الموسوعة الحديثية


- قدمَ معاويةُ المدينةَ، آخرَ قَدمةٍ قدمَها، فخطبَنا فأخرجَ كَبَّةً من شَعرٍ قالَ : ما كُنتُ أرى أحدًا يفعلُ هذا غيرَ اليَهودِ إنَّ النبي سمَّاهُ الزُّورَ. يعني الواصِلةَ في الشَّعرِ وفي روايَةٍ أنَّهُ قال لأهلِ المدينَةِ أينَ عُلَماؤُكُم ؟ سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ ينهَى عَن مثلِ هذِهِ، ويقولُ إنَّما هلَكَت بنو إسرائيلَ حينَ اتَّخذَ هذِهِ نساؤُهُم
الراوي : معاوية بن أبي سفيان | المحدث : الألباني | المصدر : غاية المرام | الصفحة أو الرقم : 100 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
يُنصَّبُ خليفةُ المُسلِمينَ لحِفظِ دِينِ المُسلِمينَ ودُنياهم؛ فمِن واجباتِه الأمرُ بِالمعروفِ والنَّهيُ عَنِ المنكَرِ، وحَمْلُ النَّاسِ على ما فيه صَلاحُ دُنياهم وآخِرتِهم، وهذا ما فعَلَه معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ رضِيَ اللهُ عنه عندما تولَّى خِلافةَ المُسلمينَ، كما في هذا الحديثِ، يقولُ التَّابعيُّ سعيدُ بنُ المُسيِّبِ: "قدِمَ مُعاويةُ المدينةَ آخِرَ قَدْمةٍ قدِمَها"، أي: في آخِرِ زيارةٍ له إليها، فخَطَبَ النَّاسَ وبيَّنَ لَهُم أُمورَ دِينِهِم، وكان ممَّا بَيَّنَهُ لهم أنْ أخْرَجَ لَهُم "كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ"، وهو شَعَرٌ مَلفوفٌ بَعضُه على بعضٍ، "وقال: ما كنتُ أرى أحدًا مِنَ المُسلِمينَ يَفعَلُ هذا"، إنكارًا لَهُ؛ لأنَّ ذلك مِنْ فِعلِ اليَهودِ وقَد نُهِينا عنِ التَّشَبُّهِ بهم، ثُمَّ أخبَرَهُم أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسلَّمَ سَمَّاهُ الزُّورَ، وهو وَصْلُ الشَّعَرِ بَعضِه بِبَعضٍ؛ لِمَا فيه مِنَ التَّزويرِ، فَيُظَنُّ أنَّ شَعَرَ المَرأةِ طويلٌ.
وفي روايةٍ: أنَّه قال لأهْلِ المدينةِ: "أين عُلماؤُكم؟ سمِعْتُ رسولَ اللهِ يَنْهى عن مِثْلِ هذه، ويقولُ: إنَّما هلَكَتْ بنو إسرائيلَ حين اتَّخَذَ هذه نِساؤُهم"، أي: إنَّه- رضِيَ اللهُ عنه- استنكَرَ قِيامَ بَعضِ نِساءِ المُسلِمينَ بوَصْلِ شَعرِهنَّ، وأنكَرَ على العُلماءِ إهمالَهم إنكارَ هذا المُنكَرِ، وهو ممَّا يقَعُ على عاتِقِهم، وكانت تلك الفِعْلةُ مِن أسبابِ هَلاكِ بني إسرائيلَ.
وفي الحديثِ: إرشادُ الإمامِ للرَّعيَّةِ ونُصْحُهُم، وأمْرُه بالمعروفِ ونَهْيُه إيَّاهم عن المُنكَرِ.
وفيه: النَّهيُ عن التَّزويرِ والتَّغريرِ بالمُسلِمينَ.