الموسوعة الحديثية


-  أنَّ رَجُلًا مِن بَنِي إسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إسْرَائِيلَ بأَنْ يُسْلِفَهُ ألْفَ دِينَارٍ، فَدَفَعَهَا إلَيْهِ، فَخَرَجَ في البَحْرِ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فأخَذَ خَشَبَةً، فَنَقَرَهَا، فأدْخَلَ فِيهَا ألْفَ دِينَارٍ، فَرَمَى بهَا في البَحْرِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الذي كانَ أسْلَفَهُ، فَإِذَا بالخَشَبَةِ، فأخَذَهَا لأهْلِهِ حَطَبًا... فَذَكَرَ الحَدِيثَ، فَلَمَّا نَشَرَهَا وجَدَ المَالَ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1498 | خلاصة حكم المحدث : [معلق وقد وصله في موضع آخر]
مَنِ استَدانَ وهو يَقصِدُ ويَعزِمُ على رَدِّ دَينِه، واستعانَ باللهِ عزَّ وجلَّ في سَدادِ دَينِه؛ يَسَّرَ اللهُ له ما يُؤدِّي منه، وأَرْضَى دَائنَه عنه في الآخِرةِ إنْ لم يَستطعِ الوفاءَ في الدُّنيا، أمَّا مَنِ استدانَ أموالَ الناسِ وفي نِيَّتِه عدَمُ رَدِّها، أذهَبَ اللهُ مالَه في الدُّنْيَا وعاقَبَه على الدَّينِ في الآخِرةِ.
وفي هذا الحديثِ يقُصُّ لنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قِصَّةً عجيبةً ذاتَ عِبرةٍ وعِظَةٍ، عن رجُلٍ مِن بَني إسرائيلَ اقتَرَض ألْفَ دِينارٍ مِن رجُلٍ آخَرَ، وفي مَوضعٍ آخَرَ في صَحيحِ البُخاريِّ: «فقال صاحبُ الدَّينِ: ائْتِني بالشُّهداءِ أُشْهِدْهم. قال: كَفَى باللهِ شَهيدًا. قال: فائْتِني بالكَفيلِ. قال: كَفَى باللهِ كَفيلًا. قال: صَدَقْتَ»، وأعطاهُ الألْفَ دِينارٍ، فلمَّا حلَّ مَوعدُ رَدِّ الدَّينِ، خرَجَ الذي عليه الدَّينُ بالمالِ إلى البحْرِ، فلم يَجِدْ سَفينةً يَركَبُها ويَجِيءُ إلى صاحبِه، أو يَبعَثُ فيها قَضاءَ دَينِه، فوضَعَ المالَ في خَشبةٍ ورَمَى بها في البَحرِ راجيًا وقاصدًا أنْ يُوصِلَها اللهُ عزَّ وجلَّ بقُدرتِه إلى صاحِبِ المالِ، مُستعينًا باللهِ ومُتوكِّلًا عليه، وهذا ما ذَكَره البُخاريُّ في صَحيحِه في الرِّوايةِ الأُخرى، وفيها: «فأَخَذَ خَشبةً فنَقَرَها، فأدْخَلَ فيها ألْفَ دِينارٍ وصَحيفةً منه إلى صاحِبِه، ثمَّ زجَّجَ مَوضِعَها، ثمَّ أتَى بها إلى البحْرِ، فقال: اللَّهُمَّ إنَّك تَعلَمُ أنِّي كُنتُ تَسلَّفْتُ فُلانًا ألْفَ دِينارٍ، فسَأَلَني كَفيلًا، فقُلْتُ: كَفَى باللهِ كَفيلًا، فرَضِيَ بك، وسَأَلَني شَهيدًا، فقُلْتُ: كَفى باللهِ شَهيدًا، فرَضِيَ بك، وأنِّي جَهَدْتُ أنْ أَجِدَ مَركِبًا أبْعَثُ إليه الذي له، فلم أقدِرْ، وإنِّي أسْتَودِعُكَها؛ فرَمَى بها في البحرِ حتَّى وَلَجَتْ فيه»، فخرَجَ المُقرِضُ الذي أسْلَفَه الألْفَ دِينارٍ إلى البحْرِ على الجانب الآخَرِ، فوجَدَ تِلكَ الخَشبةَ! فأخَذها لأهْلِه حَطبًا يَتَّخِذونه وَقودًا يَستدفِئون به، ويَطهُون عليه طَعامَهم، فإذا به وهو يَقطَعُها بالمِنشارِ يَجِدُ المالَ الَّذي أقرَضَه، ومعه صحيفةٌ من صاحبِه مَكتوبٌ فيها رسالةٌ منه تُبيِّنُ ما حصَلَ له، وفي الرِّوايةِ الأُخرى للبُخاريِّ: «فخرَجَ الرجلُ الذي كان أسْلَفَه، يَنظُرُ لعلَّ مَركِبًا قد جاء بمالِه، فإذا بالخَشَبةِ التي فيها المالُ، فأخَذَها لأهْلِه حَطَبًا، فلمَّا نَشَرَها وَجَدَ المالَ والصَّحيفةَ، ثمَّ قَدِمَ الذي كان أسْلَفَه، فأتَى بالألْفِ دِينارٍ، فقال: واللهِ ما زِلتُ جاهدًا في طَلَبِ مَركبٍ لِآتِيَك بمالِك، فما وَجَدْتُ مَركبًا قبْلَ الذي أتَيتُ فيه. قال: هلْ كُنتَ بَعثْتَ إلَيَّ بشَيءٍ؟ قال: أُخبِرُك أنِّي لمْ أجِدْ مَركبًا قبْلَ الذي جِئتُ فيه. قال: فإنَّ اللهَ قد أدَّى عنك الذي بَعَثْتَ في الخَشَبةِ، فانْصَرِفْ بالألْفِ الدِّينارِ راشدًا».
وفي الحديثِ: الحثُّ على حُسنِ أداءِ الدَّينِ، وبَذْلِ الجهْدِ في الوَفاءِ به.
وفيه: فضْلُ التَّوكُّلِ على اللهِ، وحُسنُ جَزاءِ اللهِ للمُتوكِّلينَ عليه سُبحانَه.