الموسوعة الحديثية


- أنَّ أباه غزا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: فخرَجْتُ أنا ورجُلٌ مِن قومي لي عليه فضلٌ مِن الجمَالِ وهو قريبٌ مِن الدَّمامةِ مع كلِّ واحدٍ منَّا بُردٌ، أمَّا بُردي فبُرْدٌ خَلَقٌ وأمَّا بُردُ ابنِ عمِّي فبُردٌ جديدٌ غضٌّ حتَّى إذا كنَّا أسفلَ مكَّةَ أو بأعلاها فلقينا فتاةً مِثلَ البَكْرةِ فقُلْنا: هل نستمتِعُ منكِ ؟ قالت: وماذا تبذُلانِ فنشَر كلُّ واحدٍ منَّا بُردَه فجعَلتْ تنظُرُ إلى الرَّجلِ فإذا رآها الرَّجلُ تنظُرُ إليَّ عطَفها وقال: بُرْدُ هذا خَلَقٌ وبُرْدي جديدٌ غضٌّ فتقولُ: بُرْدُ هذا لا بأسَ به ثمَّ استمتَعْتُ منها فلم نخرُجْ حتَّى حرَّمها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
الراوي : سبرة بن معبد الجهني | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 4148 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه

 أنَّ أَبَاهُ غَزَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَتْحَ مَكَّةَ، قالَ: فأقَمْنَا بهَا خَمْسَ عَشْرَةَ؛ ثَلَاثِينَ بيْنَ لَيْلَةٍ وَيَومٍ، فأذِنَ لَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِن قَوْمِي، وَلِي عليه فَضْلٌ في الجَمَالِ، وَهو قَرِيبٌ مِنَ الدَّمَامَةِ، مع كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدٌ، فَبُرْدِي خَلَقٌ، وَأَمَّا بُرْدُ ابْنِ عَمِّي فَبُرْدٌ جَدِيدٌ غَضٌّ، حتَّى إذَا كُنَّا بأَسْفَلِ مَكَّةَ -أَوْ بأَعْلَاهَا- فَتَلَقَّتْنَا فَتَاةٌ مِثْلُ البَكْرَةِ العَنَطْنَطَةِ، فَقُلْنَا: هلْ لَكِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْكِ أَحَدُنَا؟ قالَتْ: وَمَاذَا تَبْذُلَانِ؟ فَنَشَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدَهُ، فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إلى الرَّجُلَيْنِ، وَيَرَاهَا صَاحِبِي تَنْظُرُ إلى عِطْفِهَا، فَقالَ: إنَّ بُرْدَ هذا خَلَقٌ، وَبُرْدِي جَدِيدٌ غَضٌّ، فَتَقُولُ: بُرْدُ هذا لا بَأْسَ به، ثَلَاثَ مِرَارٍ، أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَمْتَعْتُ منها، فَلَمْ أَخْرُجْ حتَّى حَرَّمَهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. [وفي رواية]: وَزَادَ قالَتْ: وَهلْ يَصْلُحُ ذَاكَ؟ وَفِيهِ: قالَ: إنَّ بُرْدَ هذا خَلَقٌ مَحٌّ.
الراوي : سبرة بن معبد الجهني | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1406 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

