الموسوعة الحديثية


-  أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِن أَصْحَابِهِ قُبِضَ، فَكُفِّنَ في كَفَنٍ غيرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ حتَّى يُصَلَّى عليه، إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إنْسَانٌ إلى ذلكَ، وَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 943 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : من أفراد مسلم على البخاري
دَفنُ العَبدِ المسلِمِ مِن إكْرامِ اللهِ تعالَى له، وقد علَّمَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه كَيفيَّةَ القِيامِ على مَوتى المُسلِمينَ؛ مِنَ الغُسلِ والتَّكْفينِ، والدَّفنِ واتِّباعِ الجِنازةِ، وغيرِ ذلك مِنَ الواجباتِ والسُّننِ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَطَبَ في أصْحابِه ذاتَ يَومٍ ووعَظَهم، فذَكرَ في خُطبتِه أنَّ رَجلًا مِن أصْحابِه ماتَ، وأنَّه كُفِّنَ في كَفنٍ حَقيرٍ أو غيْرِ كاملِ السَّترِ، وأنَّه دُفِنَ وأُدخِلَ قَبْرَه في اللَّيلِ، فزَجَرَ ونَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومنَعَ أصْحابَه عن تَكرارِ مِثلِ هذا الفِعلِ في حقِّ أخيهمُ الميِّتِ؛ وذلك لمَا له عليهم من حقوقٍ، ومن ذلك الدَّفنُ ليلًا، وإنَّما يُدفَنُ الميِّتُ نهارًا حتَّى يُصلِّيَ عليهِ ناسٌ كَثيرونَ أَكثرُ مِمَّن يُصَلُّونَ عليهِ ليلًا، أو حتَّى يُصلِّيَ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فهذا سببٌ آخَرُ لمَن مات في عهدِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو أيضًا يَقتَضي أنَّه إنْ رُجيَ بتَأخيرِ الميِّتِ إلى الصَّباحِ صَلاةُ مَن تُرْجى بركَتُه عليه.
وبيَّنَ لهم أنَّ الدَّفنَ في اللَّيلِ يَكونُ في حالةِ الضَّرورةِ، كخَشيةِ فسادِ الجسَدِ ونحوِه، ثُمَّ قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «إذا كَفَّنَ أَحدُكم أَخاه فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ»، وهوَ إِرْشادٌ وَتعليمٌ وأَمرٌ بإحْسانِ التَّكْفينِ للميِّتِ، وليْسَ المُرادُ بإحْسانِه السَّرفَ فيهِ والمُغالاةَ ونَفاستَه، وإنَّما المُرادُ نَظافتُه ونَقاؤُه، وكَثافتُه وسَتْرُه، وكَونُه مِن جنسِ لِباسِه في الحَياةِ غالبًا لا أَفخرَ مِنه وَلا أَحقرَ.
وفي الحَديثِ: الأَمرُ بإحْسانِ الكَفنِ مِن غيْرِ إِسْرافٍ وَلا تَقتيرٍ فيه.
وفيه: بيانُ ما كان عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من مُراعاةِ أحْوالِ أصْحابِه رَضيَ اللهُ عنهم، أحْياءً وأمْواتًا.