الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ خرجَ إلى بدرٍ حتَّى إذا كانَ بحرَّةِ الوبرَ لَحِقَهُ رجلٌ منَ المشرِكينَ يذكرُ منهُ جَرأةً ونجدةً فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: تُؤمنُ باللَّهِ ورسولِهِ ؟ قالَ: لا قالَ: ارجِعْ ، فلَن أستَعينَ بمشرِكٍ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 1558 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (2732)، وابن ماجه (2832)، وأحمد (6/ 67) باختلاف يسير.

خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قِبَلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كانَ بحَرَّةِ الوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قدْ كانَ يُذْكَرُ منه جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ، فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قالَ لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ، وَأُصِيبَ معكَ، قالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: تُؤْمِنُ باللَّهِ وَرَسولِهِ؟ قالَ: لَا، قالَ: فَارْجِعْ؛ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بمُشْرِكٍ. قالَتْ: ثُمَّ مَضَى حتَّى إذَا كُنَّا بالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقالَ له كما قالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كما قالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، قالَ: فَارْجِعْ؛ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بمُشْرِكٍ، قالَ: ثُمَّ رَجَعَ فأدْرَكَهُ بالبَيْدَاءِ، فَقالَ له كما قالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: تُؤْمِنُ باللَّهِ وَرَسولِهِ؟ قالَ: نَعَمْ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَانْطَلِقْ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1817 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعلَمَ النَّاسِ بأحوالِ الكفَرةِ والمشْرِكين ونِيَّاتِهم، فكان لا يَستعينُ بهم على حَربِ بعضِهم.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَج مُتوجِّهًا إلى بَدْرٍ، وكانت غَزوةُ بَدرٍ في رَمضانَ مِنَ السَّنةِ الثَّانيةِ مِنَ الهِجرةِ، فلمَّا كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «بِحَرَّةِ الوَبَرَةِ» وهي اسمُ الحَرَّةِ الغربيَّةِ بالمدينة، والحَرَّةُ: أرضٌ ذاتُ حِجارَةٍ سُودٍ؛ أَدْرَكَه رجلٌ كان النَّاسُ يَذكَرونه بالشَّجاعةِ والعَوْنِ والجُرأةِ، ففَرِحَ أصحابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ رَأَوْهُ، فلمَّا أَدْرَكَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «جِئْتُ لِأَتبعَك» أراد أنْ يُحارِبَ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أنْ يكونَ له نَصيبٌ مِنَ الغَنِيمةِ، وكان الرَّجلُ كافرًا، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «تُؤمِنُ بالله ورسولِه؟» قال: لا، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «فارْجِعْ؛ فلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشرِكٍ»، أي: على قِتالِ مُشرِكٍ غيرِه؛ فإنَّه غيرُ مأمونٍ، فشَأنُهم نَكْثُ العُهودِ والغَدْرُ، فرجَعَ الرَّجلُ، حتَّى إذا كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والمسلمون بالشَّجَرَةِ -ومَوضِعُها قَبْلَ ذي الحُلَيْفَةِ- أَدْرَكَه الرَّجلُ مرَّةً ثانيةً، فقال له كما قال أوَّلَ مرَّةٍ، فرَدَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما فَعَل أوَّلَ مرَّةٍ، فرجَع الرَّجلُ، ثُمَّ أدْرَكَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مرَّةً ثالثةً «بِالبَيْدَاءِ» وهو مَوضِعٌ مُتَّصِلٌ بذِي الحُلَيْفةِ، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما قال أوَّلَ مرَّةٍ: تُؤمِنُ بالله ورسولِه؟ فقال الرَّجلُ: نَعَمْ، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَانْطَلِقْ مع جَماعةِ المسْلِمين.
وقد ورَدَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ استعانَ ببَعضِ المشْرِكين؛ فاستعانَ بصَفوانَ بنِ أُميَّةَ قبْلَ إسلامِه، فاستعارَ منه أدْرُعًا يومَ حُنَينٍ، فقال: «أغصْبًا يا محمَّدُ؟ قال: لا، بلْ عاريَّةٌ مَضمونةٌ»، رواهُ أبو داودَ وأحمدُ، وقدْ أخَذَت طائفةٌ مِن العلماءِ بالحديثِ على إطلاقِه، أي: لم يُجِيزوا الاستعانةَ بمُشركٍ على أيِّ حالٍ، وقال آخَرون: إنْ كان الكافرُ حَسنَ الرَّأيِ في المسْلِمين ودَعَت الحاجةُ إلى الاستعانةِ به، استُعِينَ به، وحَمَلوا الحديثينِ على هذينِ الحالينِ.