الموسوعة الحديثية


- لولا أنَّ الكلابَ أمةٌ منَ الأمَمِ لَأَمَرْتُ بقتْلِ كلِّ أسودَ بهيمٍ فاقْتُلُوا الْمُعِينَةَ من الكلابِ فإِنَّها الملعونَةُ مِنَ الجنَّةِ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 4-46 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن

لولا أن الكلابَ أمةٌ من الأممِ لأمرتُ بقتلِها ، فاقتلوا منها الأسودَ البهيمَ، وأيُّما قومٍ اتخذوا كلبًا ليس بكلبِ حرثٍ ، أو صيدٍ ، أو ماشيةٍ ، فإنه ينقصُ من أجرهِ كلَّ يومٍ قيراطٌ.
الراوي : عبدالله بن مغفل | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 4291 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه أبو داود (2845) مختصراً، والترمذي (1489)، والنسائي (4280) واللفظ له، وابن ماجه (3205)، وأحمد (16788)


لقد نظَّم الشَّرعُ المطهرُ أحكامَ كلِّ شيءٍ، حتَّى الحيواناتِ، ومن ذلِك الكِلابُ، حيث ورَد في الشَّرعِ ما يُنظِّمُ الانتفاعَ بها، ويُبيِّنُ أحكامَ الحَلالِ والحرامِ ممَّا يرتبطُ بها.
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ عبدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "لولا أنَّ الكِلابَ أُمَّةٌ من الأُممِ"، أي: أُمَّةٌ خُلِقت لمنافِعَ، أو أُمَّةٌ تُسبِّحُ كما في قولِه تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}، الآيةَ [الأنعام: 38]، أي: أمثالُكُم في كَونِها دالَّةً على الصَّانعِ، وَمُسبِّحَةً له، كما قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44]. "لأمرتُ بقَتلِها"، أي: لأمضيتُ الأمرَ في قَتْلِها؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان قد أمَر بقَتلِ الكلابِ كلِّها، ثم نُسِخَ هذا الأمرُ وحُدِّدَ بما جاءَ هنا، فقال: "فاقتِلوا منها الأسودَ البَهيمَ"؛ وذلك لأنَّه شيطانٌ كما في حديثِ جابرٍ عند مُسلمٍ، وجُعِل الكلبُ الأسودُ البهيمُ شَيطانًا لخُبثِه؛ فإنَّه أضرُّ الكلابِ وأعقرُها.
ومعنى ذلك: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كرِهَ إفناءَ أُمَّةٍ من الأُممِ وإعدامَ جِيلٍ من الخلقِ حتَّى يأتيَ عليه كلِّه فلا يُبقي منه باقيةً؛ لأنَّه ما مِن خَلقٍ للهِ تعالى إلَّا وفيه نوعٌ من الحِكمةِ، وضَرْبٌ من المصلحةِ، ولكنَّه أمرَ بقَتلِ شِرارِهنَّ وهي السُّودُ البُهمُ، وأبقَى ما سِواها للمَنفعةِ بها في الحِراسةِ والصَّيدِ ونحوِ ذلك.
وقيل: إنَّما أمر بقَتلِها في أوَّلِ الأمرِ؛ لأنَّ القومَ أَلِفوها، وكانتْ تُخالِطُهم في أوانيهم، فأراد فِطامَهم عن ذلك فأمَر بالقتلِ، فلمَّا استقرَّ في نُفوسِهم تَنجيسُها وإبعادُها نهى عن ذلك، فصار النَّهيُ ناسخًا لذلك الأمرِ، فنَهى صلَّى الله عليه وسلَّم عن قَتْلِ جَميعِ الكِلابِ حتَّى الأسودِ البَهيمِ، إلَّا ما يكونُ منه ضَرَرٌ واعتداءٌ، كالكلبِ العقورِ، كما في الصَّحيحَينِ من حديثِ عائشةَ رضي اللهُ عنها: "خمسٌ منَ الدَّوابِّ، كُلُّهنَّ فاسقٌ، يَقتلُهنَّ في الحرمِ: الغُرابُ، والحِدَأةُ، والعقربُ، والفأرةُ، والكلبُ العقورُ".
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وأيُّما قومٍ اتَّخذوا كلبًا ليس بكَلبِ حَرْثٍ"، أي: لحِراسةِ الزَّرعِ، "أو صَيدٍ، أو ماشيةٍ، فإنَّه يَنقُص مِن أجرِه كلَّ يومٍ قيراطٌ"، فَرَخَّص فقط في كَلبِ الزَّرعِ والصَّيدِ والغَنمِ والماشيةِ، وفي اقتنائِهما، وما عدا ذلك فإنَّه مَنهيٌّ عنه، ويَنقُصُ من أُجورِ أعمالِهم قِيراطٌ، وهو قَدرٌ مَحدودٌ عِندَ اللهِ من الأجرِ، وقد جاء تفسيرُه في بابِ الجنائزِ بجبلِ أُحُدٍ؛ فيَحتِملُ أنَّه بعَينِه مُعتبَرٌ في هذا البابِ أيضًا، ويَحتمِلُ غيرَ ذلك.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن قَتْلِ الكلابِ إلَّا ما خَصَّه الشَّرعُ كالكَلبِ العقورِ.
وفيه: النَّهيُ عن اقتِناءِ الكلابِ إلَّا كلبَ حِراسةٍ أو صيدٍ.