الموسوعة الحديثية


- عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ قال : لما خرجت الحروريةُ أتيتُ عليًّا ، فقال : ائتِ هؤلاءِ القومَ فلبستُ أحسنَ ما يكونُ من حُلَلِ اليمنِ ، قال أبو زميلٍ : وكان ابنُ عباسٍ رجلًا جميلًا جهيرًا ، قال ابنُ عباس : فأتيتُهم ، فقالوا : مرحبًا بك يا ابنَ عباسٍ ، ما هذه الحُلَّةُ ؟ قال : ما تعيبون عليَّ ؟ لقد رأيتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ أحسنَ ما يكونُ من الحُلَلِ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4037 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
الحَرُوريَّةُ هم فِئةٌ مِن الخَوارجِ، وسُمُّوا بالحَروريَّةِ نِسبةً إلى حَروراءَ، وهي مَوضعٌ قريبٌ مِن الكوفةِ، وهي البلَدُ الَّتي اجتَمَع الخوارجُ فيها أوَّلَ أمْرِهم، وفي هذا الحديثِ يَقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهُما فيهِم: "لَمَّا خرَجَتِ الحَروريَّةُ"، أي: ظهَر الخوارِجُ، "أتَيتُ عليًّا"، أي: ابنَ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنه وكان أميرًا للمُؤمِنينَ آنَذاك؛ فقال عليٌّ لابنِ عبَّاسٍ: "ائْتِ هؤلاءِ القومَ"، أي: اذهَبْ إليهِم وتكَلَّمْ معَهم وناظِرْهم؛ عَسى أن يَعرِفوا الحقَّ فيَتَّبِعوه، يقولُ ابنُ عبَّاسٍ: فلَبِستُ أحسَنَ ما يَكونُ مِن حُلَلِ اليَمَنِ"، والحُلَّةُ: تتَكوَّنُ مِن ثَوبَينِ إزارٍ ورِداءٍ، قال أبو زُمَيلٍ، وهو سِماكُ بنُ الوَليدِ أحَدُ رُواةِ الحديثِ: "وكان ابنُ عبَّاسٍ رَجُلًا جَميلًا جَهيرًا"، أي: ذا مَنظَرٍ، "قال ابنُ عبَّاسٍ: فأتَيتُهم"، أي: الحَرُوريَّةَ؛ "فقالوا: مَرحَبًا بك يا ابنَ عبَّاسٍ، ما هذه الحُلَّةُ؟"، أي: مُنكِرين على ابنِ عبَّاسٍ رفَاهِيَةَ وحُسْنَ ثِيابِه، "فقال لَهمُ ابنُ عبَّاسٍ: ما تَعيبُون علَيَّ؟"، أي: أتُنكِرون علَيَّ ثيابي؟ "لقد رَأيتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أحسَنَ ما يَكونُ مِن الحُلَلِ"، أي: بَيانًا منه أنَّ فِعْلَه كان تَأسِّيًا بفِعْلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولا مانِعَ في الدِّين أن يَكونَ الرَّجلُ جَميلًا وثوبُه جَميلًا.
في هذا الحديث: بيانٌ لِسَعَةِ عِلمِ وفَهْمِ ابنِ عبَّاسٍ وحُسنِ مُناظَرتِه؛ حيث إنَّ مَعرِفتَه السَّابِقةَ بالخَوارِجِ أنَّهم كانوا يوجِبون التَّزهُّدَ في الثِّيابِ والمظهَرِ، فقَصَد ابنُ عبَّاسٍ لُبسَ أحسَنِ الثِّيابِ مُبيِّنًا لهم سَعةَ الدِّينِ وجَهْلَهم به.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ.