الموسوعة الحديثية


- كيفَ بِكم إذا أتت عليكم أمراءُ يصلُّونَ الصَّلاةَ لغيرِ ميقاتِها ؟ قلتُ : فما تأمرني إذًا إِن أدرَكني ذلِك يا رسولَ اللَّهِ ؟ قال : صلِّ الصَّلاةَ لميقاتِها واجعل صلواتَكَ معَهُم سُبحةً
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح دلائل النبوة | الصفحة أو الرقم : 567 | خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط مسلم | التخريج : أخرجه أبو داود (432)، وابن ماجه (1255) باختلاف يسير، والنسائي (799) بنحوه، وأصله في صحيح مسلم (534) موقوفاً

عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قَدِمَ علينا معاذُ بنُ جبلٍ اليمنَ رسولُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلينا, قال فسمعتُ تكبيرَه مع الفجرِ رجلٌ أجشُّ الصوتِ, قال فأُلقيتْ عليه محبتي فما فارقتُه حتى دفنتُه بالشامِ ميتًا, ثم نظرتُ إلى أفقَه الناسِ بعدَه فأتيتُ ابنَ مسعودٍ فلزمتُه حتى ماتَ فقال: قال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كيف بكم إذا أتتْ عليكم أمراءُ يصلون الصلاةَ لغيرِ ميقاتها؟ قلتُ فما تأمُرُني إن أدركني ذلك يا رسولَ اللهِ؟ قال: صلِّ الصلاةَ لميقاتِها واجعلْ صلاتَك معهم سُبحةً.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 432 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

في هذا الحَديثِ يَحكِي عَمرُو بنُ ميمونٍ الأوديُّ فيقولُ: "قَدِم علينا"، أي: على أهلِ اليمَنِ "معاذُ بنُ جبَلٍ اليمَنَ" سنَةَ عشْرٍ مِن الهجرةِ، "رسولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إلينا"، وهذا وصفٌ لمُعاذٍ بأنَّه رسولٌ أرسَلَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إليهم, "قال" عمرُو بنُ ميمونٍ: "فسَمِعتُ تكبيرَه"، أي: قولَه: اللهُ أكبَرُ رافعًا بها صوتَه، "معَ الفجرِ"، أي: قريبًا مِن وقتِ الفجرِ وقتِ السَّحَرِ، أو أنَّه مع أذانِ الفجرِ ودخولِ وقتِه، "رجلٌ أجَشُّ الصَّوتِ"، أي: وهو رجلٌ شديدُ الصَّوتِ، فيه غُنَّةٌ ونَغْمةٌ, "قال: فأُلقِيَت عليه محبَّتي"، أي: ألْقى اللهُ تعالى محبَّتي في قلبِه، "فما فارَقتُه"، أي: لَزِمتُه ولم أترُكْه، "حتَّى دفَنتُه بالشَّامِ ميِّتًا"، أي: حتَّى ماتَ بالشَّامِ فدفَنتُه بها, وقد دُفِن معاذٌ رضِيَ اللهُ عنه في شَرقيِّ غُورِ بَيْسَانَ سَنةَ ثماني عَشْرةَ من الهِجرَةِ.
قال عمرٌو: "ثمَّ نظَرتُ"، أي: تأمَّلتُ، "إلى أفقَهِ النَّاسِ بعدَه" مِن الصَّحابةِ، "فأتَيتُ ابنَ مسعودٍ، فلَزِمتُه حتَّى مات"، أي: صَحِبتُه أتَعَلَّمُ منه حتَّى وفاتِه، "فقال" عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: قال لي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "كيفَ بِكُم"، أي: ماذا تَفعَلون، وكَيفَ يَكونُ حالُكم وشأنُكم، "إذا أتَتْ"، أي: تأمَّرَتْ "عليكم أُمراءُ"، "يُصلُّون الصَّلاةَ لغَيرِ ميقاتِها؟"، أي: وَقتِها المختارِ لا وَقتِها الحقيقيِّ، "قلتُ"، أي: قالَ ابنُ مسعودٍ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فما تَأمُرُني إنْ أدركَني ذلك يا رسولَ اللهِ؟"، أي: ماذا أفعَلُ إذا كنتُ في هذا الزَّمانِ وأدركتُ ذلك الوقتَ؟ قال رسولُ الله صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "صلِّ الصَّلاةَ لمِيقاتِها"، أي: لوَقتِها المختارِ، "واجعَلْ صَلاتَك معَهم سُبْحةً"، أي: نافلةً.
وهذا توجيهٌ نبويٌّ للمسلِمين في مثلِ هذه الأزمانِ أن يُصلُّوا الصَّلاةَ في أوَّلِ وقتِها مع أنفُسِهم، أو في بُيوتِهم، ولا يُظهِروا ذلك، ثمَّ يُصلُّوا معَ الأُمراءِ في الوقتِ المتأخِّرِ الذي يُصلُّون فيه الجماعةَ، أو يُؤمَرون بالصَّلاةِ فيه؛ حتَّى لا تُشَقَّ عَصا المسلِمين بإظهارِ مُخالفةِ الأُمراءِ وعدَمِ الصَّلاةِ معَهم؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَر بطاعَتِهم ما أقاموا الصَّلاةَ- كما في رواياتٍ أُخْرى، ولكن ورَدَ النهيُ عن أنْ يُصلِّيَ المسلمُ صلاةً واحدةً مرَّتَينِ في يومٍ واحدٍ إذا لم يَكُن لها سببٌ، وهنا يُوجَدُ سببٌ وجيهٌ لإعادتِها، وهو طاعةُ الأمراءِ وعدمُ شقِّ الصَّفِّ، وتُعَدُّ الصلاةُ الأولى هي الفَرْضَ، والأخرى نافِلةً.
وفي الحديثِ: فضلُ الصَّلاةِ في أوَّلِ وقتِها والتَّحذيرُ مِن تأخيرِها، ولزومُ الصَّلاةِ مع أئمَّةِ المسلِمين وإنْ كانوا ظالِمين.
وفيه: إعادةُ صلاةِ المنفردِ مع الجماعةِ؛ لإدراكِ الفضيلةِ وتكونُ في حَقِّه نافلةً.