أسَّسَ الإسْلامُ نِظامَ الزَّواجِ الشَّرعيِّ على أقومِ الطُّرقِ لِحِفظِ النَّسلِ والأعْراضِ، ونَهى عمَّا كان مُنتشِرًا في الجاهليَّةِ من طُرقٍ للتَّمتُّعِ بالنِّساءِ بما لا يَحفَظُ لهُنَّ حُقوقَهُنَّ، وشرَعَ ذلك تَدريجيًّا حتَّى يَستقيمَ له النَّاسُ، ولا يَنفِروا دَفْعةً واحِدةً.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ سَبْرةُ بنُ مَعبَدٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه غَزا معَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَتحَ مكَّةَ في السَّنةِ الثَّامنةِ منَ الهِجرةِ، فأقاموا بها خَمسَ عَشْرةَ لَيلةً بخَمسةَ عَشَرَ يَومًا، فمَجْموعُ لَيلِها ونَهارِها ثَلاثونَ، فأَذِنَ لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مُتعةِ النِّساءِ، وهي نوعٌ من أنْواعِ الزَّواجِ، شَرطُه أنْ يَستمتِعَ الرَّجُلُ بامْرأةٍ مقابِلَ أجْرٍ يتَّفِقانِ عليه ولمدَّةٍ مَعلومةٍ، ويَنتَهي بانْقِضاءِ الأجَلِ. فخرَجَ سَبْرةُ رَضيَ اللهُ عنه، ومعَه رجُلٌ مِن قَومِه، وهو ابنُ عمِّه -كما سَيأْتي في الرِّوايةِ- وكان سَبْرةُ رَضيَ اللهُ عنه أجمَلَ مِنه، وكان الرَّجلُ الآخَرُ قريبًا منَ الدَّمامةِ، أي: قُبحِ الصُّورةِ ودقَّةِ الخَلقِ، وكان معَ كُلِّ واحدٍ منهما بُردٌ يُريدُ أنْ يُعطيَه للمَرأةِ الَّتي سيَتزوَّجُها زَواجَ مُتعةٍ، والبُردُ: كِساءٌ مُخطَّطٌ مَفتوحُ المُقدَّمِ يوضَعُ عَلى الكَتِفَينِ كالعَباءِ لكنَّه أصغَرُ مِنها، يَلتحِفُ به لابِسُه أو يَسدُلُه سَدلًا، وكانَ ثوبُ سَبْرةَ رَضيَ اللهُ عنه خَلَقًا، وهوَ الثَّوبُ القَديمُ البالي، وأمَّا بُردُ ابنِ عمِّه فكانَ جَديدًا، وظلَّا يَبْحثانِ حتَّى إذا كانَا بأسفلِ مكَّةَ، أو بأَعْلاها، فقابلَتْهما فَتاةٌ مِثلُ «البَكْرةِ العَنَطْنَطةِ»، وهي: الطَّويلةُ العُنقِ في اعْتدالٍ وحُسنِ قَوامٍ، فعرَضَا نَفْسَيْهما عَليها لتَختارَ واحدًا يَتزوَّجُها زَواجَ مُتعةٍ، وفي رِوايةٍ أنَّها سألَتْهما: «وَهلْ يَصْلُحُ ذَاكَ؟» وتَقصِدُ صحَّةَ هذا الزَّواجِ وتلك الطَّريقةِ، وهل يحِلُّ ويجوزُ ذاك الاستِمتاعُ بالمرأةِ إلى مدَّةٍ؟ فأجابَها «نعمْ»، كما في مُستَخرَجِ أبي عَوانةَ، فسألَتْهما: وأيُّ شَيءٍ تُقدِّمانِه مُقابلَ هذا الزَّواجِ؟ فبَسَطَ كُلُّ واحدٍ منهما بُرْدَه، فجَعلَتْ تَنظُرُ إلى الرَّجُلينِ تُقارنُ بينَهما، قال سَبْرةُ رَضيَ اللهُ عنها: وصاحِبي يَنظُرُ إليها وهي تَنظُرُ إلى عِطفِها، أي: جانِبها، فقالَ صاحِبي لمَّا رَآها كذلكَ: إنَّ بُرْدَ هَذا قديمٌ وبُردي جَديدٌ غضٌّ، يُريدُ بذلك اسْتِمالتَها لنفْسِه وإبْعادَها عن سَبْرةَ. وفي رِوايةٍ: قال: «إنَّ بُردَ هذا خَلَقٌ مُحٌّ»، والمُحُّ هو البالي، فتَقولُ: بُردُ هَذا الشَّابِّ لا بأْسَ به -ثَلاثَ مِرارٍ أو مرَّتَينِ- كأنَّها تُراجِعُ نفْسَها لتَختارَ الأكثَرَ شَبابًا منهما دونَ النَّظرِ إلى جَوْدةِ البُردِ، فاخْتارَتْ سَبْرةَ رَضيَ اللهُ عنه، وتَزوَّجَها زَواجَ مُتعةٍ، ويُخبِرُ سَبْرةُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَم يَخرُجْ مِن عندِها حتَّى حرَّمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِكاحَ المُتعةِ، وفي رِوايةٍ أُخْرى لمسلِمٍ: «فمكَثْتُ معَها ثَلاثًا، ثمَّ إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: مَن كان عندَه شيءٌ من هذه النِّساءِ الَّتي يَتمتَّعُ، فلْيُخَلِّ سَبيلَها».
وفي الحَديثِ: بيانُ تَحْريمِ نكاحِ المُتعةِ تَحْريمًا مؤبَّدًا بعدَ أنْ كانَ مُباحًا.
وفيه: إثْباتُ النَّسخِ في السُّنَّةِ.