الموسوعة الحديثية


- سألتُ الحسنَ بنَ محمدٍ عن قولِه عز وجل : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه قال : هذا مفاتحُ كلامِ اللهِ : الدنيا والآخرةُ للهِ ، قال : اختلفوا في هذين السهمين ، بعد وفاةِ رسولِ اللهِ ؛ سهمُ الرسولِ ، وسهمُ ذي القُرْبى ، فقال قائلٌ : سهمُ الرسولِ للخليفةِ مِن بعدِه ، وقال قائلٌ : سهمُ ذي القُرْبى لقرابةِ رسولِ اللهِ ، وقال قائلٌ : سهمُ ذي القُرْبى لقرابةِ الخليفةِ . فاجتمعَ رأيهم على أَنْ جعلوا هذين السهمين في الخّيْلِ ، والعُدةِ في سبيلِ اللهِ ، فكانا في ذلك خلافةُ أبي بكرٍ وعمرُ.
الراوي : قيس بن مسلم | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 4154 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح مرسل
أحَلَّ اللهُ سبحانه غَنائمَ الحروبِ للمُسلمين، وشرَع تقسيمَها وبيَّنه، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم هو المتولِّيَ لهذا الأمرِ، فكان يَقْسِمُها ويأخُذُ نصيبَه منها، ويُنفِقُ منه على أهلِه وعلى مَصالِحِ المسلِمين.
وفي هذا الحديثِ يقولُ قيسُ بنُ مسلِمٍ: "سألتُ الحسَنَ بنَ محمَّدٍ"، وهو ابنُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ الهاشميُّ، وأبوه محمَّدٌ هو المعروفُ بمُحمَّدِ ابنِ الحنَفيَّةِ وهي أمُّه، "عن قولِه عزَّ وجلَّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41]"، قال الحسنُ: "هذا مَفاتِحُ كلامِ اللهِ"، أي: إنَّ قولَه تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} ابتداءُ كلامِ اللهِ تعالى باسْمِه تَبرُّكًا، وليس المرادُ أنَّ للهِ سهمًا مِن أسهُمِ الخمسِ، ثمَّ علَّل ذلك بقولِه: "الدُّنيا والآخرةُ للهِ"، أي: إنَّ الكونَ كلَّه للهِ سبحانه وتعالى، لا خُصوصُ الخمُسِ؛ ففائدةُ ذِكرِه هنا هو التَّبرُّكُ بالانصياعِ ابتداءً لأمرِ اللهِ تعالى وتَنفيذِه كما هو بأنصبتِه، مع العِلمِ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا لا يَنالُه شيءٌ من هذِه الأموالِ، وإنَّما ينالُه التقوى من عِبادِه بطاعتِه وامتثالِ أمْرِه.
قال الحسنُ: "اختَلَفوا في هذين السَّهمَين بعدَ وفاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: اللَّذَينِ يَخرُجان مِن الخُمسِ، وهما: "سَهمُ الرَّسولِ"، أي: الَّذي كان يَخرُجُ للرَّسولِ في حياتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وسهمُ ذي القُرْبى"، أي: الَّذي كان يَخرُجُ لقرابةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فقال قائلٌ"، أي: أفتى بعضُهم بقولِه: "سهمُ الرَّسولِ للخليفةِ مِن بعدِه"، أي: يكونُ سَهمُ الخُمُسِ الَّذي كان يَأخُذُه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مردودًا إلى الخليفةِ باعتِبارِ أنَّه أصبَح خليفةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على أمورِ المسلِمين، فيَخلُفُه كذلك في سَهمِه، "وقال قائلٌ: سهمُ ذي القُربى لِقَرابةِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: يَبْقى هذا السَّهمُ كما كان عليه في عهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وقال قائلٌ: سهمُ ذي القُربى لِقَرابةِ الخليفةِ"، أي: بمِثلِ ما أُخرِجَ سهمُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للخليفةِ؛ "فاجتمَع رأيُهم"، أي: اتَّفقوا في فَتْواهم: "على أنْ جعَلوا هذين السَّهمين في الخيلِ والعُدَّةِ في سَبيلِ اللهِ"، أي: إنَّهما يُنفَقانِ فيهما، "فكانا في ذلك خِلافةَ أبي بكرٍ وعمرَ"، أي: إنَّه عُمِل بذلك في عهدِ أبي بكرٍ وعُمرَ رَضِي اللهُ عَنهما.
وفي الحديثِ: أنَّ الصَّحابةَ رَضِي اللهُ عَنه كانوا إذا أَشكلَ عليهم أمرٌ بعدَ زَمنِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم اجتَهدوا رأيَهم .