الموسوعة الحديثية


- عن أبي أُمامةَ التَّيميِّ قالَ : كنتُ رجلًا أُكرِّي في هذا الوجْهِ وَكانَ ناسٌ يقولونَ لي إنَّهُ ليسَ لَكَ حجٌّ فلقيتُ ابنَ عمرَ فقلتُ يا أبا عبدِ الرَّحمنِ إنِّي رجلٌ أُكرِّي في هذا الوجْهِ وإنَّ ناسًا يقولونَ لي إنَّهُ ليسَ لَكَ حجٌّ فقالَ ابنُ عمرَ أليسَ تُحرِمُ وتلبِّي وتطوفُ بالبيتِ وتفيضُ من عرفاتٍ وترمي الجمارَ قالَ قلتُ بلى قالَ فإنَّ لَكَ حجًّا جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فسألَهُ عن مثلِ ما سألتني عنْهُ فسَكتَ عنْهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فلم يُجبْهُ حتَّى نزلت هذِهِ الآيةُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فأرسلَ إليْهِ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وقرأَ عليْهِ هذِهِ الآيةَ وقالَ لَكَ حجٌّ
الراوي : أبو أمامة التيمي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 1733 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (1733) واللفظ له، والدارقطني (250) مختصراً، والحاكم (1647) باختلاف يسير.
في هذا الحديثِ يقولُ التَّابعيُّ أبو أمامةَ التَّيميُّ: «كُنتُ رَجُلًا أَكْري في هذا الوَجْه»، أي: أُؤَجِّرُ دابَّتي في سَفَر الحَجِّ، «وكان ناسٌ يقولون لي: إنَّه ليسَ لك حَجٌّ»؛ لتوهُّمِ عدَمِ وجودِ النِّيَّةِ الخالِصة للحَجِّ؛ لأنَّه حيثُ اشتغَلَ بالكِراءِ فإنَّ سَيرَه لأجْلِ دابَّتِه لا لأعْمالِ الحَجِّ. قال أبو أُمامةَ: «فلَقيتُ ابنَ عُمرَ فَقلتُ: يا أبا عبدِ الرَّحمن، إني رَجلٌ أكْري في هذا الوَجهِ وإنَّ ناسًا يقولون لي إنَّه ليس لك حَجٌّ، فقال ابنُ عُمرَ: أليسَ تُحرِمُ وتُلَبِّي، وتَطوفُ بالبَيتِ، وتُفيضُ مِن عَرفاتٍ، وتَرمي الجِمارَ؟»؛ والمعنى: ألستَ تُؤدي أعْمالَ الحَجِّ مع كِرائك لِدابَّتك؟ قال أبو أمامةَ: «قلتُ: بَلى»، أي: أعْملُ أعْمالَ الحَجِّ في مواطِنِها، قال ابنُ عُمر رضِيَ اللهُ عنهما: «فإنَّ لك حَجًّا»، أي: إنَّ كِراءك لِدابَّتك مع أدائك لأعْمالِ الحَجِّ لا يُخِلُّ بِحجِّك، ثُمَّ ذكر له الدَّليلَ، فقال رضِيَ اللهُ عنه: «جاءَ رَجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسألَه عن مِثلِ ما سَألتَني عنه، فسكتَ عنه رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلم يُجِبْه، حتى نَزلتْ هذه الآيةُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]»؛ فهذه الآيةُ أحَلَّتْ لهم طَلبَ فَضلِ اللهِ من الرِّزقِ والتِّجارة في المواسِم، وكانوا لا يَبيعونَ ولا يَبتاعونَ بِعَرفةَ ولا بِمِنًى في الجاهِليَّة، وطلبُ الرِّزقِ بالكَسبِ أعَمُّ من أنْ يكون بِطَريقِ الكِراء أو بِطَريق التِّجارة، «فأرسَلَ إليه رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقرأَ عليه هذه الآيةَ، وقال: لك حَجٌّ».
وفي الحديث: مَشروعِيَّةُ الاشتِغالِ بالكَسبِ مع الحَجِّ.
وفيه: تَيسيرُ الإسلامِ على النَّاس في أمورِ العِبادات بما لا يوقِعُهم في الحَرجِ.
وفيه: بيانُ عِلمِ ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما وِفِقهِه بالقُرآنِ والسُّنةِ( ).