الموسوعة الحديثية


- قالَ ناسٌ من أصحابِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يا رسولَ اللَّهِ مَن هؤلاءِ الَّذينَ ذَكرَ اللَّهُ إن تولَّينا استُبدِلوا بنا ثمَّ لا يَكونوا أمثالنا قالَ وَكانَ سلمانُ بجنبِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قالَ فضربَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فخِذَ سلمانَ وقالَ هذا وأصحابُهُ والَّذي نفسي بيدِهِ لو كانَ الإيمانُ منوطًا بالثُّريَّا لتناولَهُ رجالٌ من فارسَ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 3261 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الترمذي (3261) واللفظ له، وأخرجه البخاري (4897)، ومسلم (2546) باختلاف يسير
مَن امتَثَل طاعةَ اللهِ ونُصرةَ دِينِه ورَسولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فازَ ورَبِحَ، ومَن لم يَفعَلْ ذلك وتولَّى فإنَّ اللهَ يَستبدِلُ به مَن هو خيرٌ منه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عَنه: قال ناسٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا رسولَ اللهِ، مَن هؤلاء الَّذين ذكَر اللهُ"، أي: في قولِ اللهِ تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [محمد: 38]، أي: إن تتَولَّوْا عن طاعتِه يَستبدِلْ بكم مَن يكونُ مُطيعًا له عزَّ وجلَّ، "إن توَلَّيْنا"، أي: إنْ نحن قصَّرنا وخالَفْنا وأعرَضْنا عن طاعةِ اللهِ وطاعةِ نبيِّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "استُبدِلوا بِنا"، أي: يأتي اللهُ بقومٍ آخَرين يَنصُرون دينَه ويُعظِّمونه، "ثمَّ لا يَكونوا أمثالَنا"، أي: يَكونوا خيرًا منَّا، قال أبو هُريرةَ: "وكان سَلْمانُ" الفارسيُّ "بجَنبِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: كان قَريبًا مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، قال أبو هُريرةَ: فضرَب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فَخِذَ سَلْمانَ، ومرادُ ضربِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم هو الإشارةُ له والالتفاتُ إليه، وقال: "هذا وأصحابُه"، إشارةً إلى سَلْمانَ رضِيَ اللهُ عَنه وقومِه، ثمَّ حلَف النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال: "والَّذي نفْسي بيدِه"، أي: أُقسِمُ بالَّذي حَياتي ورُوحي بيَدِه ؛ وذلك لأنَّ اللهَ هو الَّذي يَملِكُ الأنفُسَ، وكثيرًا ما كان يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بهذا القسَمِ، "لو كان الإيمانُ مَنوطًا"، أي: مُعلَّقًا "بالثُّريَّا"، والثُّريَّا: اسمٌ لِمَجموعةٍ مِن النُّجومِ كانوا يَعرِفونها، "لَتَناوَله رجالٌ مِن فارِسَ"، أي: أخَذه وحصَّله رِجالٌ مِن فارسَ، وهذا إشارةٌ إلى حِرصِهم وشدَّةِ ما يَبذُلونه لخِدْمةِ هذا الدِّينِ.
قيل: إنَّ هذا الخِطَابَ والوعيدَ وإنْ كان للصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عَنهم إلَّا أنَّه يُرادُ به غيرُهم ممَّن سيَخلُفُهم ويأتي بعدَهم ممَّن قد يَجوزُ تَولِّيه عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فيَكونُ بتَولِّيه عنه مِن أهلِ ذلك الوعيدِ، ويكونُ حَرِيًّا بوُقوعِه به؛ لأنَّ الصَّحابةَ رضِيَ اللهُ عَنهم هم خِيرتُه لنَبيِّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وقد أُعِدَّ لهم ما أُعِدَّ في الآخرةِ، مِن كَرامتِه ورِضْوانِه بما لا يكونُ مِنهم معَه في الدُّنيا التَّولِّي عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفي الحديثِ: فضلُ سَلْمانَ الفارسيِّ رضِيَ اللهُ عَنه وأصحابِه المُؤمنِينَ مِن قَومِه.