الموسوعة الحديثية


- خرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ على أَصحابِهِ، فقرأَ عليهم سورةَ الرَّحمنِ من أوَّلِها إلى آخرِها فسَكَتوا فقالَ: لقد قرأتُها على الجنِّ ليلةَ الجنِّ فَكانوا أحسَنَ مردودًا منكم، كنتُ كلَّما أتيتُ على قولِهِ فَبِأيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ قالوا: لا بشَيءٍ من نِعَمِكَ ربَّنا نُكَذِّبُ فلَكَ الحمدُ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 3291 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه الترمذي (3291) واللفظ له، وابن أبي الدنيا في ((الشكر)) (69)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (4417)
دَعوةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ورِسالتُه عامَّةٌ للجنِّ والإنسِ، وقد آمَنَ نَفرٌ مِن الجِنِّ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وقرَأَ عليهم القُرآنَ، كما ذَكَر اللهُ تعالَى ذلِك.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنهما: "خرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على أصحابِه، فقرَأ" النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "علَيهم"، أي: على أصحابِه، "سورةَ الرَّحمنِ" كامِلةً، "فسكَتوا" وأنصَتوا، أي: الصَّحابةُ، فلم يُجيبوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بشيءٍ، "فقال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأصحابِه الَّذين قرَأ عليهم السُّورةَ: "لقد قرَأتُها"، أي: سورةَ الرَّحمنِ، "على الجِنِّ" الَّذين جاؤوا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مُسلِمين، "ليلةَ الجِنِّ"، أي: ليلةَ اجتِماعِهم بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فكانوا"، أي: الجنُّ، "أحسَنَ مَردودًا"، أي: أحسَنَ ردًّا وجَوابًا، "مِنْكم"، أي: مِن صَحابةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ "كنتُ" في تِلك اللَّيلةِ، حينَ قرَأتُ عليهم سورةَ الرَّحمنِ، "كلَّما أتَيتُ على قولِه"، أي: قرَأتُ قولَ اللهِ عزَّ وجلَّ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13]، أي: فبأيِّ نِعَمِ اللهِ الدِّينيَّةِ والدُّنيَويَّةِ تُكذِّبان يا مَعشَرَ الجنِّ ويا مَعشَرَ الإنسِ، وتَجحَدون نِعَمَه بِتَركِ شُكرِه، وتكذيبِ رُسلِه، وعِصْيانِ أمرِه، وهذا يدُلُّ على أنَّه يُوجَدُ مُكذِّبون في الإنسِ والجنِّ، "قالوا"، أي: الجنُّ مُجيبين للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وعلى هذه الآياتِ: "لا بشيءٍ مِن نِعَمِك ربَّنا نُكذِّبُ"، أي: لا نُكذِّبُ بشيءٍ مِن نِعَمِك يا ربِّ الظَّاهرةِ والباطنةِ ما عَلِمْنا منها وما لم نَعلَمْ وما أنت به أعلَمُ، وكان نَفيُهم التَّكذيبَ عن أنفُسِهم باللَّفظِ أيضًا أدلَّ على الإجابةِ، وقَبولِ ما جاء به الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن سُكوتِ الصَّحابةِ أجمَعين، "فلك الحَمدُ"، ولك الشُّكرُ على جَميعِ هذه النِّعَمِ؛ نِعَمُ اللهِ تعالى على عِبادِه كَثيرةٌ، لا يَستطيعُ أحدٌ أن يَعُدَّها أو يُحصِيَها، وأعظَمُ هذه النِّعمِ نِعمةُ الإسلامِ ونِعمةُ الإيمانِ ونِعمةُ القرآنِ؛ فيَنبَغي على العبدِ أن يَشكُرَ اللهَ تعالى ويَحمَدَه على هذِه النِّعَمِ صباحَ مساءٍ؛ لأنَّه سُبحانَه هو المتفضِّلُ بها على الخَلْقِ.
وفي الحَديثِ: ثُبوتُ الصُّحبةِ للجِنِّ كما ثبتَتْ للإنسِ.
وفيه: أنَّ على العبدِ أنْ يَحمَدَ اللهَ تعالى ويَشكُرَه على النِّعمِ.