الموسوعة الحديثية


- كُنَّا عندَ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ ، فَغَضِبَ على رجلٍ مِنَ المسلمينَ ، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ عليهِ جِدًّا ، فلمَّا رأيْتُ ذلكَ ، قُلْتُ : يا خَلِيفَةَ رسولِ اللهِ ! أَضْرِبُ عُنُقَهُ ؟ فلمَّا ذَكَرْتُ القَتْلَ ، أَضْرِبُ عن ذلكَ الحَدِيثِ أَجْمَعَ إلى غَيْرِ ذلكَ مِنَ النَّحْوِ ، فلمَّا تَفَرَّقْنا ، أَرْسَلَ إِلَيَّ ، فقال : يا أبا بَرْزَةَ ! ما قُلْتُ ؟ ونَسِيتُ الذي قُلْتُ ، قُلْتُ ذَكِّرْنِيهِ ؟ قال : أَما تَذْكُرُ ما قُلْتَ ؟ قُلْتُ : لا واللهِ ، قال : أرأيْتَ حينَ رَأَيْتَنِي غَضِبْتُ على رجلٍ ! فقُلْتَ : أَضْرِبُ عُنُقَهُ يا خَلِيفَةَ رسولِ اللهِ ؟ ! أَما تَذْكُرُ ذلكَ ؟ ! أَوَ كُنْتَ فَاعِلا ذلكَ ؟ ! قُلْتُ : نَعَمْ ، واللهِ ، والآنَ إنْ أَمَرْتَنِي فَعَلْتُ ، قال : واللهِ ما هيَ لأَحَدٍ بعدَ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
الراوي : أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 4088 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

كنتُ عندَ أبي بَكْرٍ فتغيَّظَ على رجلٍ، فاشتدَّ عليهِ فقلتُ: تأذنُ لي يا خليفةَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أضربُ عنقَهُ، قالَ: فأذهَبت كلِمتي غضبَهُ، فقامَ فدخلَ فأرسلَ إليَّ فقالَ: ما الَّذي قلتَ آنفًا؟ قلتُ: ائذن لي أضربُ عنقَهُ، قالَ: أَكُنتَ فاعلًا لو أمرتُكَ؟ قلتُ: نعم. قالَ: لا واللَّهِ ما كانت لبشرٍ بعدَ محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ
الراوي : أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4363 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أفضلُ الخَلقِ، وقدْ خصَّه اللهُ تعالى بخَصائصَ جليلةٍ؛ ومِن ذلك: أنَّ مَن سَبَّه وجَبَ قتْلُه، وليس هذا لأحَدٍ غيرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو برْزَةَ رضِيَ اللهُ عنه: "كنتُ عند أبي بكْرٍ، فتغَيَّظَ"، أي: غضِبَ أبو بكْرٍ، "على رجُلٍ" لم يذكُرِ اسمَه، قيل: لأنَّه سَبَّ أبا بكْرٍ، وقيل: أغلَظَ القوْلَ له، "فاشتَدَّ"، أي: الرَّجلُ، "عليهِ"، أي: على أبي بكْرٍ وسَبَّه، أو اشتَدَّ غضَبُ أبي بكْرٍ على ذلك الرَّجلِ، "فقلتُ"؛ القائل أبو برْزَةَ: "تأذَنُ لي يا خليفَةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أضرِبُ عنُقَه"؛ لكي أقتُلَه، "قال" أبو برْزَةَ: "فأذهبَتْ كلِمَتي" هذه الَّتي قُلتُها له في استِئذانه بالقتْلِ، "غضَبَه"، أي: أذهبتْ غَضَبَ أبي بكْرٍ، "فقام" أبو بكْرٍ، "فدخَلَ" بيْتَه، "فأرسَلَ إليَّ" أحدًا ودعاني إلى بيْتِه، "فقال" أبو بكْرٍ: "ما الَّذي قلتَ آنِفًا؟"؛ عند تَغيُّظي وغَضَبي على الرَّجلِ، "قلتُ" له إنِّي قلْتُ لك: "ائذَن لي أضرِبُ عنُقَه"، أي: عنُقَ الرَّجلِ الَّذي أغضَبَكَ.
"قال" أبو بكْرٍ: "أكنتَ فاعلًا لو أمرْتُكَ؟"، أي: هل ستقتُلُه بضرْبِ عنُقِه لو أمرْتُكَ بذلك، قال أبو برْزَةَ، "قلتُ: نعم"، أي: أنِّي سأفعَلُ ذلك وأقتُلُه، "قال" أبو بكْرٍ: "لا واللهِ"، أي: لا يَجوزُ واللهِ، "ما كانت لبشَرٍ بعْد محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"، أي: هذا من خَصائصِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقط، وأمَّا غيرُه من الخُلفاءِ، والأُمَراءِ لو تغيَّظوا على أحَدٍ أو سبَّهم أحَدٌ، وأَمَروا بقتْلِه فلا يجوزُ قتْلُه.
وفي الحَديثِ: فضلُ أبي بكْرٍ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللهُ عنه وحِلْمُه، حيثُ لم يُعزِّرِ الرَّجلَ بالتَّأديبِ ونحوِه.
وفيهِ: أنَّ حكْمَ سَبِّ أبي بكْرٍ رضِيَ اللهُ عنه أو غيرِه من الصَّحابَةِ ليس كحُكْمِ سَبِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.