الموسوعة الحديثية


- تَحَدَّثْتُ أنَا والْقَاسِمُ، عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدِيثًا وكانَ القَاسِمُ رَجُلًا لَحَّانَةً وكانَ لِأُمِّ ولَدٍ، فَقالَتْ له عَائِشَةُ: ما لكَ لا تَحَدَّثُ كما يَتَحَدَّثُ ابنُ أخِي هذا، أما إنِّي قدْ عَلِمْتُ مِن أيْنَ أُتِيتَ هذا أدَّبَتْهُ أُمُّهُ، وأَنْتَ أدَّبَتْكَ أُمُّكَ، قالَ: فَغَضِبَ القَاسِمُ وأَضَبَّ عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَأَى مَائِدَةَ عَائِشَةَ، قدْ أُتِيَ بهَا قَامَ، قالَتْ: أيْنَ؟ قالَ: أُصَلِّي، قالَتْ: اجْلِسْ، قالَ: إنِّي أُصَلِّي، قالَتْ: اجْلِسْ غُدَرُ، إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا صَلَاةَ بحَضْرَةِ الطَّعَامِ، ولَا هو يُدَافِعُهُ الأخْبَثَانِ. [وفي رواية]: عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، بمِثْلِهِ ولَمْ يَذْكُرْ في الحَديثِ قِصَّةَ القَاسِمِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 560 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
في هذا الحديثِ يَقولُ ابنُ أبي عَتيقٍ، تحدَّثتُ أنا والقاسِمُ، عندَ عائشَةَ رضِي الله عنها حديثًا، فقالتْ له عائشةُ: ما لك لا تُحَدِّثُ كما يَتَحدَّثُ ابنُ أخي هذا؟ أمَا إنِّي قد علمتُ من أين أَتَيْتَ، هذا أدَّبَته أُمُّه، وأنت أدَّبتكَ أُمُّك، واسمُها سَوْدَةُ، فلمَّا سَمِعَ القاسمُ هذا فغَضِبَ وأضبَّ عليها، أي: حَقَدَ، فلمَّا رأى مائدةَ عائشَةَ رضِي اللهُ عنها قد أُتِيَ بها قام، فسألته: أين؟ قال: أُصَلِّي، فأَمَرتْه بالجلوسِ، وقالت له: اجلِسْ غُدَرُ؛ قالت له ذلك لأنَّه مأمورٌ باحترامِها؛ لأنَّها أمُّ المؤمنين وعمَّتُه وأكبرُ منه، وناصحَةٌ له ومُؤدِّبَةٌ، فكان حقُّه أن يحتمِلَها ولا يَغْضَبُ عليها، وقيل: إنَّما سمَّتْه غُدَرَ؛ لِمَا أظهَرَ من أنَّ ترْكَه طَعامَها من أجْلِ قِيامِه للصَّلاةِ لا لأجْلِ حِقدِه عليها ممَّا قالت له وعيَّرته به من لَحْنِه وتأديبِ أُمِّه له. ثُمَّ ذَكَرَتْ له قولَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا صَلاةَ" أي: كاملةً، (بحضرةِ الطَّعامِ)، بحُضورِ طعامٍ يُريدُ أَكْلَه، وإنَّما أَمَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَبدأَ بالطَّعامِ لتَأخُذَ النَّفسُ حاجتَها منه، فيدخلَ المصلِّي في صَلاتِه وهو ساكنُ الجأْشِ لا تُنازِعُه نَفسُه شهوةَ الطَّعامِ، فيَعجَلُه ذلك عن إتمامِ رُكوعِها وسُجودِها وإيفاءِ حُقوقِها، ولا صَلاةَ كاملةً، (وهو)، أي: المصلِّي (يُدافِعُه الأخبثان)، وهو البَولُ والغائطُ، أي: لا صَلاةَ حاصِلَةً للمُصلِّي حالَةَ يُدافِعُه الأخبثان وهو يُدافعُهما؛ لما فيه من اشتِغالِ القَلْبِ به وذَهابِ كمالِ الخشوعِ .
وفي الحديثِ: أنَّ حُضورَ القلبِ والخُضوعَ مطلوبانِ في الصَّلاةِ.
وفيه: أنَّه ينبَغي للمُصلِّي إبعادُ كُلِّ ما يَشغَلُه في صَلاتِه .