الموسوعة الحديثية


- قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يعني يقولُ تبارَك وتعالى كذَّبني عبدي ولم يَكن لهُ أن يُكذِّبني وشتمني ولم يَكن لهُ أن يشتُمني فأمَّا تَكذيبُهُ إيَّايَ يعني قولَه لن يعيدَنا اللَّهُ كما بدأنا إنَّهُ ليسَ أوَّلُ الخلقِ يريدُ بأشدَّ علينا من آخرِه لم يذكر عيسى بنُ أبي حربٍ هذا الكلامَ ولم يَكُن في كتابِه وأمَّا شتمُه إيَّايَ فإنَّهُ يقولُ اتَّخذَ اللَّهُ ولدًا وأنا الأحدُ الصَّمدُ لم ألِد ولم أولد ولم يَكن لهُ كفُوًا أحدٌ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن خزيمة | المصدر : التوحيد لابن خزيمة | الصفحة أو الرقم : 897/2 | خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح] | التخريج : أخرجه ابن خزيمة في ((التوحيد)) (2/897)

 قالَ اللَّهُ: كَذَّبَنِي ابنُ آدَمَ، ولَمْ يَكُنْ له ذلكَ، وشَتَمَنِي، ولَمْ يَكُنْ له ذلكَ؛ فأمَّا تَكْذِيبُهُ إيَّايَ فَزَعَمَ أنِّي لا أقْدِرُ أنْ أُعِيدَهُ كما كانَ، وأَمَّا شَتْمُهُ إيَّايَ فَقَوْلُهُ: لي ولَدٌ، فَسُبْحانِي أنْ أتَّخِذَ صاحِبَةً أوْ ولَدًا!
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4482 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : من أفراد البخاري على مسلم


الكُفرُ كلُّه ملَّةٌ واحِدةٌ، وإنَّما يَختَلِفُ في صُوَرِه؛ فجَميعُهم يَفْتري على اللهِ الكَذِبَ، ويُشرِكُ به ما لم يُنزِّلْ به سُلْطانًا، ومِن أقبَحِ مَقالاتِ المُشرِكينَ قَولُ النَّصارى: إنَّ للهِ ولَدًا، تعالَى عن ذلك عُلوًّا كَبيرًا، وقَولُ مُنْكِري البَعثِ.
وفي هذا الحَديثِ القُدسيِّ الَّذي يَرْويه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ربِّه عزَّ وجلَّ، يقول ربُّ العزَّةِ: «كَذَّبَني ابنُ آدَمَ، ولم يكُنْ له ذلك، وشتَمَني، ولم يكُنْ له ذلك»، أي: لم يكُنْ له حقٌّ في ذلك، والتَّكذيبُ هو اتِّهامُ المُتكلِّمِ أنَّ خَبَرَه خِلافُ الواقِعِ، فأمَّا تَكْذيبُ ابنِ آدمَ للهِ تعالَى فزَعْمُه أنَّ المَوْلى سُبحانَه وتعالَى لا يَقدِرُ أنْ يُعيدَه مرَّةً أُخْرى بعْدَ مَوتِه، وهو القادرُ على ذلك سُبحانَه، وقد أخبَرَ اللهُ تعالَى أنَّه كما بَدأَ الخَلقَ سيُعيدُه مرَّةً أُخْرى، وهو على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، فقال تعالَى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104].
والشَّتمُ هو وَصفُ الشَّخصِ بالنَّقائصِ والمَعايبِ، وأمَّا شَتمُ ابنِ آدَمَ للهِ فهو نِسبةُ الولَدِ له سُبحانَه وتعالَى، ويُعَدُّ هذا شَتْمًا في حقِّ اللهِ تعالَى؛ إذ إثْباتُ الولَدِ إنَّما يكونُ عن والدةٍ تَحمِلُه، ثمَّ تَضَعُه، ويَستَلزِمُ ذلك سَبْقَ النِّكاحِ، والنَّاكحُ يَستَدْعي باعثًا له وحاجةً تَطلُبُ ذلك، واللهُ سُبحانَه وتعالَى مُنَزَّهٌ عن جَميعِ ذلك، وممَّن قال بهذا اليَهودُ والنَّصارى، وادِّعاؤُهم أنَّ للهِ وَلدًا، سُبحانه وتعالى عن ذلك عُلوًّا كَبيرًا؛ فإنَّ اليَهودَ قالوا: عُزَيرٌ ابنُ اللهِ، والنَّصارى قالوا: عِيسى ابنُ اللهِ، ويَشمَلُ كذلك مَن قال مِن العَربِ: المَلائكةُ بناتُ اللهِ.
ثمَّ قال اللهُ تعالَى: «فسُبْحاني أنْ أتَّخِذَ صاحِبةً أو ولَدًا!»، أي: تَنْزيهًا وتَطْهيرًا وتَعْظيمًا لي؛ تَنزَّهْتُ عنِ اتِّخاذِ الزَّوْجةِ أوِ الولَدِ، فنَزِّهوني عن ذلك، تعالَى اللهُ عمَّا يَقولُ الظَّالِمونَ عُلوًّا كَبيرًا.
وقد ردَّ اللهُ على مَن زعَمَ أنَّه لا يُعيدُ الخَلقَ، وعلى مَن زعَمَ أنَّ له ولَدًا، في أكثَرَ مِن آيةٍ في كتابِه، منها قولُه: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} إلى قولِه: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا} [مريم: 66 - 89].
وفي الحَديثِ: حِلمُ اللهِ سُبحانَه على مَن تَطاوَلَ على مَقامِه العَليِّ منَ البشَرِ، وإمْهالُه سُبحانَه لهم.