الموسوعة الحديثية


- لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبيِّ} [الحجرات: 2] إلى آخِرِ الآيَةِ، جَلَسَ ثابِتُ بنُ قَيْسٍ في بَيْتِهِ، وقالَ: أنا مِن أهْلِ النَّارِ، واحْتَبَسَ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سَعْدَ بنَ مُعاذٍ، فقالَ: يا أبا عَمْرٍو، ما شَأْنُ ثابِتٍ؟ اشْتَكَى؟ قالَ سَعْدٌ: إنَّه لَجارِي، وما عَلِمْتُ له بشَكْوَى، قالَ: فأتاهُ سَعْدٌ، فَذَكَرَ له قَوْلَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ ثابِتٌ: أُنْزِلَتْ هذِه الآيَةُ، ولقَدْ عَلِمْتُمْ أنِّي مِن أرْفَعِكُمْ صَوْتًا علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأنا مِن أهْلِ النَّارِ، فَذَكَرَ ذلكَ سَعْدٌ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ هو مِن أهْلِ الجَنَّةِ. وفي روايةٍ: كانَ ثابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ خَطِيبَ الأنْصارِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ ... وليسَ فيه ذِكْرُ سَعْدِ بنِ مُعاذٍ. وفي رواية: لَمَّا نَزَلَتْ: {لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبيِّ} [الحجرات: 2]، ولَمْ يَذْكُرْ سَعْدَ بنَ مُعاذٍ. وفي رواية: وزادَ: فَكُنَّا نَراهُ يَمْشِي بيْنَ أظْهُرِنا رَجُلٌ مِن أهْلِ الجَنَّةِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 119 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (3613)، ومسلم (119).

 أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ افْتَقَدَ ثَابِتَ بنَ قَيْسٍ، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْلَمُ لكَ عِلْمَهُ، فأتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا في بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقالَ: ما شَأْنُكَ؟ فَقالَ: شَرٌّ؛ كانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وهو مِن أَهْلِ النَّارِ، فأتَى الرَّجُلُ فأخْبَرَهُ أنَّهُ قالَ كَذَا وكَذَا. [وفي رِوايةٍ:] فَرَجَعَ المَرَّةَ الآخِرَةَ ببِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقالَ: اذْهَبْ إلَيْهِ، فَقُلْ له: إنَّكَ لَسْتَ مِن أَهْلِ النَّارِ، ولَكِنْ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3613 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

كان أصْحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقِفونَ عندَ حُدودِ اللهِ تعالَى، ودائمًا ما يُراقِبونَ أنفُسَهم ويُحاسِبونَها؛ ولهذا لمَّا نزَل قَولُه تعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]، ظنَّ ثابتُ بنُ قيسٍ أنَّه هو المَقصودُ بالآيةِ، وأنَّ عمَلَه قدْ حَبِطَ، يَعني: بطَلَ؛ وذلك لأنَّ صَوتَه كان مُرتفِعًا خِلْقةً، ولأنَّه كان خَطيبَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وخَطيبَ الأنْصارِ، فكان يَرفَعُ صَوتَه في حَضْرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فظنَّ أنَّه المَقصودُ بالوَعيدِ في الآيةِ، فجَلَس في بَيتِه حَزينًا لهذا الأمرِ، فلمَّا افتَقَدَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَألَ عنه، فقال رَجلٌ مِن أصْحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أنا أعلَمُ لكَ عِلمَه»، فتَكفَّلَ بمَعرفةِ خَبرِه للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فذهَبَ إليه، فوجَدَه مُنكِّسًا رَأسَه إلى الأرضِ في بَيتِه، حَزينًا، فسَأَلَه: ما شأنُكَ؟ فأخبَرَه ثابتٌ ما به مِن الشَّرِّ؛ لأنَّه كان يَرفَعُ صَوْتَه فوقَ صَوتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقدْ تَوعَّدَ اللهُ عليه بإحْباطِ العمَلِ، وبدُخولِ النَّارِ، فرجَع الرَّجلُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأخبَرَه بذلك، فأمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَرجِعَ إليه، ويُبلِّغَه بِشارةً عَظيمةً؛ وهي أنَّه ليس مِن أهلِ النَّارِ، وأنَّه مِن أهلِ الجَنَّةِ.
وفي الحَديثِ: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لثابتِ بنِ قَيسٍ رَضيَ اللهُ عنه.