الموسوعة الحديثية


- أُذِن لي أن أُحدِّث عن ملكٍ من ملائكةِ اللهِ، من حملةِ العرشِ : إنَّ ما بينَ شحمةِ أُذنهِ إلى عاتقِه، مسيرةُ سبعمائةِ عامٍ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4727 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (4727)
خَلْقُ الكونِ بما فيه يَدُلُّ على عظَمةِ الخالقِ سُبْحانَه، وقد خَلَقَ اللهُ مخلوقاتٍ عظيمةً وسخَّرها بقُدْرتِه لِما شاء، والملائكةُ مِنْ تلك المخلوقاتِ الغَيبيَّةِ الَّتي لا نَعْرِفُ عنها إلَّا ما ذَكَرَه اللهُ في القرآنِ أو ما قاله رَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سُنَّتِه.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أُذِنَ لي أنْ أُحدِّثَ عن مَلَكٍ مِنْ مَلائكةِ اللهِ، مِن حَمَلةِ العَرْشِ"، أي: أَذِنَ اللهُ لي وسَمَحَ لي أنْ أُخْبِرَكُم عَن مَلَكٍ مِنْ حَمَلةِ عَرْشِ الرَّحمنِ مِنْ صِفتِه، وفي تَصديرِ الكَلامِ بهذا الإذنِ: إشارةٌ إلى أنَّه ما يأتي من الكلامِ غريبٌ على الأسماعِ، وربَّما لا يستسيغُه بعضُ النَّاسِ، فصُدِّرَ الكلامُ بأنَّ اللهَ الخالقَ العظيمَ هو الَّذي خلَقَ وأَذِنَ بالتَّحديثِ عن هذا المخلوق العجيبِ العظيمِ.
ثمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم عن هذا المَلَكِ وعن صِفتِه: "إنَّ ما بينَ شَحْمةِ أُذُنِه إلى عاتِقِه"، وشَحْمَةُ الأُذُنِ هي الطَّرَفُ اللَّيِّنُ في نهايةِ الأُذُنِ، والعاتِقُ ظَهْرُ الكَتِفِ مِن أوَّلِه معَ أَسْفَلِ العُنُقِ إلى آخِرِه معَ مُلْتَقى الذِّراعِ، "مَسيرةُ"، أي: مسافةُ "سَبْعِ مئةِ عامٍ"، أي: طولُ ذلك الجزءِ من جِسْمِ المَلَكِ، وقيل: المُرادُ التَّكثيرُ لا التَّحديدُ، وهذا مِن عِظَمِ خَلْقِ اللهِ وقُدْرتِه إذا كان هذا حَجْمُ جُزءٍ مِن المَلَكِ فكيف يَكونُ طولُ وعِظَمُ جَسَدِه؟!
وفي الحَديثِ: مُخاطَبَة النَّاسِ على قَدْرِ عُقولِهم، وإذا وُجِدتِ الضَّرورةُ لِتَحديثِهم بما فوقَ عُقولِهم، فيُمهَّد لهم الحديثُ بتَمهيدٍ مُناسِبٍ.