الموسوعة الحديثية


-  عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهمَا قالَ: كانَ أهْلُ اليَمَنِ يَحُجُّونَ ولَا يَتَزَوَّدُونَ، ويقولونَ: نَحْنُ المُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1523 | خلاصة حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال : رواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة مرسلاً. | التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
لقدْ ربَّى الإسلامُ المسلِمَ على التَّوكُّلِ على اللهِ عزَّ وجلَّ، وتَعليقِ القلْبِ به سُبحانَه وحْدَه؛ فلنْ يَقَعَ شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ إلَّا بقَضائِه وقَدَرِه سُبحانه، إلَّا أنَّ الفَهمَ الصَّحيحَ للتَّوكُّلِ لا يُنافي الأخْذَ بالأسبابِ وتَحصيلَها، بلْ يُحتِّمُ ذلك على المسلمِ ويُوجِبُه.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ عَبدُ اللهِ بنُ عبَّاس رَضيَ اللهُ عنهما سَببَ نُزولِ قولِه تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، وهو أنَّ أهلَ اليَمنِ كانوا يَحُجُّونَ ولا يَحمِلون معهم طَعامًا وشَرابًا يَكْفيهم في حَجِّهم، ويَقولون: نحنُ المُتوكِّلونَ على اللهِ، فإذا جاؤوا مَكَّةَ طَلَبوا مِن النَّاسِ الطَّعامَ والشَّرابَ، فكانوا مُتواكِلينَ لا مُتوكِّلينَ؛ إذ التَّوكُّلُ هو قَطْعُ النَّظرِ عن الأسبابِ مع تَهيِئةِ الأسبابِ. فأنْزَلَ اللهُ تعالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]، والمعنى: واستَعينوا على أداءِ الحجِّ بأخْذِ ما تَحتاجون إليه مِن طَعامٍ وشَرابٍ، واعْلَموا أنَّ خَيرَ ما تَستَعينون به في كلِّ شُؤونِكم هو تَقْوى اللهِ تعالَى.
وفي الحديثِ: أنَّ تَرْكَ سُؤالِ النَّاسِ مِن التَّقوى.
وفيه: أنَّ التَّوكُّلَ لا يكونُ مع السُّؤالِ؛ وإنَّما التَّوكُّلُ على اللهِ تعالَى ألَّا يَستعينَ بأحَدٍ في شَيءٍ.
وفيه: زَجرٌ عن التَّكَفُّفِ والطَّلبِ مِن الناسِ، وتَرغيبٌ في التَّعفُّفِ.