الموسوعة الحديثية


- أَتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رجلٌ مُنْصَرَفَهُ من أُحُدٍ فقال يا رسولَ اللهِ إنِّي رأيْتُ في المنامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ سَمْنًا وعسلًا ورأيْتُ الناسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْها فَالمُسْتَكْثِرُ والمُسْتَقِلُّ ورأيْتُ سَبَبًا واصِلًا إلى السَّماءِ رأيْتُكَ أَخَذْتَ بهِ فعلَوْتَ بهِ ثُمَّ أَخَذَ بهِ رجلٌ بعدَكَ فَعَلا بهِ ثُمَّ أخذ بهِ رجل بعدَه فعلا بهِ ثُمَّ أَخَذَ بهِ رجلٌ بعدَهُ فَانْقَطَعَ بهِ ثُمَّ وُصِلَ لهُ فَعَلا بهِ فقال أبو بكرٍ دَعْنِي أَعْبُرُها يا رسولَ اللهِ قال اعْبُرْها قال أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإسلامُ وأَمَّا ما يَنْطُفُ مِنْها مِنَ العَسَلِ والسَّمْنِ فهوَ القرآنُ حَلاوَتُهُ ولِينُهُ وأَمَّا ما يَتَكَفَّفُ مِنْهُ الناسُ فَالآخِذُ مِنَ القرآنِ كَثِيرًا وقَلِيلًا وأَمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ إلى السَّماءِ فما أنتَ عليهِ مِنَ الحَقِّ أَخَذْتَ بهِ فَعَلا بِكَ ثُمَّ يَأْخُذُهُ رجلٌ من بَعْدِكَ فَيَعْلو بهِ ثُمَّ آخَرُ فَيَعْلو بهِ ثُمَّ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بهِ ثُمَّ يُوَصَّلُ لهُ فَيَعْلو بهِ قال أَصَبْتَ بَعْضًا وأَخْطَأْتَ بَعْضًا قال أبو بكرٍ أَقْسَمْتُ عليكَ يا رسولَ اللهِ لَتُخْبِرَنِّي بِالذي أَصَبْتُ مِنَ الذي أَخْطَأْتُ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا تُقْسِمْ يا أبا بكرٍ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 3179 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه ابن ماجه (3918) واللفظ له، وأخرجه البخاري (7046)، ومسلم (2269) باختلاف يسير

 أنَّ رَجُلًا أتَى رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: إنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ في المَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ والعَسَلَ، فأرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ منها، فَالْمُسْتَكْثِرُ والمُسْتَقِلُّ، وإذَا سَبَبٌ واصِلٌ مِنَ الأرْضِ إلى السَّمَاءِ، فأرَاكَ أخَذْتَ به فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أخَذَ به رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا به، ثُمَّ أخَذَ به رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا به، ثُمَّ أخَذَ به رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ. فَقالَ أبو بَكْرٍ: يا رَسولَ اللَّهِ، بأَبِي أنْتَ، واللَّهِ لَتَدَعَنِّي فأعْبُرَهَا، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اعْبُرْهَا. قالَ: أمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلَامُ، وأَمَّا الذي يَنْطُفُ مِنَ العَسَلِ والسَّمْنِ فَالقُرْآنُ؛ حَلَاوَتُهُ تَنْطُفُ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ القُرْآنِ والمُسْتَقِلُّ، وأَمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إلى الأرْضِ فَالحَقُّ الذي أنْتَ عليه، تَأْخُذُ به فيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ به رَجُلٌ مِن بَعْدِكَ فَيَعْلُو به، ثُمَّ يَأْخُذُ به رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو به، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ به، ثُمَّ يُوَصَّلُ له فَيَعْلُو به، فأخْبِرْنِي يا رَسولَ اللَّهِ -بأَبِي أنْتَ- أصَبْتُ أمْ أخْطَأْتُ؟ قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أصَبْتَ بَعْضًا وأَخْطَأْتَ بَعْضًا. قالَ: فَوَاللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، لَتُحَدِّثَنِّي بالَّذِي أخْطَأْتُ، قالَ: لا تُقْسِمْ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 7046 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (2269) باختلاف يسير


