الموسوعة الحديثية


- أنَّ عائشةَ زوجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالت لم أعقِلْ أبويَّ قطُّ إلا وهما يَدِينانِ الدِّينَ ، ولم يمُرَّ علينا يومٌ إلا أتينا فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ طرَفَي النهارِ بُكرةً وعشِيَّةً ، فلما ابتُلِيَ المسلمونَ ، خرج أبو بكرٍ مُهاجرًا نحو أرضِ الحبشةِ حتى إذا بلغ برْكَ الغَمادِ لقِيَه ابنُ الدَّغِنَةَ وهو سيِّدُ القارَةِ قال : أين تريدُ يا أبا بكرٍ ؟ قال أبو بكرٍ : أَخْرَجَني قومي ، فأريدُ أن أسيحَ في الأرضِ ، وأعبدُ ربي ، قال ابنُ الدَّغِنَةَ : فإنَّ مثلَك – يا أبا بكرٍ – لا يخرجُ ، ولا يخرجُ ، أنت تَكسِبُ المُعدَمَ ، وتَصِلُ الرَّحِمَ ، وتَحمِلُ الكَلَّ ، وتُقرِي الضَّيفَ ، وتُعينُ على نوائبِ الحقِّ ، فأنا لك جارٌ . ارجِعْ واعبُدْ ربَّك ببلدِك ، فرجع ، وارتحل معه ابنُ الدَّغِنَةَ ، فطاف ابنُ الدَّغِنةَ عشيَّةً في أشرافِ قريشٍ ، فقال لهم : إنَّ أبا بكرٍ لا يُخرَجُ مثله ، ولا يَخرُجُ ، أَتُخرِجونَ رجُلًا يُكسبُ المُعدَمَ ، ويَصِلُ الرَّحِمَ ، ويَحمِلُ الكَلَّ ، ويُقرِي الضَّيفَ ، ويعينُ على نوائبِ الحقِّ . فلم تَكذِبْ قريشٌ بجوارِ ابنِ الدَّغِنَةَ ، وقالوا لابنِ الدَّغِنَةَ : مُرْ أبا بكرٍ ، فلْيعبُدْ ربَّه في دارِه ، فلْيُصلِّ فيها ، وليقرأْ ما شاء ، ولا يُؤذِينا بذلك ، ولا يَستَعْلِنْ به ، فإنا نخشى أن يَفتِنَ نساءَنا وأبناءَنا . فقال ذلك ابنُ الدَّغِنَةَ لأبي بكرٍ ، فلبثَ أبو بكرٍ بذلك يعبدُ ربَّه في دارِه ، ولا يَستَعْلِنْ بصلاتِه ، ولا يقرأُ في غيرِ دارِه ، ثم بدا لأبي بكرٍ ، فابتَنى مسجدًا بفناءِ دارِه ، وكان يُصلِّي فيه ، ويقرأُ القرآنَ ، فيتقذَّفُ عليه نساءُ المُشركينَ وأبناؤهم يعجَبون منه ، وينظرون إليه ، وكان أبو بكرٍ رجلًا بكَّاءً لا يملِكُ عينَيه إذا قرأ القرآنَ ، وأفزَع ذلك أشرافَ قريشٍ من المشركين ، فأرسَلوا إلى ابنِ الدَّغِنَةَ ، فقدِم عليهم ، فقالوا : إنا أَجَرْنا أبا بكرٍ بجوارِك على أن يعبدَ ربَّه في دارِه ، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناءِ دارِه ، فأعلنَ الصلاةَ والقراءةَ فيه ، وإنا قد خشِينا أن يَفتِنَ نساءَنا وأبناءَنا ، فانْهَه ، فإن أحَبَّ أن يقتصرَ على أن يعبدَ ربَّه في دارِه ، فعل ، وإن أبى إلا أن يُعلِنَ بذلك ، فسَلْه أن يَرُدَّ إليك ذِمَّتَك ، فإنا قد كَرِهنا أن نَخفِرَك ، ولسنا مُقِرِّينَ لأبي بكرٍ الاستعلانَ . قالت عائشةُ : فأتى ابنُ الدَّغِنَةَ إلى أبي بكرٍ ، فقال : قد علمتَ الذي عاقدتُ لك عليه ، فإما أن تقتصرَ على ذلك ، وإما أن تُرجِعَ إليَّ ذِمَّتي ، فإني لا أُحبُّ أن تسمعَ العربُ أني أُخفِرْتُ في رجُلٍ عَقدتُ له ، فقال أبو بكرٍ : فإني أرُدُّ إليك جوارَك ، وأَرْضَى بجوارِ اللهِ ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومئذٍ بمكةَ ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ للمسلمينَ : إني أُريتَ دارَ هجرتِكم ذاتَ نَخْلٍ بين لابَتَينِ ، وهي الحَرَّتانِ ، فهاجر من هاجر قبلَ المدينةِ ، ورجع عامَّةُ من كان هاجر بأرضِ الحبشةِ إلى المدينةِ ، وتجهَّز أبو بكرٍ قِبَلَ المدينةِ ، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : على رِسلِك ، فإني أرجو أن يُؤذَنَ لي . فقال أبو بكرٍ : وهل ترجو ذلك بأبي أنت ؟ قال : نعم فحَبس أبو بكرٍ نفسَه على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ليصحَبَه ، وعلق راحلتَينِ كانتا عند ورَقِ السَّمُرِ – وهو الخَبطُ – أربعةَ أشهرٍ . قال ابنُ شهابٍ : قال عروةُ : قالت عائشةُ : فبينما نحن يومًا جلوسٌ في بيتِ أبي بكرٍ في نَحْرِ الظهيرةِ ، قال قائلٌ لأبي بكرٍ : هذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُتَقَنِّعًا في ساعةٍ لم يكن يأتينا فيها ، فقال أبو بكرٍ : فدى له أبي وأمي ، واللهِ ما جاء به في هذه الساعةِ إلا أمْرٌ ، قالت فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، واستأذَن ، فأذِن له ، فدخل ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأبي بكرٍ : أَخرِجْ مَن عندَك . فقال أبوبكرٍ : إنما هم أَهلك بأبي أنت يا رسولَ اللهِ ، قال : فإني قد أُذِنَ لي في الخروجِ . قال أبو بكرٍ : الصحابةَ بأبي أنت يا رسولَ اللهِ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : نعم ، قال أبو بكرٍ : فخُذْ بأبي أنت يا رسولَ اللهِ إحدى راحلتيَّ هاتَينِ : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : بالثَّمنِ . قالت عائشةُ : فجهَّزْناهما أَحَثَّ الجهازِ ، وصنَعْنا لهما سُفرةً في جِرابٍ ، فقطعتْ أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ قطعةً من نِطاقِها ، فربطَتْ به على فَمِ الجِرابِ ، فبذلك سُمِّيَتْ ذاتُ النِّطاقَينِ ، قالت : ثم لحِقَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبو بكرٍ بغارٍ في جبلِ ثَوْرٍ ، فمكَثا فيه ثلاثَ ليالٍ ، يبيتُ عندهما عبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ ، وهو غلامٌ شابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ ، فيَدَّلِجُ من عندهما بسَحَرٍ ، فيصبحُ مع قريشٍ بمكةَ كبائتٍ ، فلا يسمعُ أمرًا يكتادانِ به إلا وعاه حتى يأتيَهما بخبرِ ذلك حين يختلِطُ الظلامُ ، ويرعى عليهما عامرُ بنُ فُهَيرَةَ مولى أبي بكرٍ مِنحةً من غنمٍ ، فيَريحُها عليهما حين يذهبُ ساعةٌ من العشاءِ ، فيبيتان في رِسْلٍ ، وهو لبنٌ منَحَتْهما ورضَيفَهما حتى يَنعِقَ بهما عامرُ بنُ فُهَيرةَ بغَلَسٍ يفعلُ ذلك في كلِّ ليلةٍ من تلك الليالي الثلاثةِ ، واستأجر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبو بكرٍ رجلًا من بني الدِّيلِ وهو من بني عبدٍ بنِ عديٍّ هاديًا خِرِّيتًا – والخِرِّيتُ : الماهرُ بالهدايةِ – قد غمَس حِلفًا في آلِ العاصِ بنِ وائلِ السَّهميِّ ، وهو على دِينِ كفارِ قريشٍ فأمِناه ، فدفعا إليه راحلَتَيهما ، وواعداه غارَ ثورٍ بعد ثلاثِ ليالٍ براحلتَيهما صبحَ ثلاثٍ ، فانطلق معهما عامرُ بنُ فُهَيرةَ والدَّليلُ ، فأخذ بهم طريقَ الساحلِ . قال ابنُ شهابٍ : وأخبَرني عبدُ الرَّحمنِ بنُ مالكٍ المُدَّلَجِيِّ وهو ابنُ أخي سراقةَ بنَ مالكٍ بنِ جُعشُمٍ يقول : جاءنا رسلُ كفارِ قريشٍ يجعلونَ في رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبي بكرٍ دِيَةَ كل ِّواحدٍ منهما لمن قتلَه أو أسره ، فبينما أنا جالسٌ في مجلسٍ من مجالس قومي بني مدلجٍ ، أقبل رجلٌ منهم حتى قام علينا ، ونحن جلوسٌ فقال : يا سراقةُ إني قد رأيتُ آنفًا أسودةً بالساحلِ أراها محمدًا وأصحابَه . قال سراقةُ : فعرفتُ أنهم هم ، فقلتُ له : إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيتَ فلانًا وفلانًا انطلَقوا بأعيُنِنا ، ثم لبثتُ في المجلسِ ساعةً ، ثم قمتُ ، فدخلتُ فأمرتُ جاريتي أن تخرجَ بفرسي وهي من وراءِ أَكَمَةٍ ، فتحبِسُها عليَّ ، وأخذتُ رُمْحي ، فخرجتُ به من ظهرِ البيتِ ، فخططتُ بزَجِّه الأرضَ وخفضتُ عاليه حتى أتيتُ فرَسي فركبتُها ، فدفعتُها تقرب بي حتى دنَوتُ منهم ، فعثُرَتْ بي فرَسي ، فخررتُ عنها ، فقمتُ فأهويتُ يدي إلى كنانَتي ، فاستخرجتُ منها الأزلامَ ، فاستقسمتُ بها أَضُرُّهم أم لا ، فخرج الذي أكْرَه ، فركبتُ فرسي ، وعصيتُ الأزلامَ تقربُ بي حتى إذا سمعتُ قراءةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وهو لا يلتفتُ ، وأبو بكرٍ يكثرُ الالتفاتَ ، ساخت يدا فرسي في الأرضِ حتى بلغَتا الرُّكبتَينِ ، فخررتُ عنها ، ثم زجَرتُها ، فنهضتُ ، فلم تَكَدْ تُخرجُ يدَيها ، فلما استوتْ قائمةً إذا لأَثَرِ يدَيها غبارٌ ساطعٌ في السماءِ مثلُ الدُّخانِ ، فاستقسمتُ بالأزلامِ ، فخرج الذي أَكْرَهُ ، فناديتُهم بالأمانِ ، فوقفوا فركبتُ فرسي حتى جئتُهم ، ووقع في نفسي حين لقيتُ ما لقيتُ من الحبسِ عنهم أن سيظهرُ أمرُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقلتُ له : إنَّ قومَك قد جعلوا فيك الدِّيَةَ ، وأخبرتُهم أخبارَ ما يريد الناسُ بهم ، وعرضتُ عليهم الزادَ والمتاعَ ، فلم يرْزَآني ، ولم يسأَلاني إلا أن قال : أَخْفِ عنا . فسألتُه أن يكتُبَ لي كتابَ أمنٍ ، فأمر عامرَ بنَ فُهَيرَةَ ، فكتب في رقعةٍ من أَدمٍ ، ثم مضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . قال ابنُ شهابٍ : فأخبرَني عروةُ بنُ الزبيرِ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لقِيَ الزبيرَ في ركبٍ من المسلمين كانوا تُجارًا قافلينَ من الشامِ ، فكسا الزبيرُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبا بكرٍ ثيابَ بياضٍ ، ويسمع المسلمون بالمدينةِ مَخرجَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من مكةَ ، فكانوا يَغدونَ كلَّ غداةٍ إلى الحَرَّةِ ، فينتظرونه حتى يَرُدَّهم حَرُّ الظهيرةِ ، فانطلقوا أيضًا بعد ما أطالوا انتظارَهم ، فلما أووا إلى بيوتِهم ، أوفَى رجلٌ من اليهودِ على أَطَمٍ من آطامِهم لأمرٍ ينظرُ إليه ، فبصر برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأصحابِه مُبيضِينَ ، يزولُ بهم السَّرابُ ، فلم يملِكِ اليهوديُّ ، أن قال بأعلى صوتِه : يا معشرَ العربِ هذا جَدُّكم الذي تنتظرونَ . فثار المسلمون إلى السِّلاحِ ، فتلقَّوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بظَهرِ الحَرَّةِ ، فعدل بهم ذاتَ اليمينِ حتى نزل بهم في بني عَمرو بنِ عوفٍ ، وذلك يومَ الاثنينِ من شهرِ ربيعٍ الأوَّلِ ، فقام أبو بكرٍ للناسِ ، وجلس رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صامتًا ، فطفِق من جاء من الأنصارِ ممن لم يرَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُحَيِّي أبا بكرٍ حتى أصابتِ الشمسُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فأقبل أبو بكرٍ حتى ظلَّلَ عليه برِدائِه ، فعرف الناسُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عند ذلك ، فلبِثَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في بني عَمرو بنِ عَوفٍ بضعَ عشرةَ ليلةً ، وأسَّس المسجدَ الذي أُسِّسَ على التقوَى ، وصلَّى فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، ثم ركب راحلتَه ، فسار يمشي معه الناسُ حتى بركَتْ عند مسجدِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالمدينةِ ، وهو يُصلي فيه يومئذٍ رجالٌ من المُسلمين ، وكان مَربَدًا للتَّمرِ لسُهيلٍ وسهلٍ غلامَينِ يتيمينِ في حِجرِ سعدِ بنِ زُرارةَ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حين بركَت به راحلتُه : هذا – إن شاء اللهُ – المنزلُ . ثم دعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الغلامَينِ ، فساومَهما بالمَربَدِ ، لِيَتَّخِذَه مسجدًا ، فقالا : بل نَهَبُه لك يا رسولَ اللهِ ، ثم بناه مسجدًا ، وطفِق رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ينقلُ معهم اللَّبِنَ في بُنيانِه ، ويقول وهو ينقُلُ اللَّبِنَ : هذا الحِمالُ لا حِمالُ خيبرَ*هذا أَبَرُّ ربَّنا وأطهرُ . ويقول : اللهمَّ إنَّ الأجرَ أجرُ الآخرةِ*فارحَمِ الأنصارَ والمُهاجِرَةِ . فتمثَّل ببيتِ رجلٍ من المسلمين لم يُسمَّ لي . قال ابنُ شهابٍ : ولم يَبلُغْنا في الأحاديثِ أنَّ رسولَ الله ِصلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تمثَّلَ ببيتِ شِعرٍ تامٍّ غيرِ هذه الأبياتِ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البغوي | المصدر : شرح السنة | الصفحة أو الرقم : 7/106 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (3905، 3906) مفرقاً باختلاف يسير

لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إلَّا وَهُما يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الحَبَشَةِ، حتَّى إذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، وَهو سَيِّدُ القَارَةِ، فَقالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فأنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ في الأرْضِ، فأعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: إنَّ مِثْلَكَ لا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ؛ فإنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ، وَأَنَا لكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ ببِلَادِكَ، فَارْتَحَلَ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مع أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ في أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقالَ لهمْ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ المَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ؟! فأنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ، وَقالوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ، فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ، وَلْيَقْرَأْ ما شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بذلكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ به؛ فإنَّا قدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، قالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بالصَّلَاةِ، وَلَا القِرَاءَةِ في غيرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَكانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عليه نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وَكانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، فأفْزَعَ ذلكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ عليهم فَقالوا له: إنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ علَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ، وإنَّه جَاوَزَ ذلكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ، فإنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ علَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ فَعَلَ، وإنْ أَبَى إلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذلكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ؛ فإنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقالَ: قدْ عَلِمْتَ الَّذي عَقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أَنْ تَرُدَّ إلَيَّ ذِمَّتِي؛ فإنِّي لا أُحِبُّ أَنْ تَسْمعَ العَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، قالَ أَبُو بَكْرٍ: إنِّي أَرُدُّ إلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بجِوَارِ اللَّهِ. وَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ؛ رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بيْنَ لَابَتَيْنِ». وَهُما الحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَن هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذلكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَرَجَعَ إلى المَدِينَةِ بَعْضُ مَن كانَ هَاجَرَ إلى أَرْضِ الحَبَشَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكَ؛ فإنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي»، قالَ أَبُو بَكْرٍ: هلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أَنْتَ؟ قالَ: «نَعَمْ»، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2297 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [قوله: وقال أبو صالح... معلق]

التخريج : من أفراد البخاري على مسلم


عاش النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابُه في مكَّةَ حَياةً صَعبةً، مِلْؤها أذَى الكُفَّارِ لهم، والتَّضييقُ عليهم في أمْرِ الدَّعوةِ إلى الإسلامِ، مع تَعذيبِهم وغيرِ ذلك مِن طُرقِ الإيذاءِ، ثمَّ أمَرَ اللهُ سُبحانه نَبيَّه بالهِجرةِ إلى المدينةِ.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها طَرَفًا ممَّا عاصَرَتْه مِن تلك الفترةِ؛ فتَرْوي أنَّها لمَّا كَبِرَت ووَعَتْ كان أبَواها أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ وأمُّ رُومانَ يَدينانِ بِدينِ الإسلامِ، وكان لا يَمُرَّ يومٌ عليهم إلَّا ويَأْتيهم فيه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «طَرَفَيِ النَّهارِ: بُكرَةً وعَشيَّةً»، أي: مرَّةً يَأتِيهم في أوَّلِ النَّهارِ، ومرَّةً يَأتِيهم في آخِرِه، فلمَّا ابْتُلِيَ المُسلِمونَ بِأذَى المشرِكينَ، وأذِنَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأصحابِه في الهِجرةِ إلى الحَبَشةِ، خرَجَ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه مُهاجِرًا إلى الحَبَشةِ؛ لِيَلحَقَ بمَنَ سَبَقَه مِنَ المسلِمينَ، فَسارَ حتَّى إذا بَلغَ بَرْكَ الغِمادِ -وهو مَوْضِعٌ وَراءَ مكَّةَ بِخَمْسِ ليالٍ (140 كم)- لَقِيَه ابنُ الدَّغِنَةِ، وهو سيِّدُ القارَةِ، وهي قَبيلةٌ مَشهورةٌ مِن بَني الهُونِ، فقال: أينَ تُريدُ يا أبا بَكرٍ؟ فقال أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: أَخرَجَني قَومِي، أي: تَسبَّبوا في إخْراجي، فأنا أُريدُ أنْ أَسيرَ في الأرضِ، فَأَعبُدَ رَبِّي، فقالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: إنَّ مِثلَكَ لا يَخرُجُ مِن تِلقاءِ نفْسِه، ولا يُخرِجُه أحدٌ؛ فإنَّك تَكِسبُ المَعدومَ، أي: تُعِينُ الفقيرَ وذا الحاجةِ، وتَصِلُ الرَّحِمَ مِن القَرابةِ، وتَحمِلُ الكَلَّ، والمُرادُ: كَفالةُ اليَتيمِ والعاجِزِ، وتَقْرِي الضَّيفَ، فتُهيِّئُ له طَعامَه ونُزُلَه، وتُعِينُ على نَوائبِ الحقِّ في حَوادثِه ومَصائبِه، وأنا مُجيرٌ لك ومُؤمِّنُك مِمَّنْ تَخافُهم، فارجِعْ فَاعبُدْ رَبَّكَ ببِلادِك، فَارتَحَلَ ابنُ الدَّغِنَةِ فَرجَعَ مع أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فَذهَبَ ابنُ الدَّغِنَةِ إلى أشرافِ كفَّارِ قُريشٍ وَساداتِهم، ونَصَحَهم بعدَمِ إخراجِ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه مِن مكَّةَ؛ لِما فيه مِن الصِّفاتِ والأخلاقِ التي تَقدَّمَ ذِكرُها، فَأنْفَذَتْ قُريشٌ جِوارَ ابنِ الدَّغِنَةِ وأَمضَوْه ورَضُوا به، وجَعلُوا أبا بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه في أمانٍ مِن شَرِّهم، وقالوا لابنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أبا بَكرٍ فَلْيَعبُدْ رَبَّه في دارِه، ولْيُصلِّ ولْيَقرَأْ ما شاءَ ولا يُؤذِينا بذلك؛ إشارةً إلى ما ذُكِرَ مِنَ الصَّلاةِ والقراءةِ، ولا يَجهَرْ به؛ فإنَّا قد خَشِينا أنْ يَفتِنَ أبناءَنا ونِساءَنا، فيُخرِجَهم مِن دِينِهم إلى دِينِه، فأبْلَغَ ابنُ الدَّغِنَةِ بالَّذي شَرَطَه كَفَّارُ قُريشٍ لأبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فوافَقَ عليه، وَجَعَلَ يَعبُدُ ربَّه في دارِه ولا يَستعْلِنُ بالصَّلاةِ ولا القِراءةِ في غيرِ دارِه، ثُمَّ ظَهَرَ لأبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه رأْيٌ في أمْرِه بِخلافِ ما كان يَفعَلُه، فَبنى مَسجِدًا بِفِناءِ دارهِ، وما امتَدَّ مِن جَوانبِها، وهو أوَّلُ مَسجدٍ بُنِيَ في الإسلامِ، وظَهَرَ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فكان يُصلِّي فيه ويَقرَأُ القرآنَ، فَيَتقصَّفُ عليه نِساءُ المشرِكينَ وأبناؤُهم، أي: يَزدَحمون ويَنظُرون إليه، وكان أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه رَجلًا كَثيرَ البُكاءِ، لا يَملِكُ إمساكَ عَينَيْه عَنِ البكاءِ مِن رِقَّةِ قَلبِه، وذلك حِين يَقرَأُ القرآنَ، فَأَخافَ ذلك أشرافَ قُريشٍ مِنَ المشركينَ؛ لِمَا يَعلَمونَ مِن رِقَّةِ قُلوبِ النِّساءِ والشَّبابِ أنْ يَميلوا إلى دِينِ الإسلامِ، فأرْسَلوا إلى ابنِ الدَّغِنَةِ، فَقدِمَ عليهم، فقالوا له: إنَّا كنَّا أمَّنَّا أبا بَكرٍ على أنْ يَعبُدَ ربَّه في دارِه، وإنَّه جاوَزَ ذلك، فَبنَى مَسجدًا بِفِناءِ دارِه وأَعلنَ الصَّلاةَ والقراءةَ، وقدْ خَشِينا أنْ يَفتِنَ أبناءَنا ونِساءَنا، فَائْتِه؛ فَإنْ أَحبَّ أنْ يَقتصِرَ على أنْ يَعبُدَ ربَّه في دارِه فَعَلَ، وإنِ امْتنَعَ إلَّا أنْ يُعلِنَ ذلك، فاطلُبْ منه أنْ يَرُدَّ إليك ذِمَّتكَ وعهْدَك له؛ فإنَّا كَرِهْنا أنْ نُخْفِرَك، أي: نَنقُضَ عَهْدَك وجِوارَك، ولسْنا مُقِرِّينَ لأبي بَكرٍ أنْ يُعلِنَ ما يَفعَلُه مِن العِبادةِ وقِراءةِ القرآنِ، ولا نَسكُتُ على الإنكارِ عليه؛ خَوفًا على نِسائِنا وأبنائِنا، فَأتى ابنُ الدَّغِنَةِ أبا بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه فقال له: قد عَلمْتَ الَّذي عَقَدْتُ لك عليه مع قُريشٍ، فإمَّا أنْ تَقتَصِرَ على الَّذي شَرَطوه، وإمَّا أنْ تُردَّ إلَيَّ ذِمَّتي وعَهْدي؛ فإنِّي لا أُحِبُّ أنْ تَسمَعَ العرَبُ أنِّي غُدِرَ بي في رَجلٍ عَقدْتُ له عَهْدًا، قال أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضيَ اللهُ عنه: إِنِّي أَردُّ إليكَ جِوارَك وأرْضَى بجِوارِ اللهِ، أي: أكونُ في أمانِه وحِمايتِه، وفي هذا قوَّةُ يَقينِ الصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عنه.
وقد كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومئذٍ بِمكَّةَ، فأخْبَرَ المسلِمين أنَّه قدْ رَأى في مَنامِه -ورُؤيا الأنبياءِ حقٌّ ووَحْيٌ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ- مَكانَ هِجرتِهم، ويَقصِدُ بذلك المدينةَ، ومِن عَلاماتِها: أنَّ أرْضَها سَبْخةٌ، أي: تَعْلُوها المُلوحةُ ولا تَكادُ تُنبِتُ إلَّا بعضَ الشَّجرِ، ذاتَ نَخلٍ، بيْن لابَتَينِ: تَثْنيةُ لابَةٍ، وهي الحَرَّةُ، وهي أرضٌ بها حِجارةٌ سُودٌ، فهاجَرَ مَن هاجَرَ مِنَ المسلِمينَ قِبَلَ المدينةِ حِين ذكَرَ ذلك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ورجَعَ إلى المدينةِ بعضُ مَن كان هاجَرَ إلى أرضِ الحَبشةِ، وتَجهَّزَ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه طالبًا الهِجرةَ مِن مكَّةَ، فقالَ له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: على مَهَلِك مِن غَيرِ عَجلةٍ؛ فَإِنِّي أرْجو أنْ يَأذنَ اللهُ لي في الهجرةِ، فقالَ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: هلْ تَرجو ذلك بأبي أنتَ؟ أي: مَفْدِيٌّ أنتَ بأبي، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ أرْجو ذلك، فَحَبَسَ أبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه نفْسَه ولمْ يُهاجِرْ مع مَن هاجَرَ؛ لِيَكونَ صاحبًا لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الهجرةِ، وقد كان ما راجاهُ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، وكانت عندَه رَاحلتَانِ -ناقتانِ-، فعَلَفَهما وَرَقَ السَّمُرِ -وهو الورَقُ السَّاقطُ مِن الأشجارِ- أربعةَ أشهُرٍ؛ لتَتقوَّى على السَّفرِ؛ لأنَّه ورَقٌ يَحسُنُ به عَلْفُ الدَّوابِّ.
وفي الحديثِ: فَضيلةٌ ظاهرةٌ لأبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، وأنَّه كان أشبَهَ النَّاسِ أَخلاقًا برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: ما كان عليه العرَبُ المُشرِكون مِن حِفظِ العَهدِ والجِوارِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ الهِجرةِ مِن أرضِ الكُفْرِ إلى حيث يَأمَنُ المسلمُ على دِينِه.