الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قضى في الأنفِ إذا جُدِعَ كلُّهُ الديةَ كاملةً وإذا جُدِعَت أرنبتُه نصفَ الديةِ وفي العينِ نصفَ الديةِ وفي اليدِ نصفَ الديةِ وفي الرجلِ نصفَ الديةِ وقضى أن يَعقِلَ عن المرأةِ عَصَبَتُها من كانوا ولا يرثون منها إلا ما فضَلَ عن ورَثَتِها وإن قُتلتْ فعَقْلُها بين ورَثَتِها وهم يقتُلون قاتلَها وقضى أنَّ عَقلَ أهلِ الكتابِ نصفُ عَقلِ المسلمين وهم اليهودُ والنصارى
الراوي : [جد عمرو بن شعيب] | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 12/43 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
بيَّنَ الشَّرعُ أحكامَ الدِّيَاتِ والقِصاصِ بينَ المُسلِمين وغيرِهم، وفي هذا الحديثِ بَيانُ بَعضِ تِلك الأحكامِ، حيثُ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ قضَى في الأنْفِ إذا جُدِعَ كُلُّه"، أي: إذا قُطِعَ كُلُّهُ، "الدِّيةُ كاملةً، وإذا جُدِعَتْ أرْنَبتُه نِصْفُ الدِّيِة" والأرنبةُ هي طَرفُ الأنفِ، "وفي العينِ نِصْفُ الدِّيةِ، وفي اليدِ نِصْفُ الدِّيةِ، وفي الرِّجْلِ نِصْفُ الدِّيةِ"، وهذه أعضاءُ يُوجَدُ منها اثنانِ في جِسْمِ الإنسانِ، فيكونُ في إحداها نِصْفُ الدِّيةِ، وفي كلاهما الدِّيةُ كاملةً. "وقضَى أنْ تَعقِلَ المرأةَ"، أي: أنَّ الَّذي يَدفَعُ دِيةَ المرأةِ إذا كانتْ قاتِلةً، "عَصَبتُها مَن كانوا"، أي: تُوزَّعُ على القَريبِينَ منها والبَعيدين، وعَصَبةُ المرأةِ: ذَوو أَرحامِها مِن الرِّجالِ، "ولا يَرِثون منها"، أي: وليس لهم مِن مِيراثِ مالِها وتَرِكَتِها ودِيَتِها شَيءٌ إذا كانتْ هي المقتولةَ، "إلَّا ما فضَلَ عن ورَثتِها"، أي: لهم أنْ يَأخُذوا ما تبَقَّى مِن الورَثةِ بَعدَ تمامِ فُروضِهم الشَّرعيَّةِ؛ وذلك حتَّى لا يتَوهَّمَ العَصَبةُ أنَّهم إذا كانوا هم الدَّافِعين للدِّيةِ في حالِ كَونِها قاتِلَةً، أنَّهم ورَثتُها في حالةِ إذا كانَت مَقتولةً، فنفى ذلك رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ، "وإنْ قُتِلَت"، وإنْ كانتِ المرأةُ مَقتولةً خطَأً، "فعَقْلُها بيْن ورَثتِها"، أي: ودِيَتُها تَكونُ بينَ الورَثةِ أصحابِ الفُروضِ على قَدْرِ مِيراثِهم، وليس للعصَبةِ، "وهم يَقتُلون قاتِلَها"، أي: وإنْ قُتِلَتْ عَمدًا فالورثةُ هم مَن يَطلُبون بدَمِها لا العَصَبةُ، والمُرادُ: أنَّ القِصاصَ حَقٌّ للورَثةِ في حالةِ القتلِ العمدِ؛ فإنْ شاؤوا اقتَصُّوا، وإنْ شاؤوا عفَوْا، ولا حَقَّ في ذلك لغَيرِهم مِن الأقاربِ، كالعصَباتِ.
"وقَضى أنَّ عَقْلَ أهلِ الكِتابَينِ نِصفُ عَقْلِ المُسلِمين، وهم اليهودُ والنَّصارى"، والمعنى: أنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ مِن اليهودِ والنَّصارى نِصفُ دِيةِ المسلِمِ. وفي روايةِ أبي داودَ: "كانت قِيمةُ الدِّيَةِ على عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ ثَمانَ مِائةِ دينارٍ، أو ثَمانيةَ آلافِ دِرْهمٍ، ودِيَةُ أهلِ الكتابِ يومَئذٍ النِّصفُ مِن ديةِ المُسلِمين، قال: فكان ذلك كذلك حتَّى استُخلِفَ عُمرُ رَحِمَهُ اللهُ، فقام خَطيبًا، فقال: ألَا إنَّ الإبِلَ قد غَلَتْ، قال: ففَرَضَها عمرُ على أهلِ الذَّهبِ ألفَ دِينارٍ، وعلى أهلِ الوَرِقِ اثنَيْ عشَرَ ألْفًا، وعلى أهلِ البقَرِ مِائَتيْ بقرةٍ، وعلى أهلِ الشَّاءِ ألفَيْ شاةٍ، وعلى أهلِ الحُلَلِ مِائتَيْ حُلَّةٍ، قال: وتَرَك دِيَةَ أهلِ الذِّمَّةِ لم يرفَعْها فيما رفَعَ مِن الدِّيةِ".