الموسوعة الحديثية


- يأخذُ الجبَّارُ سماواتِهِ ، وأرضيهِ بيدِهِ ، وقبضَ يدَهُ فجعلَ يقبضُها ، ويبسطُها ، ثمَّ يقولُ : أنا الجبَّارُ ، أنا الملِكُ ، أينَ الجبَّارونَ ؟ أينَ المتَكَبِّرونَ ؟ قالَ : ويتمايلُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، عن يمينِهِ ، وعن شمالِهِ ، حتَّى نظرتُ إلى المنبرِ يتحرَّكُ مِن أسفلِ شيءٍ منهُ ، حتَّى إنِّي لأقولُ : أساقطٌ هوَ برسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 3468 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (7412)، ومسلم (2788)، وأبو داود (4732) مختصراً بنحوه، وابن ماجه (4275) واللفظ له
أخبَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أوصافِ السَّاعةِ وما يكونُ فيها، ومِن ذلك ما ذُكِرَ في القُرآنِ مِن قبْضِ السَّمواتِ والأرضِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "سمِعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو على المِنْبرِ، يقولُ: يأخُذُ الجَبَّارُ"، أي: اللهُ عَزَّ وجَلَّ، والجبَّارُ اسمٌ من أسمائِه سُبحانه وتَعالى، "سمواتِه وأرضيه بيَدِه- وقبَضَ بيَدِه، فجعَلَ يقبِضُها، ويبسُطُها-"، أي: وجعَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقبِضُ يَدَهُ ويبسُطُها، وهذا يُوافِقُ قولَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون} [الزمر: 67]؛ فالسَّمواتُ والأرضُ في يَدِ اللهِ سُبحانَه وفي قَبْضتِه، لا يفوتُه منها شَيءٌ، ولا يَخْفى عن علْمِه منها شَيءٌ، ولا يَعزُبُ عن قُدرتِه منها قليلٌ ولا كثيرٌ، "ثمَّ يقولُ"، أي: اللهُ عَزَّ وجَلَّ: "أنا الجبَّارُ، أنا الملِكُ، أين الجبَّارونَ؟"، أي: الَّذين كانوا يتسلَّطونَ على العِبادِ، ويتجبَّرونَ عليهم في الدُّنيا ظُلمًا وعُدوانًا، "أين المُتكبِّرونَ؟"، أي: بمالِهم وجاهِهم، لقد جِئْتُمونا فُرادى كما خلَقْناكم أوَّلَ مرَّةٍ؛ حُفاةً عُراةً غُرْلًا.
قال ابنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "ويتمايَلُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن يَمينِه وعن شِمالِه"، أي: مِن شِدَّةِ هَيبتِه، وعَظَمتِه، "حتَّى نَظرْتُ إلى المِنْبرِ يتحرَّكُ من أسفَلِ شَيءٍ منه"، أي: مِن أسفَلِه إلى أعلاه؛ لأنَّ بحركةِ الأسفَلِ يتحرَّكُ الأعلى، ويَحْتَمِلُ أنَّ تحرُّكَه بحَركةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذه الإشارةِ، "حتَّى إنِّي لأقولُ: أساقِطٌ هو برَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: مِن شِدَّةِ الحركةِ والاهتزازِ.
وما ورَدَ في هذا الحديثِ مِن صِفاتٍ للمَولى عَزَّ وجَلَّ: اليدُ، والقبْضُ، والبسطُ، فإنَّ مذهبَ أهلِ السُّنَّةِ: أنْ تُثبَتَ للهِ عَزَّ وجَلَّ على الوجْهِ الَّذي أثبَتَها هو لنفْسِه سُبحانَه، دونَ تَكييفٍ أو تَعطيلٍ، أو تحريفٍ أو تأويلٍ، كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
وفي الحديثِ: بيانُ قُدرةِ اللهِ المُطلقَةِ في تَسخيرِ الكونِ لقُوَّتِه.
وفيه: إثباتُ صِفاتِ اللهِ سُبحانَه من اليدِ والقَبْضِ والبَسْطِ كيفما شاء اللهُ.
وفيه: التَّحذيرُ من التَّجبُّرِ والتَّكبُّرِ.