من رحمةِ اللهِ بالمُؤمِنين أنَّه يُبَشِّرُهم ويعطيهم البشرى بإرهاصاتٍ مِثلِ الرُّؤيا الصَّادِقةِ في المنامِ؛ فرُؤيا المؤمِنِ جُزءٌ مِن أجزاءِ النبُوَّةِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ رَجُلًا أتَى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخبره أنَّه رأى في منامِه سَحَابَةً لها ظُلَّةٌ، وكلُّ ما أَظَلَّ مِن سَقِيفَةٍ ونحوِها يُسَمَّى ظُلَّةً، «تَنْطُفُ»، أي: يقطُر منها السَّمْنُ والعَسَلُ، وأنه رأى النَّاسَ يَأخُذون منها بأَكُفِّهم، وكان منهم المُسْتَكثِرُ الذي يأخُذُ كثيرًا، ومنهم المُستَقِلُّ في الأخذِ مِمَّا تَقطُرُ، فيأخُذُ قليلًا، ثم أخبر أنَّه رأى سَبَبًا -وهو الحَبْلُ- واصِلًا مِن الأرض إلى السَّماءِ، فرأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أخذ بهذا الحَبلِ وأمسك به، فارتفَعَ، ثُمَّ أمسَكَ به رجُلٌ آخَرُ فارتفع أيضًا، ثُمَّ أمسَكَ به رجلٌ آخَرُ فارتفع أيضًا، ثُمَّ أمسك به رجلٌ آخَرُ، فانْقَطَع ثُمَّ وُصِلَ.
فلما سمع أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عنه هذه الرُّؤيا، طلب من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأقسم عليه أن يترُكَه يُؤَوِّلُها ويُفَسِّرُها، وقولُه: «بأَبِي أنتَ»، أي: أُفَدِّيكَ بأَبِي، فأذِنَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في تفسيرِها، ففَسَّرها أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه بأنَّ الظُّلَّةَ الإسلامُ، والَّذِي يَقطُرُ مِن العَسَلِ والسَّمْنِ القُرْآنُ؛ حَلاوَتُه تَقطُرُ، والنَّاسُ بين مُستزيدٍ منه ومُقِلٍّ، وأمَّا الحَبلُ الواصلُ مِنَ السَّماءِ إلى الأرضِ فالحقُّ الَّذِي عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يأخذ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيُعلِيه اللهُ به، ثُمَّ يَأخُذُ به رجُلٌ مِن بَعدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيَعْلُو به، ثُمَّ يَأخُذُ به رجُلٌ آخَرُ فيَعْلُو به، ثُمَّ يأخُذُ به رجُلٌ آخَرُ فيَنقَطِعُ به، ثُمَّ يُوصَلُ له، فيَعْلُو به، هكذا فسَّرَها أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه على وَجهِ العُمومِ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أَصَبْتَ بعضًا وأخطأتَ بعضًا»، فأقسم أبو بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يخبِرَه بالذي أخطأ فيه، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا تُقسِمْ»، ولمْ يُخبِرْه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فاللهُ أعلَمُ بما أصابَ وبما أخطَأَ.
والعُلماءُ فَسَّروا هذه الرُّؤيا بأنها كانت إشارةً إلى توَلِّي الُخَلفاءِ الرَّاشِدين من بعد النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّ الرَّجُلَ الأول الذي أخذ بالحَبلِ وارتفع هو أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ثم جاء مِن بَعْدِه عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه، فأخذ الحَبلَ وارتفع به، ثم جاء الثَّالثُ فأخذ الحَبْلَ وانقطع به، ثمَّ وُصِلَ مرَّةً أخرى، وكان ذلك إشارةً إلى أنَّ عُثمانَ بنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه كاد أن يَنقطِعَ به الحَبْلُ عن اللُّحُوقِ بصاحِبَيْهِ بسَببِ ما وقَعَ له مِن فِتَنٍ، فعُبِّرَ عنها بانقطاعِ الحَبْلِ، ثُمَّ وَقَعت له الشَّهادَةُ فاتَّصَل بهم، فعُبِّر عنه بأنَّ الحَبْلَ وُصِّلَ له فاتَّصَل، فالْتَحَق بهم.
وفي الحَديثِ: سُكوتُ العالمِ عن تَعبيرِ بعضِ الرُّؤيا إذا خشِيَ منها فِتنةً على النَّاسِ أو غَمًّا.
وفيه: عدَمُ إبرارِ القَسمِ إذا كان فيه ضَررٌ.