الموسوعة الحديثية


- قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخطَبَ فذكَرَ أنَّ الإيمانَ باللهِ، والجهادَ في سَبيلِ اللهِ مِن أفضَلِ الأعمالِ عندَ اللهِ؟ قال: فقام رَجُلٌ فقال: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إنْ قُتِلتُ في سَبيلِ اللهِ مُقبِلًا غيرَ مُدبِرٍ كفَّر اللهُ عَنِّي خطايايَ؟ قال: نَعَمْ، إلَّا الدَّيْنَ؛ فإنَّ جِبريلَ سارَّني بذلك.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 4/131 | خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح | التخريج : أخرجه النسائي (3155)، وأحمد (8075) باختلاف يسير

جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ وَهوَ علَى المنبرِ ، فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ! أرأيتَ إن ضربتُ بسيفي في سبيلِ اللَّهِ صابرًا محتَسبًا مقبلًا غيرَ مدبرٍ حتَّى أُقتَلَ ، أيُكَفِّرُ اللَّهُ عنِّي خطايايَ ؟ قالَ : نعَم فلمَّا أدبرَ دعاهُ ، فقالَ : هذا جبريلُ يقولُ : إلَّا أن يَكونَ علَيكَ دَينٌ
الراوي : أبو قتادة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 3158 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه مسلم (1885)، والترمذي (1712)، والنسائي (3158) واللفظ له، وأحمد (22595)


للجهادِ في سبيلِ اللهِ تعالى فَضلٌ عَظيمٌ في الإسلامِ، وللمُجاهدينَ منازلُ رفيعةٌ عندَ اللهِ سُبحانَه وتعالى، ومِن ذلك أنَّ اللهَ تعالى يَغفِرُ لهم خَطايهم إلَّا الدَّينَ؛ لتَعلُّقِه بحُقوقِ العِبادِ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو قتادةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه: "جاء رجُلٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو على المِنبَرِ"، أي: والنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قائمٌ يخطُبُ فيهم، وفي روايةِ مُسلِمٍ: "أنَّه قام فيهم، فذكَرَ لهم أنَّ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ، والإيمانَ باللهِ أفضَلُ الأعمالِ"، فقال الرَّجلُ: "يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إنْ ضرَبْتُ بسَيفي في سَبيلِ اللهِ؟"، يَعني في الخُروجِ والقِتالِ في سَبيلِ اللهِ، "صابرًا"، أي: غيرَ جزِعٍ من أهوالِ القِتالِ، "مُحتسِبًا"، أي: الأجْرَ من اللهِ عَزَّ وجَلَّ غيرَ مُعتبِرٍ لغَنيمةٍ أو غيرِها، "مُقبِلًا غيرَ مُدبِرٍ"، أي: إنَّه يُقدِمُ على القِتالِ ولا يَفِرُّ منه، وقيل: زاد قولَه: غيرَ مُدبِرٍ؛ لبَيانِ كونِ الإقبالِ في جميعِ الأحوالِ؛ إذ قد يُقبِلُ مرَّةً، ويُدبِرُ مرَّةً أُخرى، فيصدُقُ عليه أنَّه مُقبِلٌ، "حتَّى أُقتَلَ"، أي: وأنا على تِلك الحالِ من الإقبالِ على الأعداءِ والإثخانِ فيهم؛ "أيُكفِّرُ اللهُ عنِّي خطاياي؟"، أي: هل يَغفِرُ ويَمْحو ما تقدَّمَ من ذَنْبي؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "نعمْ"، أي: أكَّدَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما قال من الجزاءِ.
قال أبو قَتادةَ: "فلمَّا أدبَرَ"، أي: هَمَّ الرَّجلُ بالانصرافِ وولَّى ظهْرَه، "دعاه"، أي: طلَبَه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليرجِعَ إليه، فقال: "هذا جبريلُ يقول: إلَّا أنْ يكونَ عليك دَينٌ"، أي: إلَّا أنْ يكونَ عليك دَينٌ لآدميٍّ، قيل: فيه تَنبيهٌ على جَميعِ حُقوقِ الآدميِّينَ، وأنَّ الجِهادَ والشَّهادةَ وغيرَهما من أعمالِ البرِّ لا تُكفِّرُ حُقوقَ الآدميِّينَ، وإنَّما تُكفِّرُ حُقوقَ اللهِ تعالى، وهذا تَحذيرٌ شديدٌ من التَّساهُلِ في أمْر الدَّيْنِ، وأنَّه لا يَنْبغي للإنسانِ أنْ يَتساهلَ فيه، ولا يَتديَّنَ إلَّا عندَ الضَّرُورةِ، وأنْ يكونَ في نِيِّتِه التوفيةُ والأداءُ ويَعلَمُ ذلك مِن حالِه.
وفي الحديثِ: أنَّ جبريلَ عليه السَّلامُ كان يَنزِلُ على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالوحيِ بما فيه من قُرآنٍ وسُنَّةٍ، كما قيل في قولِه تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} الآيةَ [الأحزاب: 34]: إنَّ الآياتِ القُرآنُ، والحِكمةَ السُّنَّةُ، وكلٌّ من اللهِ؛ فإنَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا ينطِقُ عنِ الهوى.