الموسوعة الحديثية


- عن زيدِ بنِ أسلمَ عن أبيه قال أرسلني عمرُ إلى ابنِه عبدِ الرحمنِ أدعوهُ فلما جاءَه قال له عمرُ : يا أبا عيسى ، قال : يا أميرَ المؤمنين اكْتَنَى بها المغيرةُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ
الراوي : أسلم مولى عمر بن الخطاب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الإصابة في تمييز الصحابة | الصفحة أو الرقم : 2/413 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أورده ابن السكن في ((الصحابة)) كما في ((الإصابة)) لابن حجر (4/339)

أنَّ عمرَ بنِ الخطابِ ضرب ابنًا له، تكنَّى : أبا عيسى . وأنَّ المغيرةَ بنَ شعبةَ تكنَّى ب : أبي عيسى، فقال له عمرُ : أما يكفيك أن تكنَّى ب : أبي عبدِ اللهِ ؟ فقال : إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كنَّاني ! فقال : إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأنا في جلحتِنا، فلم يزل يُكنَّى ب : أبي عبدِ اللهِ حتى هلكَ
الراوي : أسلم الحبشي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4963 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح

كان عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه حَريصًا أشدَّ الحِرصِ على الدِّين والتَّوحيدِ، كثيرَ التفكُّرِ في أحوالِ المسلِمين، وكان قَلبه مرآةً للحَقِّ، وعَقلُه مستنيرًا بنُورِ البَصيرةِ، ومُوفَّقًا مِن اللهِ تعالى إلى الحقِّ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أسلمُ مولى عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ عمَرَ بنَ الخطَّابِ ضرَب ابنًا له تكَنَّى أبا عيسى"، أي: أصبحَت له كُنْيَةٌ يُنادونَه بها، فكَرِه عمرُ رضِيَ اللهُ عنه تلك الكُنيَةَ؛ من أجْلِ ألَّا يُتوهَّمَ أبٌ لعيسى ابنِ مريمَ عليهِ السَّلامُ؛ رعايةً لجَنابِ التَّوحيدِ.
وكذلك كان الصَّحابيُّ المُغيرةُ بنُ شُعْبةَ رضِيَ اللهُ عنه يتكَنَّى بأبي عيسى، فقال عُمرُ للمُغيرةِ رضِيَ اللهُ عنهما: "أمَا يَكفيكَ أنْ تُكنَّى بأبي عبدِ اللهِ؟!" أي: يُنكِرُ عليه عمرُ تَكنِّيَه بأبي عيسى، خاصَّةً وأنَّ له كُنيةً أخرى، فقال المغيرةُ رضِيَ اللهُ عنه: "إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كنَّاني"، أي: نسَب المغيرةُ الفِعلَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يَنسُبْه لنَفْسِه؛ حُجَّةً على عُمرَ، فقال عمرُ رضي الله عنه: "إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قد غُفِر له ما تَقَدَّمَ من ذنبِهِ وما تأخَّرَ"، أي: ونحن لسْنا كرَسولِ اللهِ؛ فعدَّ عمرُ ما فَعلَه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فِعلًا خاصًّا به وبعَهدِه ولا يَحِقُّ لأحدٍ أن يُعمِّمَه ويُطلِقَه بعدَ زمَنِ النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلام.
"وإنَّا في جَلْجَتِنا"، أي: نحن وأمثالُنا في النَّاسِ لا نَدري ما يُفعَلُ بِنا.
قال أسلمُ: "فلَمْ يَزلْ"، أي: المغيرةُ بنُ شُعبةَ، "يُكنَّى بأبي عبدِ اللهِ"، أي: إنَّه أقرَّ بما قالَه عُمرَ واستجابَ له وامتنَعَ عن أنْ يُكنَّى بأبي عِيسى، "حتَّى هلَك" أي: ماتَ، رضِيَ اللهُ عنهم جميعًا.
وفي الحديثِ: بيانُ ما كان عليه الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم مِن الرُّجوعِ إلى الحقِّ إذا بلَغَهم.