال : ليس ذَاكَ كَرَاهيَةَ المَوْتِ ، ولَكِنَّ المُؤْمِنَ إذا حُضِرَ جاءهُ البَشِيرُ مِنَ اللهِ بِما هو صائِرٌ إليهِ فَليسَ شيءٌ أحبَّ إليهِ من أنْ يَكُونَ قد لَقِيَ اللهَ فَأحبَّ اللهُ لِقَاءَهُ ، قال : وإِنَّ الفَاجِرَ أوْ الكافرَ إذا حُضِرَ جاءهُ بِما هو صائِرٌ إليهِ مِنَ الشَّرِّ أوْ ما يلقَى مِنَ الشَّرِّ فَكَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن كثير | المصدر : تفسير القرآن العظيم | الصفحة أو الرقم : 7/167 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (12047)، والبزار (6604)، وأبو يعلى (3877)
لا شكَّ أنَّ الدُّنيا دارُ فَناءٍ، وأنَّ الآخرةَ هي دارُ البقاءِ، وأنَّنا في الدُّنيا كعابرِ سبيلٍ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَنْ أحبَّ لقاءَ اللهِ أحبَّ اللهُ لقاءَه، ومَن كرِهَ لقاءَ اللهِ كرِهَ اللهُ لِقاءَه"، ومحبَّةُ اللِّقاءِ هي إيثارُ العبدِ الآخرةَ على الدُّنيا، وعدَمُ حُبِّ طُولِ القيامِ في الدُّنيا، والاستعدادُ لِلارتحالِ عنها، والمُرادُ بِاللِّقاءِ: المصيرُ إلى الدَّارِ الآخرةِ، وطلَبُ ما عندَ اللهِ، وليس الغرضُ به الموتَ؛ لأنَّ كُلَّ النَّاس يَكْرهونَه، فمَنْ ترَكَ الدُّنيا وأبغَضَها أحبَّ لِقاءَ اللهِ، ومَنْ آثَرَها وركَنَ إليها كَرِهَ لقاءَ اللهِ، قال أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "قُلْنا: يا رسولَ اللهِ، كُلُّنَا يَكرَهُ الموتَ"، أي: كلُّ النَّاسِ تَكرَهُ الموتَ، وكأنَّهم استَشْكلوا قَولَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَنْ أحبَّ لِقاءَ اللهِ"؛ لأنَّ الموتَ لا يُحِبُّه أحدٌ بِطبيعةِ خِلقةِ النَّاسِ وما جُبِلوا عليه، فبيَّنَ لهم صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ المقصودَ ليسَ ذلك، "قال: ليس ذاك كَراهيةَ الموتِ، ولكنَّ المُؤمِنَ إذا حُضِرَ جاءَهُ البشيرُ مِنَ اللهِ بما هو صائرٌ إليه، فليس شَيءٌ أحَبَّ إليه مِن أنْ يكونَ قد لقِيَ اللهَ، فأحَبَّ اللهُ لِقاءَهُ، قال: "وإنَّ الفاجرَ- أو الكافِرَ- إذا حُضِرَ جاءه بما هو صائرٌ إليه مِنَ الشَّرِّ- أو ما يَلْقى مِنَ الشَّرِّ- فكرِهَ لِقاءَ اللهِ، وكَرِهَ اللهُ لِقاءَهُ"، فبيَّنَ أنَّ المقصودَ أنَّ المؤمنَ إذا جاءَه الموتُ، فإنَّه يرَى البُشرى مِنَ اللهِ سُبحانَه وتَعالى لِمَا يَنتظِرُه عنده مِن حُسنِ الجزاءِ، فلا يكونُ شَيءٌ أحبَّ إليه مِن ذلك، فأحبَّ لِقاءَ اللهِ وأحبَّ اللهُ لِقاءَه، وأمَّا الكافرُ فإنَّه إذا جاءَه الموتُ يَرى ما وعدَهُ ربُّه مِنَ العذابِ والنَّكالِ حَقًّا أمامَ عينَيْه، فلا يكونُ شَيءٌ أكرَهَ إليه مِن ذلك، فكَرِهَ لِقاءَ اللهِ وكَرِهَ اللهُ لِقاءَه.
وفي الحديثِ: أنَّ المُجازاةَ مِن جِنسِ العملِ؛ فإنَّه قابَلَ المَحبَّةَ بِالمحبَّةِ، والكراهةَ بِالكراهةِ.