الموسوعة الحديثية


- قل اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الهُدَى والسَّدادَ واذكرْ بالهُدَى هدايتَكَ الطَّريقَ واذكرْ بالسَّدادِ تسديدَكَ السَّهمَ وقالَ : ونَهَى أو نَهاني عنِ القسِّيِّ والمَيثرةِ وعنِ الخاتمِ في السَّبَّابةِ أوِ الوسطَى
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 2/274 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُ أصحابَه ويُرشِدُهم إلى ما فيه الخَيرُ، ويُعلِّمُهم أُمورَ دِينِهم، وما يَحِلُّ لهم وما يَحرُمُ عليهم، رِجالًا ونِساءً، وفي هذا الحديثِ صُورةٌ مِن ذلك؛ فعن عليٍّ رضِيَ اللهُ عنه، قال: "قال لي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قُلِ: اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُك الهُدى"، أي: ادْعُ اللهَ واسْألْهُ إرْشادَك لِطريقِ الحَقِّ والخيرِ وعَدمِ الضَّلالِ، "والسَّدادَ"، أيِ: ادْعُ اللهَ أنْ يَجعلَكَ على الصَّوابِ في القَولِ والفِعلِ، بالتَّوفيقِ في الأُمورِ، والاستقامةِ والقَصدِ، وربَّما يُحمَلُ السَّدادُ على معنى الغِني وعَدمِ الحاجةِ إلى النَّاسِ.
ثمَّ أرشَدَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعلَّمَه كيف يَدْعُو بِضرْبِ الأمْثالِ؛ فقال: "واذكُرْ بالهُدى هِدايتَك الطَّريقَ"، أي: عندَ طَلبِك مِنَ اللهِ الهِدايةَ للحَقِّ، فاسْتَقِمْ بِجوارِحِك وقَلبِك، واسْتَجْمِعْ قُواك في الطَّلبِ، وسَلِ الهِدايةَ والاسْتقامةَ، ولا تَزِغ عنها، كما كنتَ تَتَحرَّى الوُصولَ لغايَتِك في سَيرِك في طُرقاتِ الدُّنيا إذا سَلكْتَها، "واذْكُرْ بالسَّدادِ تَسديدَك السَّهْمَ"، فإنَّ الرَّامِيَ بالسَّهمِ لا يَعدِلُ عن الهَدفِ يَمينًا ولا شِمالًا؛ لِيُصِيبَ الرَّمِيَّةَ ولا يَطِيشَ سَهْمُه، فكذلك أحْضِرْ هذا المَعْنى بِقلْبِك عندما تَسأَلُ اللهَ السَّدادَ في الأُمورِ وإصابةِ الحَقِّ والخَيرِ؛ ولِيَكُنْ طَلبُك صَادقًا وتَوجُّهُك فيه للهِ خالصًا.
وهذا إرشَادٌ مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِمَا يَجِبُ أنْ يَهْتَمَّ بدُعائِه، فيَستحْضِرَ مَعاني دَعواتِه في قَلْبِه، ويُبالِغُ في ذِكْرِها.
قال عليٌّ رضِيَ اللهُ عنه: "ونَهى- أو نهاني- عن القَسِّيِّ والمِيثرةِ"، "والقَسِّيِّ"، وهيَ ثِيابٌ مِن كَتَّانٍ مَخلوطٍ بحَريرٍ، يُؤتَى بِها مِن مِصرَ، نُسِبَت إلى قَريةٍ على ساحلِ البَحرِ، قريبًا مِن تِنِّيسَ، يُقالُ لها: القَسُّ بالفَتحِ، وقيل: القَسُّ أصلُهُ القَرُّ، وهو نَوعٌ منَ الحريرِ. والمِيثَرةُ: شَيءٌ كانت تَصنَعُه النِّساءُ لأزْواجِهِنَّ لِوضْعِه على الرِّكابِ، وعلى السَّرْجِ، بحيثُ يَكون لَيِّنًا عندَ الرُّكوبِ عليه، ويكونُ مِنَ الحَريرِ.
ومِن الحِكمةِ في النَّهيِ عن استِعمالِ القَسِّيِّ والمِيثَرةِ: ما فيهما مِنَ الزِّينةِ والخُيلاءِ؛ ولِمَا فيهما مِنَ التَّشبُّهِ بالعَجَمِ.
"وعنِ الخاتمِ في السَّبَّابةِ أو الوُسْطى"، أي: ونَهاني عن التَّختُّمِ ولُبسِ الخاتَمِ في واحِدٍ مِنَ الإصْبَعينِ؛ السَّبَّابة أو الوُسْطى.
وفي الحديثِ: إرْشادُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحابِه إلى الدُّعاءِ بالهِدايةِ والتَّسديدِ وما فيه نَفعُ المُسلِمِ.
وفيه: النَّهيُ عن زَائدِ الزِّينةِ، وعَن التَّشبُّهِ بالأعاجِمِ.